«لو بتفكر تقتل».. علوم مسرح الجريمة تكشف القاتل حتى لو أخفى الجثة
الأحد، 03 يونيو 2018 03:48 م
عادة ما يرتكب الجاني جرمه المتمثل في «القتل»، يعمل جاهداَ على إخفاء جثة القتيل ومسح جميع آثار الدماء المتعلقة بجريمته، ما يؤدي بدوره إلى بذل جهود مستميتة من قبل النيابة العامة للوصول إلى الجاني، فهل يفلت المجرم بجريمته جراء هذا الفعل؟، لكن علوم مسرح الجريمة لها رأي آخر.
يبنى كثير من التحقيقات في الجرائم المرتكبة على مبدأ «لا توجد جريمة من دون دليل»، ويظهر ذلك المبدأ جليا عند التحقيق في الجرائم التي يتخللها عنف، حيث يستطيع القاتل مداراة جريمته بإخفاء الجثة ومسح جميع الآثار المتعلقة بجريمته، ولكن إن لم يفطن إلى إزالة بقع الدماء فستكون هناك أدلة باقية كفيلة بأن توقع به، لأنها ستظل في مكانها لسنوات وسنوات دون أن يعلم بها أو يلاحظها أحد باستخدام بعض المواد الكيميائية
يعمل الطلاء الفسفوري (لومينول) على إظهار بقع الدماء المزالة من مسرح الجريمة عن طريق التفاعل الكيميائي بين الطلاء الفسفوري والهيموقلوبين والأوكسجين الذي يحمل البروتين إلى الدم، ويبدو مظهر البقع بعد إضافة الطلاء في شكل ضوء متوهج. ويحدث التفاعل الكيميائي كالآتي:
بعد أن تتحلل الجزيئات تتحد الذرات لتكوين جزيئات بديلة، إلا أن الجزيئات التي تحللت تتمتع بطاقة أكبر من تلك الجزيئات البديلة، وهنا تعمل الجزيئات البديلة بالتخلص من الطاقة الزائدة في شكل فوتونات ضوئية، وتعرف هذه الظاهرة بالتلألؤ الكيميائي، وهي الظاهرة الكيميائية نفسها التي تحدث لدى الحشرات المضيئة، والتي اقتبس منها عمل العصا المضيئة. العنصر الأساسي في هذا التفاعل هو مركب اللومينول، وهي مادة في شكل بودرة تتكون من النيتروجين والهيدروجين والأوكسجين والكربون، ومع إضافة سائل يحتوي على بروكسيد الهيدروجين.
يوضع الخليط على علبة بخاخ يرش بها مسرح الجريمة، وللحصول على توهج وإضاءة مستمرين يبحث الخليط عن العناصر التي تعمل كمنشطات لاستمرار فعالية التفاعل، وفي هذه الحالة تقوم مادة الحديد الموجودة ببقايا الهيموجلوبين بهذا الدور. دماء مضيئة عند إجراء اختبار الطلاء الفسفوري يعمل المحققون على رش المنطقة التي يشتبه بها بالخليط، وما إن يتحد خليط اللومينول مع الهيموغلوبين حتى يعمل عنصر الحديد الموجود بالهيموغلوبين على تنشيط التفاعل بين بروكسيد الهيدروجين واللومينول.
وفي هذا التفاعل الأوكسجيني يتخلص اللومينول من ذرات الهيدروجين والنيتروجين ويكتسب مزيدا من ذرات الأوكسجين، وينتج عن ذلك مركب يسمى «الأفثالين الأميني» في شكل نشط، وذلك لأن الإلكترونات في ذرات الأوكسجين تندفع نحو المدارات العليا وتنخفض الإلكترونات سريعا إلى أدنى درجات طاقتها ويقذف بالطاقة الزائدة في شكل فوتونات ضوئية. فما على المحققين سوى إبقاء المكان مظلما وإضافة المادة، فإذا كانت هناك جريمة قتل لا بد من وجود آثار دماء، وسيكون التوهج الناتج عن هذه الدماء هو الخيط الذي سيقودهم في تحقيقاتهم إلى الخروج باستنتاجات تساعدهم على كشف ملابسات القضية، ولكن يتوجب عليهم إجراء مزيد من التحقيقات للتأكد من أنها دماء بشرية، فاللومينول يعد إحدى الخطوات في التحقيق إلا أن دوره يعد كبيرا في الكشف عن كثير من جرائم القتل.