دينا الحسيني تكتب: ليس من سمع كمَن رأى.. ماذا سيقول ماكرون للعالم بعد زيارة العريش؟
الثلاثاء، 08 أبريل 2025 07:50 م
جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش بشمال سيناء، ولقاوئهما بالمصابين الفلسطينيين في مستشفى العريش لتكشف الحقيقة الواضحة: أن مصر لم تغلق المعبر في وجه المصابين والجرحى كما زُعم، بل كانت ولا تزال تستقبل الحالات الإنسانية من قطاع غزة، وتوفر لهم الرعاية الطبية في مستشفياتها، وعلى رأسها مستشفى العريش العام، الذي كان ولا يزال في طليعة الجهات التي تستقبل وتُعالج أبناء فلسطين بكل حب واهتمام.
ماكرون رأى بعينيه ما تقوم به مصر من جهد إنساني كبير، بدءًا من تأمين عبور المصابين، وصولًا إلى تقديم الرعاية الصحية الكاملة لهم. وهي خطوة مهمة ليس فقط من الناحية الإنسانية، ولكن أيضًا من الناحية السياسية، لأنها تؤكد بالدليل القاطع أن مصر لا تتخلى عن دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، وأنها تعمل بصمت وفعالية بعيدًا عن المزايدات والشعارات الجوفاء.
والسؤال الأن ماذا سيقول الرئيس الفرنسي لقادة الغرب عن زيارته إلى العريش؟ .. بالطبع سينقل ما رآه:
«عدت من مصر وأنا أحمل رؤية مغايرة تمامًا لما كان يُروّج عن دورها في أزمة غزة". بهذه العبارة قد يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حديثه في إحدى جلساته المغلقة مع قادة أوروبا والغرب، بعد زيارته المفاجئة إلى العريش ولقائه بعدد من المصابين الفلسطينيين في مستشفى العريش. زيارة كانت كفيلة بنسف كم هائل من الادعاءات التي حاول البعض الترويج لها خلال الأشهر الماضية، إما جهلًا بالحقيقة أو رغبةً في تشويه الدور المصري.
سيقول ماكرون: «لن أكون شاهد زور. ما رأيته في العريش يستحق الإشادة، لا التشكيك. وعلى أوروبا أن تراجع مواقفها. إن كنا حقًا نريد السلام، فعلينا أن ندعم من يعمل لأجله على الأرض لا من يتكلم عنه من خلف المكاتب».
يواصل ماكرون حديثه بثقه: «كنت أظن مثل كثيرين أن المعبر مغلق، وأن مصر ترفض استقبال المصابين من غزة، لكنني رأيت بعيني ما لم تنقله الكاميرات الغربية. رأيت سيارات الإسعاف المصرية جاهزة لاستقبال الجرحى، رأيت الطواقم الطبية تعمل ليل نهار، ورأيت تعاطفًا صادقًا لا مجال فيه للمزايدة».
ثم يتوقف لحظة، ينظر حوله، ويقول بنبرة أكثر حزمًا: «مصر لم تُغلق المعبر كما يُقال. ما رأيته هناك هو عكس ما قرأته في تقارير كثيرة. المعبر لم يُغلق أمام الجرحى ولا أمام الحالات الحرجة. كان هناك تنظيم، لا تقاعس. ترتيب، لا تهاون. هذه حقيقة يجب أن تُقال»
ويتوقف ماكرون عن الكلام للحظة، كما لو كانت صور الجرحى الفلسطيني الذين ألتقى بهم في مستشفى العريش ما زالت تطارده، ثم يقول بصوت منخفض: «ما لن أنساه أبدًا ليست فقط مشاهد المصابين، ولكن تلك النبرة في أصواتهم. عدت من الزيارة ، وأنا أحمل في داخلي شيئًا تغيّر. لم أذهب هناك لأداء واجب بروتوكولي، بل لأرى الحقيقة على الأرض ووجدتها مختلفة تمامًا عما نسمعه في الأخبار أو نقرأه في بعض التقارير.
رأيت أطفالًا فقدوا عائلاتهم في غارات لا تميز بين مدني ومسلح. رأيت عجائز مكسورة تنظر إلينا كأننا آخر أمل. رأيت وجعًا لا يُمكن وصفه بالكلمات. هناك نبرة في صوت الطفل الذي فقد أمه وأخته وهو يقول لي «كنا بناكل لما وقع البيت فوقينا» ، هؤلاء ليسوا ضحايا حرب فقط، بل ضحايا صمتٍ دولي، ومواقف رمادية.
في مستشفى العريش، لم أجد أبوابًا مغلقة كما ادعى البعض. بل رأيت جهدًا مصريًا حقيقيًا، صامتًا، نبيلًا، يُقدّم العلاج والرعاية رغم الضغط الهائل والإمكانيات المحدودة. لقد كانت مصر ولا تزال الشريان الإنساني الوحيد الذي يصل إلى غزة، في وقت اكتفت فيه دول كثيرة بالمشاهدة وإصدار بيانات القلق.
وقد يضيف: «من السهل جدًا أن تُصدر بيانات شجب وتلعب دور المتفرج من بعيد، لكن مصر كانت على الأرض، بين الجرحى، على خط النار، تتحمل العبء وتقدم الدعم الحقيقي. هناك فرق كبير بين من يطلق التصريحات ومن يقدم الفعل».
وفي حديثه عن الإعلام الغربي، لن يتردد ماكرون في القول: «لقد ابتلعنا روايات جاهزة عن غلق المعبر وعن تواطؤ مصري مزعوم، بينما الحقيقة كانت أن مصر كانت تحاول الموازنة بين حماية أمنها القومي وتقديم أقصى دعم ممكن للفلسطينيين. هذه ليست معادلة سهلة في ظل ما يحدث».
وسيختتم حديثه بتحذير واضح لقادة الغرب: «قبل أن نُصدر الأحكام ونُحمل الاتهامات، علينا أن نكون على الأرض. مصر لا تحتاج إلى شهادة منا، لكنها تستحق احترامًا أكبر من هذا التشكيك المتواصل. لقد رأيت الحقيقة، وعليكم أن ترونها أنتم أيضًا».
وقد يُوجه ماكرون رسالته تحديدًا لبعض الدول الأوروبية المتنمرة إعلاميًا على مصر: «كفانا ازدواجية. من السهل أن تُحمّل دولة مثل مصر ما لا تحتمل، بينما أنتم هنا، على بعد آلاف الكيلومترات، تكتفون بالكلام. مصر تدفع ثمن موقعها، وتتحمل ما لا نتحمله نحن».