علوم مسرح الجريمة.. البصمة الوراثية بين الفقه الاسلامى والقانون
الأحد، 19 أغسطس 2018 02:00 ص
البصمة الوراثية هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية، وهي التي تميز كل فرد عن غيره وبتعريف أسهل لكم فإن البصمة الوراثية أو مايعرف بـDNA وهذا الحمض موجود فى نواة الخلية وهي مادة عضوية توجد فى كروموسومات الخلية «حاملة الوراثة».
وثبت بالتجارب العلمية أن لكل شخص رسماً معيناً لهذه DNA داخل نواة الخلية ولعل مرجع ذلك أن DNA فى الخلية تشمل جميع الكروموسومات بداخل نواة الخلية وتشكل تلك الكروموسومات نظاماً، وهذا النظام أو الترتيب لهذه الجينات هو الذى يحدد خصائص كل فرد باعتبار أنها تختلف من شخص لآخر ولايمكن أن تتشابه البصمة الوراثية إلاّ في التوائم الذين تكونوا من نفس البويضة و تُستخرَج عينة الـ DNA من نسيج الجسم أو سوائله «مثل الجلد أو الشعر، أو الدم، أو اللعاب أو المني» .
«صوت الأمة» رصدت فى التقرير التالى استخدامات البصمة الوراثية الــ ، وموقف الفقه الإسلامي من استخدام البصمة الوراثية DNA، وموقف بعض التشريعات من البصمة الوراثية-بحسب المحكم الدولى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم-.
اقرأ أيضا: علوم مسرح الجريمة.. متى تعتبر الآثار المادية دليل أو قرينة؟
تعد البصمة الوراثية هي نتيجة التطورات البحثية في مجال الطب من حيث إكتشاف الصفات الوراثية في الشخص التي تحملها الكروموسومات والتي يتعذر تشابه شخصين في الصفات الوراثية – عدا التوائم المتشابهة – وهي أكثر دقة وأكثر توفراً من بصمات الأصابع.
«استخدامات البصمة الوراثية الــ DNA »
أثبتت البصمة الوراثية فعاليتها فقد باتت معظم أجهزة الأمن في أوروبا إلى تعميم استخدامها كدليل في البحث الجنائي وتحديد هوية الأشخاص عوضاً عن الطريقة التقليدية باللجوء إلى بصمة الأصابع التي لا تكون سليمة وقاطعة فى بعض الأحيان، هذا فضلا على أن أكثر اللصوص باتوا يرتدون القفازات خلال تنفيذ عمليات السطو والسرقة وربما يغطون أو يكسون أصابعهم ببصمات اصطناعية من البلاستيك يكون من شأنها تعقيد وإرباك جهات الشرطة والتحقيق أو يلجأون إلى محو بصمات أصابعهم (الخطوط الحلمية البارزة) بالأحماض والمواد الكيميائية بغرض التضليل أيضا-وفقا لـ«قاسم»-.
كما تستخدم البصمة الوراثية في مجالات عديدة منها الطب الشرعي حيث يمكن الفصل في جرائم القتل والاعتداء الجنسي إلى جانب هذا فإن البصمة الوراثية يمكن استخدامها في إثبات البنوة حيث لابد من تطابق أنسجة الطفل مع أنسجة الأب والأم حيث إن نمط الحمض النووي للطفل هو مركب مشترك من نمط الحمض النووي للأم ونمط الحمض النووي للأب، فجميع مكونات الحمض النووي الموجودة في نمط الطفل حصل عليها من أبيه وأمه .
هذا إلى جانب التطبيقات العديدة في الطب كالتعرف على الطفرات الجينية وعلاقتها بظهور أمراض معينة أو ضرورة وجود دليل معين في حالات نقل الأعضاء وكذلك للتعرف على الكائنات الممرضة هذا إلى جانب التطبيقات الأخرى في مجالات الثروة الحيوانية والزراعة-طبقا لـ«قاسم»-.
اقرأ أيضا: علوم مسرح الجريمة.. مخلفات إطلاق السلاح فى الحوادث و تحديد مسافات و إتجاهات الإطلاق
«موقف الفقه الإسلامي من استخدام البصمة الوراثية »
ذهب الجمهور من العلماء المعاصرين إلى أنه لا يجوز الالتجاء إلى البصمة الوراثية إلا في الحالات التي يحصل فيها التنازع في النسب بسبب اختلاط المواليد في المستشفيات، أو عند الاشتباه في حال أطفال الأنابيب، وغير ذلك من الحالات ووفق ضوابط معينة منها :
• عدم استخدام البصمة في التأكد من نسب ثابت.
• عدم استخدام البصمة بديلاً عن الوسائل الشرعية لإثبات النسب .
• عدم إجراء التحاليل إلا بإذن من الجهة الرسمية المختصة.
• توافر جميع الضمانات المعرفية و المخبرية حتى تكون النتائج يقينية.
و خلاصة القول بأن جمهور الفقهاء المسلمين أجمعوا بجوازية الإستفادة من علم البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي و إن كان بعضهم أقره في قضايا النسب و البنوة فقط .
« موقف بعض التشريعات من البصمة الوراثية »
لقد تم استخدام البصمة الجينية لأول مرة فى قضية Pitchfork بالمملكة المتحدة، فبفضل أثار لسوائل الجسم الحيوية المأخوذة من أجسام المجنى عليهم قضى بإدانة المتهم، كما استخدمت في فرنسا في التعرف على جاني في قضية إغتصاب طالبتين أمريكيتين و كذلك في إنجلترا و التشريع الدنماركي و القانون الألماني الذي يأخذ بإمكانية إخضاع المتهمين للفحص الشخصي بناء على أمر من القاضي إن وجدت دلائل قوية على ضلوعهم في جرائم تستدعي إخضاعهم لفحص البصمة الوراثية، إضافة للقانون الأمريكي والنرويجي و الهولندي و الاسكتلندي ، وقد أصدر المجلس الأوروبي في عام 1991م توصياته باستخدام علم البصمة الوراثية في الإثبات و النفي الجنائي وفق ضوابط معينة .
اقرأ أيضا: علوم مسرح الجريمة: آلية الإطلاق من السلاح إلى كشف الجناة
أما عن البلدان العربية فقد أخذت به بعض الدول في الإثبات و النفي الجنائي فقد لجأت اليه جمهورية مصر العربية التي تعتبر من أوائل الدول العربية التي أدخلت البصمة الوراثية فى المحاكم الجنائية لتستخدم كدليل فى تحديد هوية المجنى عليه فى جريمة قتل ، كما استخدمت تقنية تحليل DNA بأخذ عينات دم من أقارب ضحايا الطائرة المصرية التى سقطت بالقرب من شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية عام 1999و كذلك المملكة الأردنية و دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت .
«موقف القضاء العماني من البصمة الوراثية»
لم يكن هناك موقفاً واضحاً و ثابتاً للقضاء العماني في استخدام البصمة الوراثية كدليل يعتد به في الأحكام و تعتبر البصمة الوراثية قرينة وليست دليلاً حالها كحال بصمة الأصابع وإن كانت الأخيرة أكثر شيوعاً في الاستخدام ، فقد اخذت بعض الأحكام بالبصمة الوراثية في إثبات النسب و بعضها الآخر لم يلتفت لها .
وفي القضايا الشرعية كقضايا إثبات النسب فإن القانون لم ينص صراحة على اللجوء لعلم الجينات في الإثبات أو نفي النسب بينما نص المشرع العماني في قانون الاحوال الشخصية في المادة 78 و المادة 79 التي جاء فيها :
أ- للرجل ان ينفي نسب الولد باللعان خلال شهر من تاريخ الولادة أو العلم بها ، شريطة أن لا يكون قد أعترف بأبوته صراحة أو ضمناً اًو تقدم الدعوى خلال شهرين من ذلك التاريخ.
ب- يترتب على اللعان نفي نسب الولد عن الرجل ويثبت نسب الولد ولو بعد نفيه إذا كذب الرجل نفسه
فنص المادة سالف الاشارة اليها قد افصح صراحة أنه بغير اعتراف الأب بالبنوة أو تكذيبه لنفسه فإنه يقام اللعان وفق شروطه، أما بخصوص البصمة الوراثية أو DNA فأنها تعد قرائن وليست دليلاً في الإثبات وذلك لأنها ظهرت حديثاً ولم يقرر العلماء باستحالة تشابهها كما هوالحاصل في أنه قد تتشابه البصمة الوراثية بين التوائم، وبما أن نص المادة صريحاً وبما أنه من الأساس لم يعتد بالبصمة الوراثية DNA كأحد أدلة الإثبات فلا يمكن الاحتكام إليها بمجرد وقوع اللعان وكما أن دعوى اللعان من الخطورة وعدم تقبلها من قبل المجتمع فلا تُثار إلاّ أذا كانت هنالك أدلة تقطع الشك بصحتها، ولا تثار من مجرد الشك بذلك كاستحالة تلاقي الزوجان مثلاً، أو عدم قدرة الأب على الإنجاب.