هل من حق الزوجة طلب التفريق من الزوج للعيب المستحكم؟.. النقض تُجيب «مستند»
الأربعاء، 12 ديسمبر 2018 06:00 م
«التطليق للعيب» في القانون المصري تطلبه الزوجة المسلمة من القضاء إذا كان بزوجها عيب مستحكم، سواء بدني أو عقلي، لا يمكن الشفاء منه، أو يحتاج وقت زمني طويل للشفاء منه، ويُمكن أن يُصيب الزوجة بضرر لو بقيت مع زوجها. والتطليق في هذه الحالة يكون طلاقاً بائناً بينونة صغرى
وأجمع الفقهاء الأربعة على صحة التفريق بين الزوجين للعيوب، لكن ذهب الأحناف إلى أن التفريق للعيب حقاً للمرأة وحدها إذا ما وجدت عيوباً في الرجل؛ وهي: الجبّ والعنّة والخصاء، وذلك بشرط ألا يكون الزوج قد وصل للزوجة ولو لمرة واحدة في العمر، وألا تكون الزوجة عالمة بالعيب وقت الزواج، وألا ترضى بالعيب بعد علمها به، وألا يكون بالزوجة عيب مانع من الاتصال الجنسي، بينما ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن التفريق للعيب حق ممنوح لكلا الزوجين لو توافرت عيوب خاصة، لكنهم اختلفوا فيما بينهم حول عدد تلك العيوب.
محكمة النقض المصرية، قد سبق لها وأن تصدت لهذا الأمر، المتمثل فى الإجابة على السؤال هل من حق الزوجة طلب التفريق من الزوج للعيب المستحكم، وذلك فى الطعن رقم 353 لسنة 72 جلسة 2003/10/25، الذى قالت فيه: «من حق الزوجة فى طلب التفريق للعيب المستحكم، وشرطه، أن يكون العيب لا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل لا يتسنى للزوجة الإقامة معه إلا بضرر شديد، وألا تكون قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة».
العيوب المبيحة للتفريق – بحسب «المحكمة» - العنة والخصاء وكل عيب لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وذلك مع جواز الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض والضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده .
قضاء الحكم المطعون فيه بتطليق المطعون ضدها تأسيساً على أن الجراحة التى أجراها الطاعن نتج عنها إساءة معاشرته للمطعون ضدها جنسياً وأنه هجرها لعدم توفيقه فى معاشرته لها أخذاً بأقوال شاهديها، انتهاء التقرير الطبى الشرعى إلى أن الطاعن لا يعانى من أى نوع من أنواع العنة وأن الجراحة التى أجراها تركيب جهاز تعويض لا ينشأ عنها ثمة آلام ولا أضرار تسئ معاشرته للمطعون ضدها جنسياً، مفاده هو استخلاص الحكم دليلاً يتناقض مع التقرير الطبى، أما أثره هو الفساد فى الاستدلال .
تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها من سلطة قاضى الموضوع، وشرطه إفصاحه عن مصادر الأدلة التى كون منها عقيدته وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها .
مفاد نص المادتين 9 ،11 من القانون 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد وأنه توسع فى العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده كل ذلك شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة.
ولما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون، قد أوضحت أن التفريق للعيب فى الرجل قسمان قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب الإمام أبى حنيفة وهو التفريق للعيوب التى تتصل بقربان الرجل لأهله وهى عيوب العنة والخصاء وباق الحكم فيه وِفْقَهُ وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر وكان ما نصت عليه المادة 11 سالفة الذكر من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء يقصد به تعرف العيب وما إذا كان متحققاً فيه الأوصاف التى أشارت إليها ومدى الضرر المتوقع من المرض وإمكان البرء منه والمدة التى يتسنى فيها ذلك وما إذا كان مسوغاً لطلب التطليق أولا.
إذ كان الثابت بتقرير الطبيب الشرعى أن الطاعن لا يعانى من عنة من أى نوع وأن الجراحة التى أجراها لا ينشأ عنها ثمة آلام ولا أضرار عضوية موضعية بمعاشرته للمطعون ضدها جنسياً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى الذى قضى بتطليق المطعون ضدها وأسس قضاءه على أن تلك الجراحة نتج عنها إساءة عشرتها جنسياً وأن شاهديها شهدا بأن الطاعن هجرها لأنه لم يوفق فى معاشرته لها ، فإنه يكون قد استخلص دليلاً يتناقض مع ما ورد بالتقرير الطبى الشرعى ويكون الحكم مشوباً بالفساد فى الاستدلال.
المقرر فى قضاء محكمة النقض أن لقاضى الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أن ذلك مشروط بأن يفصح عنمصادر هذه الأدلة التى كون منها عقيدته وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها، وأن إقامة الحكم قضاءه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما استخلصه أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه يعد فساداً فى الاستدلال .