خلي بالك لو كنت صاحب أملاك.. هل يجوز بيع ملك الغير؟
الجمعة، 20 يوليو 2018 08:00 م
تغيب العديد من المصطلحات القانونية عن المواطن العادى، وبمجرد سماعها يعتقد البعض أنها عبارات ومصطلحات قانونية جديدة ومبتكرة لم تكن موجودة من قبل مثل «الإعسار» و«التفريد»، فضلاَ عن ما يطلق عليه فى القانون بالبيع بـ «الجدك» أو «الكدك» في القانون المدني وفي قانون إيجار الأماكن.
«صوت الأمة» فى التقرير التالى رصدت معلومة قانونية فى غاية الأهمية قد تكون غائبة عن عدد ليس بالقليل من المواطنين وهو ما يعرف بـ«بيع ملك الغير» من حيث الماهية والشروط والأركان، وأحكام دعوى بطلان بيع ملك الغير، وبيع ملك الغير كأحد طرق النصب التى يستغلها البعض-بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم.
أولا/ التعريف ببيع ملك الغير: «بيع ملك الغير هو أن يبيع شخص شئ أو حقا ماليا لا يملكه إلى شخص آخر مقابل ثمن من النقود»، وبيع ملك الغير ليس باطلا بطلانا مطلقا لأنه تلحقه «الإجازة» فيتحول العقد صحيح إذا أجازه المشتري بعد علمه بعدم ملكية البائع للمبيع أو إذا أجازه المالك الحقيقي للشيء المبيع أو إذا تملك البائع الشئ المبيع بعد بيعه للمشتري –وفقا لـ«حليم».
ثانيا أثر عقد بيع ملك الغير في العلاقة بين البائع والمشتري
بيع ملك الغير يكون قابلا للإبطال لصالح المشتري سواء كان المشتري يعلم بملكية البائع للمبيع أو لا يعلم بذلك فعلم المشتري بملكية المبيع للبائع أو عدم ملكيته يتوقف عليه استحقاق التعويض، فإذا كان المشتري يعلم أن البائع لا يملك المبيع وقت البيع فله حق طلب إبطال البيع ولكن يمتنع عليه المطالبة بالتعويض عن الإبطال، أما إذا كان المشتري لا يعلم ملكية البائع للمبيع وقت البيع فله طلب إبطال العقد مع حق مطالبة البائع بالتعويض.
اقرأ أيضا: س و ج.. كل ما تريد معرفته عن التفريد العقابي وأنواعه
يتحول- بحسب «حليم»- عقد بيع ملك الغير إلى عقدا صحيحا إذا أجازه المشتري بعد علمه بعدم ملكية البيع للمبيع أو إذا تملك البائع للمبيع بعد بيعه للمشتري، لأنه في هذه الحالة لا يكون هناك مبرر لطلب إبطال البيع لأن البائع إذا تملك المبيع فإنه يستطيع أن ينقل ملكيته للمشتري، وبذلك يتحقق الغرض الأساسي من عقد البيع، لا يستطيع أيضا المشتري طلب إبطال بيع ملك الغير إذا أجاز المالك الحقيقي للمبيع البيع، وفي هذه الحالة تنتقل ملكية المبيع للمشتري من المالك الحقيقي وليس من البائع لأنه لا يستطيع أحد أن ينقل شئ لا يملكه «فاقد الشئ لا يعطيه».
ثالثا: آثر عقد بيع ملك الغير بالنسبة للمالك الحقيقي
بيع ملك الغير لا يؤثر على المالك الحقيقي للمبيع ولا يلزمه بشئ فإذا باع شخص شيئا لا يملكه فإن هذا البيع يلزم البائع ولا يلزم مالك الشئ، ويتحول البيع إلى بيع صحيح وتنشأ علاقة بين المشتري والمالك الحقيقي للشئ إذا أجاز هذا المالك البيع، والإجازة في هذه الحالة ليس لها أثر رجعي فيكون العقد صحيحا وملزما لمالك الشئ الحقيقي من تاريخ اجازته للبيع، ويجوز الإتفاق على غير ذلك.
النصوص القانونية التي تحكم بيع ملك الغير:
تنص المادة من القانون المدني
1- إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه ، جاز للمشتري أن يطلب أبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار، سجل العقد أو لم يسجل.
2- وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد.
تنص المادة من القانون المدني:
1- إذا أقر المالك البيع سري العقد في حقه وانقلب صحيحا في حق المشتري.
2- وكذلك ينقلب العقد صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.
تنص المادة من القانون المدني:
إذا حكم للمشتري بإبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع ، فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية.
أحكام دعوى بطلان بيع ملك الغير
يحكم دعاوى بيع ملك الغير- وهما نوعين من الدعاوى استقر عندهم الفقه والعمل القضائي - دعوى إبطال عقد البيع لوروده علي مال مملوك لغير البائع وبالأدق للغير ودعوى عدم نفاذ التصرف بالبيع في حق المالك الحقيقي - عدة مبادئ استخلصت مما استقر عليه الفقه الغالب واتجاه محكمة النقض بل وقضاء الموضوع، هذه المبادئ هي عشر مبادئ نوردها مشفوعة بتطبيقات مؤكدة لها:
المبدأ الأول: بيع ملك الغير لا يقع باطلاً بقوة القانون، وإنما يكون قابلاً للإبطال لمصلحة شخص محدد هو المشتري لهذا الملك، خلاصة هذه المبدأ أن بطلان بيع ملك الغير مقرر لمصلحة المشترى و من ثم فيكون له دون غيره أن يطلب إبطال العقد.
المبدأ الثاني: بيع ملك الغير لا يقع باطلاً بقوة القانون
ذكرنا ذلك، ونزيد أن ما يترتب علي عدم وقوع البطلان هو أن يبقي عقد البيع- ما لم يثبت المشتري أن المبيع مملوك لأخر - يبقى قائماً منتجاً لآثاره القانونية كاملة.
المبدأ الثالث: للمشترى في بيع ملك الغير- بدلاً من أن يطلب إبطال عقد البيع لورده علي مال مملوك للغير- أن يطالب البائع بتنفيذ التزاماته ومنها علي سبيل التمثيل التسليم و القيام بما هو ضروري لنقل الملكية، و يعد هذا منه إجازة للعقد بمعني أنه لا يجوز له بعد المطالبة بتنفيذ العقد أن يطلب إبطاله لوردوه علي مال مملوك للغير.
المبدأ الرابع: إذا كان المشترى على علم وقت البيع بأن البائع لا يملك المبيع لا يكون له الحق في أي تعويض، لكن له أن يطالب بإبطال البيع ويسترد الثمن تبعا لذلك، إذا كان المشترى على علم وقت البيع بأن البائع لا يملك المبيع كان له أن يطـالب بإبطال البيع ويسترد الثمن تبعا لذلك ولكـن لا يكون له الحق في أي تعويض.
المبدأ الخامس: في حالة تعدد الملاك يسري عقد بيع ملك الغير في حق الملاك الحقيقيين إذا أجازوا هذا العقد طبقاً للمادة مدني.
المبدأ السادس: ينقلب عقد بيع ملك الغير صحيحا في حق المشترى إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.
وفي إقرار ذلك المبدأ قررت محكمة النقض: عقد بيع ملك الغير - إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشترى- و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى قائماً منتجاً لآثاره بحيث يكون للمشترى أن يطالب البائع بتنفيذ ما يترتب على العقد بمجرد انعقاده و قبل تسجيله من حقوق و التزامات شخصية، و تنتقل هذه الحقوق و تلك الالتزامات من كل من الطرفين إلى وارثه، فيلتزم وارث البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشترى أو إلى وارثه، كما يلتزم بضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه... وهذا البيع ينقلب صحيحاً فى حق - المشترى - بأيلولة ملكية المبيع إلى - البائع أو ورثته - بعد صدور العقد عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة من القانون المدني.
المبدأ السابع: بيع الشريك المشتاع لقدر مفرز من نصيبه لا ينفذ في حق باقي الشركاء بل يظل معلقاً على نتيجة القسمة، إلا أنه يعتبر صحيحاً ونافذاً في حق الشريك البائع و منتجاً لآثاره القانونية على نفس المحل المفرز المتصرف فيه قبل القسمة أما بعد القسمة فاستقرار التصرف على ذات المحل رهين بوقوعه فى نصيب الشريك البائع فإن وقع فى غير نصيبه ورد التصرف على الجزء الذي يقع فى نصيبه نتيجـة للقسمة.
المبدأ السابع: لا يسري بيع ملك الغير في حق المالك للعين المبيعة، وقضي في تأكيد هذا المبدأ: من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمالك الحقيقي أن يطلب طرد المشترى من ملكه، لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ فى مواجهته كما أن له أن يطلب ريع ملكه من هذا المشترى عن المدة التي وضع يده فيها عليه.
المبدأ الثامن: أحكام بيع ملك الغير لا تتعلق بالنظام العام - ونعني البطلان المترتب علي بيع ملك الغير - فهو ليس بطلان متعلق بالنظام العام وإنما حق في الإبطال مقرر لمصلحة المشتري لملك الغير.
المبدأ التاسع: لا يجوز التمسك بإبطال العقد متي كان من الممكن نقل الملكية حقيقة إلى المشتري وإلا عد ذلك تطبيقاً للتعسف في استعمال الحق.
المبدأ العاشر: مدة تقادم دعوى إبطال عقد بيع ملك الغير خمسة عشر سنة.
هل يُعد بيع ملك الغير كأحد طرق النصب؟
التجريم فى بيع ملك الغير
جرمت المادة 336 من قانون العقوبات التصرف منقول أو عقار مملوك للغير، وذلك بالنص على الأتى:
التصرف فى عقار أو منقول ليس مملوكا للجانى ولا له حق التصرف فيه:
قرر المشرع قيام تلك الجريمة من المتصرف بمجرد التصرف فى مال مقول أو ثابت ليس مملوك لة ولا له حق التصرف فيه ومن استطلاع نص المادة نجد أن المشرع اشترط توافر عنصران هما:
أولا: التصرف فى عقار أو منقول.
ثانيا: ألا يكون مملوكا للجانى ولا يملك حق التصرف فيه
أولا: التصرف فى عقار أو منقول
التصرف المقصود من المادة هو كافة التصرفات التى تصدر من المالك فى ملكة للمنقول والثابت والتى منها نصرف بالبيع المنصوص عليه فى القانون المدنى، وكذا التصرف بتقرير حقوق أصلية على هذا المنقول أو العقار مثل حق الإرتفاق أو الإنتفاع أو حق عينى كالرهن.
أما إذا كان المتصرف قد انشأ على المنقول ملك الغير هذا أياَ من الحقوق الشخصية « إذا كان المتصرف فيه منقول» فلا تعد من قبيل التصرف المقصود من نص المادة إلا إذا كان قد استخدم الطرق الإحتيالية فى إنشاء هذا الحق الشخصى على مال مملوك للغير.
ثانيا: ألا يكون مملوكا للجانى ولا يملك حق التصرف فيه.
يستلزم ذلك أن يتحقق فى الجانى شرطان معا بحيث إذا تخلف أحدهم فلا محل للتجريم والعقاب وهذان الشرطان هما أن لا يكون مالك ولا يكون له حق التصرف فيه.
اقرأ أيضا: كبسولة قانونية.. كل ما تريد معرفته عن البيع بالجدك فى القانون
وعلى ذلك لا يمكن التأثيم فى الأحوال الأتية ولا يكون هناك مجال لأعمال العقوبة المقررة بتلك المادة:
1- فان كان الشخص مالكا وله حق التصرف فلا تأثيم.
2- وكذلك أن لم يكن مالكا ولكن له حق التصرف كالوكيل أو الولى أو الوصى بعد استئذان النيابة الحسبية فايضا لا تأثيم.
وكذلك أن كان مالكا ولكن ليس له حق التصرف كما فى حالة التصرف فى المنقول المحجوز علية فعلى الرغم من أن الحجز يسلب سلطة التصرف فى المنقول المحجوز علية من يوم الحجز عليه فإن الحارس إذا تصرف بالبيع فعلى الرغم من بطلان البيع والتأثيم بالمواد 341 و342 عقوبات وعلى الرغم من أن هذا البيع من الناحية المدنية يعد تدليسا إذا كان المشترى لا يعلم بوجود الحجز إلا أن هذا التصرف أيضا لا يعد من قبيل النصب الذى تؤثمة المادة 336 عقوبات.
3 - وكذلك فى حالة الحجز على العقارات فعلى الرغم من عدم نفاذ التصرفات بعد التنبية بنزع الملكية سواء من المدين او من الحائز للعقار حتى ولو كانت ثابتة التاريخ قبل ذلك، فمن الناحية الجنائية نجد أن تسجيل النبية وإن كان يحول دون نفاذ التصرف إلا أنه لا ينفى صفة التملك لحين صدور الحكم برسو المزاد فهذا هو الذى ينفى صفة التملك فالحين صدور الحكم برسو المزاد يكون التصرف فى نطاق التدليس المدنى.
4- فيما يتعلق باعادة بيع العقار المبيع قبل تسجيل عقد البيع السابق، فعند وضع مادة النصب الجديدة فى قانون 1904 التى اعتبرت نصبا بيع الإنسان لما لا يملك وما ليس لة حق التصرف فية كانت الملكية فى العقار تنتقل بالنسبة للمتعاقدين بمجرد توقيع العقد العرفى وتتراخى بالنسبة الى الغير الى مابعد التسجيل.
فكان تصرف بائع العقار بعقد البيع بعقد عرفى سابق يعد نصبا لاشبهة فيه، لأنه يكون تصرفا من غير مالك العقار المبيع وممن ليس له حق التصرف فية سواء أكان ذلك قبل تسجيل العقد السابق أم من باب أولى بعد تسجيله، ومناقشات المادة فى مجلس شورى القوانين قاطعة فى ذلك.
اقرأ أيضا: كبسولة قانونية.. كل ما تريد معرفته عن «الإعسار» فى القانون
ولكن بعد صدور قانون التسجيل سنة 1923 أصبحت الملكية لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول إلا بالنسبة للمتعاقدين وليس بالنسبة لغيرهم، إلا بالتسجيل ويترتب على ذلك أن البائع يظل مالك العين حتى وقت تسجيل العقد العرفى، ومن ثم إذا باع عقارة بيعا ثانيا فى الفترة بين تحرير العقد العرفى السابق وتسجيلة فيكون البيع صحيحا صادرا من مالك وتنتقل الملكية الى الأسبق تسجيلا من بين المشترين طبقا للقاعدة المعروفة، ومثله كذلك إذا باع فى الفترة بين تحرير العقد العرفى السابق وتسجيل صحيفة الدعوى بصحة البيع ونفاذة.
يستوى فى ذلك أن يكون المشترى الثانى حسن النيه غير عالم بالتصرف السابق أم سيئ النية متواطئا مع البائع للإضرار بالمشترى السابق لصدور البيع فى الحالتين من مالك، أما بعد تسجيل العقد السابق أو بعد تسجيل صحيفة الدعوى بصحة العقد ونفاذه، إذا قضى فيها بالصحة والنفاذ فيكون بيعا باطلا لصدوره من غير مالك ويترتب عليه - حينئذ - وجوب اعتبار البائع محتالا ببيعة مالا يملك وماليس له حق التصرف فيه، ولكن بشرط أن يكون المشترى حسن النية لا يعلم بالتصرف السابق، أما إذا كان يعلم به ومع ذلك قبل الشراء على علاته فينتفى الاحتيال بانتفاء الخداع الذى هو شرط لا غنى عنه لإمكان القول بالاحتيال.