العقوبة بين الرحمة والعدل

الخميس، 04 أبريل 2019 08:12 م
العقوبة بين الرحمة والعدل
د.ماريان جرجس يكتب:

دائمًا ما تقع العقوبة بين براثن الرحمة والعدل، فكل قاضٍ وكل من هو مسئول  عن إقامة وإرساء الأحكام البشرية، أمّا أن ينّصب العدل أولا والرحمة أولا، فكلاهما لايمكن أن يكونا في المقام الأول، ولكن هناك ملفًا احتل الصدارة في أولويات الدولة المصرية لتنجح في تحقيق العدل والرحمة معًا في ثناياه وهو ملف الغارمين والغارمات  بداية من المبادرة الرئاسية " سجون بلا غارمين " وحتى القانون الذي يناقش  الآن تحت قبة البرلمان المصري تطبيقًا فعليا لتلك المبادرة.
 
ليست محاولة لإلغاء عقوبة الغرامة ولكن تحويلها من شكل إلى أخر، قد يكون أكثر نفعًا للمجتمع وهو تطبيق عقوبة الغرامة ليس في شكل حكم بالحبس ولكن بشكل أكثر آدمية ونفعًا يحول من ذلك الغارم أنسانا أكثر نفعًا له ولمجتمعة.
 
" العقوبة البديلة " و إلزام الغارم أو الغارمة مثلا بالعمل لمدة معينة مما يحقق له دخلا شهريًا من ذلك العمل ويُستقطع من راتبه بصفة شهرية جزءًا من المال لسداد غرامته وجزءًا آخر لتنمية موارد الدولة أو ما شابه.
 
فحقًا هكذا يكون  فن إدارة الدول وإدارة مواردها البشرية، فما بالنا لو نظرنا لمصير ذلك الغارم والغارمة والذين هم باللالاف  ومن قبل برامج الإصلاح الاقتصادي ، ماذا لو تٌرك هؤلاء داخل السجون  ليستسلموا لضياع المستقبل والحاضر، ليستسلموا لكل الأفكار المسمومة التي قد تبُث لهم من قبل عناصر متطرفة أو إجرامية بداخل السجون ويخرجون لنا من مواطن عادي ارتكب خطئًا إلى مواطن على أهبة الاستعداد لارتكاب كل أنواع التجاوزات القانونية.
 
إن الحفاظ على حيوات ألاف الغارمين والغارمات ما هو إلا الحفاظ على ألاف من  الأسر المصرية  من التشرد والضياع والتفكك وتقديم الشباب بتلك الأسر مادة غنية للإرهاب.
 
عوضًا عن المشاركة في الإنتاج وزيادة الناتج المحلى للفرد وغرس مشاعر الوطنية في نفوس هؤلاء وشعورهم بقيمتهم في أعين الوطن، فكلنا على مسافات متساوية من أي إنسان في كرب.
 
تتجلى هنا المرونة التشريعية وصياغة القوانين الجديدة لتستوعب الكثير من المشاكل الموجودة بالفعل، فماذا لو كانت القوانين غير قابلة للتعديل؟ لكان علينا تحمل الواقع الأليم!
 
إن المرونة التشريعية التي منحها الدستور لنفسه، بل صاغ لنفسه آليات تعديله هي ذاتها الآليات الدستورية الصحيحة التي نتبعها في أي تعديل تشريعي لصالح الفرد والمجتمع والدولة.
 
فهناك قرارات تتخذها دولة من أجل حاضرها من أجل يومها ولكن هناك قرارات أخري تتخذها من أجل غدها ومستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة مثل قانون إلغاء عقوبة الغارمين والغارمات الذي نتمنى بالفعل أن يخرج من القبة إلى النور .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق