المظلة الرقابية
الأربعاء، 27 فبراير 2019 02:23 م
"من يتردد في إنزال العقاب يضاعف عدد الأشرار" ذلك القول المأثور لخص فلسفة الإثابة والعقاب، مبدأ غاب عن مشهد الدولة لعقود كثيرة، كان سببًا رئيسيًا في إثقال كاهل المواطن وجعل حقه لقمة سائغة بين أنياب الطمع وجشع بعض التجار والكيانات التجارية بكل أنواعها.
من الممكن أن يتكبد المواطن ثمن سلعة واحدة باهظة ولكن في المقابل حقه في خدمه ما بعد البيع والصيانة والضمان ضد عيوب الصناعة، يخفف من العبء المادي الذي يتحمله، وذلك على الصعيد الخدمي أيضًا وليس السلع الاستهلاكية فقط.
وعلى الرغم من استمرار المواطن في تقييم رغد العيش بمعيار الأسعار ولكنى أرى أن ملامح المجتمع المصري من الناحية الاستهلاكية والخدمية تتغير تمامًا، بات يؤكد على حق المستهلك ضامنًا له حماية أوسع وأشمل، فما بالنا لو غابت تلك المظلة الرقابية وباتت علاقة المواطن والتاجر أو مقدم الخدمة بلا رقابة أو ردع أو حماية، ففي تلك الحالة سنجد أنفسنا نتكبد أكثر من سعروا حد للسلعة وأكثر من ثمن واحد لنفس الخدمة.
تلك المظلة الرقابية المتمثلة في مؤسستين تعملان في صمت ومهنية ، عمل دءوب دون توانٍ في صمت،لصالح المواطن؛ الرقابة الإدارية وجهاز حماية المستهلك، هاتان المؤسستان تخلصا من البيروقراطية والتكاسل والتباطؤ كحال كل المؤسسات وأصبحت كل مؤسسة منهما تتخطي كل العراقيل والإجراءات المعطلة لتردع كل من يتجاوز في حق القانون أو مقدم الخدمة للمواطن، تجاه أي تجاوز من أي شخص يتعامل مع الجمهور، تجاه كل من تسول له نفسه بتعطيل خدمات المواطن أو ابتزازه أو طلب مقابل مادي غير قانوني أو مساومته ، فالدولة المصرية لايمكن أن تُختزل علاقتها بالمواطن المصري من خلال بعض المتجاوزين.
وعلى نفس المنوال وعلى نفس النهج يعمل جهاز حماية المستهلك من خلال الخطوط الساخنة والتي في متناول الجميع طوال أيام الأسبوع لتلقى شكاوي المستهلكين والمتضررين من تجاوزات بعض التجار أو تقاعس بعض المحال التجارية عن تنفيذ قوانين حماية المستهلك سواء في استبدال سلعة أو استرجاع أخري أو خدمة ما بعد البيع و الصيانة أو تجاوز شركات الهواتف المحمولة.
وفضلا عن ضمان حق المستهلك والمواطن في الخدمة والسلعة المباعة، فان مهمة هذين الجهازين هي مهمة عظيمة في تأثيرهما كمؤسسات وطنية معنويًا مما يٌشعِر المواطن بقيمته كمواطن مصري، وذلك من أهم أولويات الدولة المصرية اليوم ؛ إشعار المواطن بقدره لدى الدولة، إيمانا بحقه في العيش الكريم مما يرسخ الوطنية في نفوس الأطفال قبل الكبار.
فمثل كفتى الميزان؛ كلما زادت قوة المظلة الرقابية ردعًا للمتجاوز، زادت مساحة المواطن في العيش الكريم وإحساسه بالعدل والكرامة في نسمات عليلة من نسمات الوطن الحقيقي الذي يستطيع أن يحتضن ويستوعب الآم ومعاناة المواطن المصري.