من ملف فضائح كورونا
السبت، 13 يونيو 2020 03:38 م
كل الكوارث عارضة عابرة، لكن التاريخ الإنساني متواصل راسخ إلى أن يرث الله ملكوت السموات والأرض، وكورونا كارثة كغيرها، ستمر لا أشك في مرورها وستعود إلى الإنسانية إلى ما كانت عليه من خير أو شر، فخيارنا قبل كورونا هم خيارنا بعده وأشرارنا قبل كورونا هم أشرارنا بعده، ولكن يحسب لهذا الوباء القاتل أنه كشف بأدلة لا تقبل النقض أو حتى النقد عن كارثة أخلاقية واجتماعية واقتصادية ودينية أصابت أرحام عشرات الآلاف من أرحام النساء.
وأصل القصة أن المختبرات الطبية قد توصلت ـ تحت ستار مساعدة المحتاجين ـ إلى طريقة غير تقليدية لإنجاب الأطفال، تلك الطريقة اسمها: تأجير الرحم البديل، وفيها يتم فيه أخذ بويضة الزوجة ونطفة الزوج وتخصيبهما في المختبر، ثم يتم بعدها زرع الجنين الناتج عن عملية الإخصاب في رحم امرأة لا تربطها رابطة لا بالزوج ولا بالزوجة اللهم إلا عقد عمل.
وفق عقد العمل هذا تحمل المرأة الغريبة جنين الأبوين، ثم تلده وتقدمه لأبويه وتتقاضى أجرتها وتتوه في زحام العالم!.
تلك الطريقة مستخدمة منذ سنوات بعيدة، حتى أن دولة أسيوية تربح من أرحام نسائها مليار دولار سنويًا.
فقهاء المسلمين وبابا الفاتكان قطعا بتحريم هذه الطريقة في الإنجاب، ولكن حاخامات اليهود قالوا: إنها حلال وتساعد غير القادرين على أن يكون لديهم طفل أو طفلة!
من أهم بنود العقد الموقع بين أطراف تلك الطريقة، أجرة التي تؤجر رحمها، أبسطهن حالًا تحصل على ثلاثين ألف يورو.
الولادة تتم في غرفة فندقية وتحت إشراف طبي صارم، وأثناء حمل التي تؤجر رحمها يحرم عليها إقامة أي علاقة خاصة مع زوجها أو مع غيره للحرص على سلامتها وسلامة الذي في أحشائها!
بعد الوضع وقبض الثمن تقطع أي رابطة بين التي حملت ووضعت وبين الخارج منها.
سرعة تسليم البضاعة أو السلعة، نعم الطفل يصبح بضاعة أو سلعة، فور الوضع لكي لا تقوم بينه وبين التي حملته ووضعته أدنى علاقة "أرجوك تأمل مشاعرك عندما يغتصب منك شرير قطك أو كلبك".
هم لا يضمنون عدم نمو مشاعر لدى الوالدة أو المولود ولذا يسارعون بقطف الثمرة والفرار بها.
تلك أهم البنود، ولكنها لا تضمن نجاح العملية، فقد نقل الإعلام قصة السيدة الفرنسية، بريجيت التي انتظرت طويلا قبل أن تحصل على الطفل. ليس بسب عدم رغبتها، لقد حاولت مع زوجها لمدة عشر سنوات لكنها لم تتمكن من الحمل.
قالت بريجيت: "بسبب مشاكل صحية، لم أتمكن من إنجاب الأطفال، أجريت أربع عمليات تلقيح اصطناعي خارج الرحم لكنها لم تنجح، قررنا التبني، طلبنا لم يرفض لكنه لم يقبل، لذا قررت وزوجي اللجوء إلى خيار الأم البديلة.. البحث على شبكة الانترنت قادنا إلى دولة .... ".
تم الأمر بنجاح وبالفعل حملت التي تؤجر رحمها ووضعت وقبضت الثمن كاملًا ومعه هدية معتبرة، حمل الزوجان طفلهما وذهبا إلى السفارة الفرنسية في عاصمة تلك الدولة لكي يحصلا لطفلهما على أوراق هوية بوصفه مواطنًا فرنسيًا.
هنا رفضت السفارة التعامل معهما وذلك لأن تأجير الأرحام، يعد جريمة في فرنسا.
هكذا انتهت المغامرة أو المقامرة، وللأسف لم ينقل لنا الصحفي الذي أجرى المقابلة مع السيدة بريجيت تفاصيل ما بعد رفض السفارة.
خالق الطفل وحده أعلم بمصيره، فهو مرفوض من دولة التي أجرت رحمها وهو مرفوض من دولة أبويه!
كنت قد ذكرت لك أن أبسط مؤجرة لرحمها تحصل على ثلاثين ألف يورو، في الولايات المتحدة الأمريكية يختلف الأمر.
قرأت في موقع مهتم بهذا الأمر أن تكلفة تأجير الرحم هناك تتراوح بين 108-156 ألف دولار أمريكي لرحلة الحمل الواحدة باستثناء تكاليف تقنية التخصيب في المختبر IVF، حيث تعتمد قيمة التكلفة الكلية على نوع الخدمة التي يريدها الأبوان المستقبليان وعلى تأمين الأم البديلة وعلى تفاصيل رحلة حملها!
ما علاقة كل ما سبق بكورونا؟.
الدولة التي ذهبت إليها الفرنسية بريجيت وزوجها، ليست من دول القمة الأوروبية كما أنها ليست من دول القاع، إنها دولة متوسطة، لكن اقتصادها الأسود قائم على تأجير أرحام النساء، والكل يعلم والكل يغض الطرف، فهذا قانون أي تجارة خطيرة، حالة من التواطؤ الاجتماعي والتعامي ودفن الرأس في الرمال، وظل الأمر له غموض الجرائم وتكتم الفضائح إلى أن جاء كورونا.
بمجيء كورونا توقف الطيران وغيره من وسائل المواصلات بين مختلف دول العالم.
كانت النساء اللاتي يؤجرن أرحامهن قد وضعهن حملهن، لقد وضعن حملهن في الغرف الفندقية، وجلسن ينتظرن قدوم صاحب السلعة لتنفيذ بقية بنود العقد وهو قبض الثمن الكامل للعملية، كيف سيطير المتعاقد من دولته إلى الدولة التي نقصدها؟.
إنه كورونا الذي كشف الغطاء عن أصل الجريمة، أم فقيرة غالبًا أو طماعة أحيانًا تجلس في غرفة فندق تنظر لطفل حملته في بطنها تسعة أشهر من منّي رجل غريب ومن بويضة امرأة غريبة، ثم هى لا تستطيع إعالة نفسها فكيف ستعول هذا الطفل الأجنبي؟.
ثم كيف سترضعه وهى التي يجب ألا تقوم بينها وبينه رابطة؟.. ثم كيف لن تحبه ولن تداعبه ولن تقبله؟.
ثم كيف لن تحفظ ملامحه وتنظر إلى عمق براءة عينيه؟.. ألف سؤال ولا إجابة واحدة.
تحت وطأة وضع لم تكن واحدة منهن تتوقعه، فقد صرخت واحدة من اللاتي يؤجرن أرحامهن، ثم تفاعلت معها ثانية فثالثة، ثم تعالت الصرخات من قلوب آلاف النساء.
ماذا فعل مسئولو تلك الدولة؟.. أصدروا بيانًا طمئنوا فيه المتعاقدين على سلامة البضاعة، وأنها ـ أي البضاعةـ بخير وتنتظر اللقاء بأصحابها عندما يرفع الحظر عن الطيران!
ثم هناك فقرة في البيان تعد بتعديل تشريعي يسعى لحفظ الحقوق
كورونا القاتل الشرس أجبرهم على كشف تفاصيل سوق أسود من السواد ذاته، فهل نقول إن كورونا هذا القاتل المتشرد أرق قلبًا من بعضهن وبعضهم.