مصرع طفلة بأسيوط يطلق الصرخة من جديد: «لا لختان الإناث»
الخميس، 30 يناير 2020 08:30 م
نزيف دماء وأرواح الأطفال مستمر بسبب الختان فى ظل تجاهل ذويهم لتحذيرات الأطباء ورجال الدين والمدافعين عن حقوق الأطفال وآخرها ضحية أسيوط التى لم يتعدى عمرها 12 عاما والتى لقيت حتفها أثر عملية ختان إجراها لها طبيب بعيادته الخاصة، بقرية الحواتكة، مركز منفلوط بمحافظة أسيوط مما اسفر عن وفاتها بالحال.
أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية كانت قد أجابت على فتوى برقم مسلسل حمل رقم 4678 ردا على سؤال ورد إليها بشأن حكم ختان الإناث، ولما كان هناك تضارب وتمويل من جهات مانحة عديدة عملت في الفترة السابقة على الترويج لتحريم ختان الإناث، وهناك بعض السادة المشايخ يقرون بعكس ذلك؛ مما يجعلنا غير قادرين على إبداء الرأي الشرعي، لذلك نأمل التفضل من فضيلتكم إفادتنا بالفتوى تجاه هذا الموضوع قائلة:" الصحيح أن ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر، فالذي هو من قبيل الشعائر إنما هو ختان الذكور باتفاق؛ قال الإمام ابن الحاج في "المدخل" (3/ 310): [واختُلف في حَقِّهنَّ: هل يخفضن مطلقًا، أو يُفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب] اهـ، وانظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (10/ 340).
تواصل الفتوى التى ننشرها نصا :"ويقول الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/ 191): [ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج به فهو لا حُجَّةَ فيه على المطلوب] اهـ.
الدكتور شوقى علام
ويقول شمس الحق العظيم آبادي في "عون المعبود" (14/ 126): [وحديث ختان المرأة رُوي من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة معلولة مخدوشة لا يصح الاحتجاج بها كما عرفت] اهـ. وقال العلامة ابن المنذر: [ليس في الختان -أي للإناث- خبرٌ يُرجَع إليه ولا سُنَّةٌ تُتَّبَع] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد": [والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال. انتهى والله أعلم] اهـ.
فدل كل ذلك على أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى الموروث الطبي والعادات.
وبعد البحث والتقصي وجدنا أن هذه العادة تُمارَس بطريقة مؤذية ضارَّة تجعلنا نقول إنها حرام شرعًا. ولقد عبَّر عن هذا جماعة كثيرة من العلماء بعد بحوث مستفيضة طويلة وبعبارات مختلفة: منهم المرحوم الشيخ/ محمد عرفة، عضو جماعة كبار العلماء، في مقال له في مجلة الأزهر رقم 24 لسنة 1952م في صفحة 1242؛ حيث قال: "فإذا ثبت كل ذلك فليس على من لم تختتن من النساء من بأس، ثم استطرد فقال: وإذا مُنِعَ في مصر كما مُنِع في بعض البلاد الإسلامية كتركيا وبلاد المغرب فلا بأس، والله الموفق للصواب".
وفي فتوى له يقول فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي: "أما بالنسبة للنساء فلا يوجد نص شرعي صحيح يُحتَجُّ به على ختانهن، والذي أراه أنه عادة انتشرت في مصر من جيل إلى آخر، وتوشك أن تنقرض وتزول بين كافة الطبقات ولا سيما طبقات المثقفين"، ثم يقول: "فإننا نجد معظم الدول الإسلامية الزاخرة بالفقهاء قد تركت ختان النساء؛ ومن هذه الدول السعودية، ومنها دول الخليج، وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا ولبنان وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس".
ولعل سائلا يسأل: لم استمرت هذه العادة؟ فنقول: إنها استمرت عند عدم ظهور ضررها، أمَا وقد ظهر ضررها وقرره أهل الطب فمنعُها حينئذٍ واجبٌ، وحدوث الأضرار منها أصبح يقينيًّا؛ لاختلاف الملابس وضيقها، وانتشار أساليب الحياة الحديثة وسرعتها، وتلوث البيئة، واختلاف الغذاء والهواء ونمط الحياة، وتقدم الطب الذي أثبت الضرر قطعًا، بل واختلاف تحمُّل الجسد البشري للجراحات ونحو ذلك.
والمطَّلِع على كتب سلفنا الصالح يتبين حقيقة هذه العادة -حتى عند القائلين بأن ختان الإناث شعيرة كختان الذكور-؛ مِنْ أنها مجرد إحداث جرح في جلدة تكون في أعلى الفرج دون استئصال هذه الجلدة؛ قال الإمام الماوردي: "هو قطع جلدةٍ تكون في أعلى الفرج كالنواة أو كعرف الديك، قطع هذه الجلدة المستعلية دون استئصالها". انتهى من "فتح الباري" (10/ 340).
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 148): [هو قطع أدنى جزءٍ من الجلدة التي في أعلى الفرج] اهـ.
ومن هنا يتبين أن القطع معناه الشق وليس الاستئصال، وهو ما يدل عليه الحديث الضعيف: «أَشِمِّي ولا تَنْهِكي»، وهذا يحتاج إلى جرَّاح تجميل متخصص في مسألة أصبحت في عصرنا الحاضر بملابساته ضارَّةً على الجسم البشري قطعًا، دون حاجة إليها شرعًا.
ولقد أحال كثير من الناس الأمر إلى الأطباء، ولقد جزم الأطباء بضررها، فأصبح من اللازم القولُ بتحريمها، وعلى الذين يعاندون في هذا أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وأن يعلموا أن الفتوى تتصل بحقيقة الواقع، وأن موضوع الختان قد تغير وأصبحت له مضارُّ كثيرة: جسدية ونفسية؛ مما يستوجب معه القولَ بحرمته والاتفاق على ذلك، دون تفرقٍ للكلمة واختلافٍ لا مبرر له. إن المطَّلع على حقيقة الأمر لا يسعه إلا القولُ بالتحريم.
قانون العقوبات المصرى، وفقا لآخر تعديل لعقوبة ختان الإناث فى عام 2016، غلظ العقوبة على من يقوم بختان الإناث، وذلك بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات، وذلك بعد أن كانت العقوبة فى القانون قبل التعديل متمثلة فى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه.
وفقا للتعديل الأخير، عرف ختان الإناث بأنه "إزالة أيا من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبى".
كما شدد القانون على معاقبة من يقوم بختان الإناث ويترتب على الختان عاهة مستديمة أو وفاة بالسجن المشدد.
وكانت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، قد شاركت في فعاليات إطلاق مبادرة الاتحاد الأفريقي للقضاء على "ختان الإناث" في قارة أفريقيا، بعد توافق عدد من القادة الأفارقة على هامش القمة الثانية والثلاثين العادية للاتحاد الأفريقي، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية.
الدتورة هالة زايد
ولفتت خلال مشاركتها إلى أن المجلس القومي للسكان التابع لوزارة الصحة دشنت موقعًا تحت عنوان "لا لختان الإناث" عام 2018؛ للحد من ظاهرة الختان و توعية المواطنين بمخاطر هذه الجريمة، من خلال حملة إعلامية ضخمة تم إطلاقها على كافة القنوات الفضائية كما تم الترويج لها من خلال ملصقات دعائية "بوسترات" تم توزيعها على كافة الوحدات الصحية تتضمن رسائل توعوية صحية و دينية تحذر من مخاطر ختان الإناث، كما تضمنت التعريف بالتشريعات التي تجرم هذه الممارسات، مشيرة إلى استمرار عقد الندوات التوعوية خلال حملات تطعيم الأطفال لزيادة وعي الأسر بجريمة ختان الإناث.
يذكر أن الدكتورة عزة العشماوى " الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة" قد أعلنت أن اللجنة الوطنية تلقت من خلال خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للطفولة والأمومة (16000 ) البلاغ رقم ( 10187) بتاريخ 30/1/2020 بشأن واقعة وفاة طفلة تبلغ من العمر(12)عاماً بقرية الحواتكة – مركز منفلوط – محافظة أسيوط أثناء إجراء طبيب بعيادته الخاصة عملية ختان لها.
وأدانت الدكتورة عزة العشماوى، واقعة وفاة الطفلة بوصفها إنتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل ويخالف أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، والمادة (242) مكرراً من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937" المستبدلة بالقانون رقم 78 لسنة 2016، والتي قررت عقوبة السجن من خمس إلي سبع سنوات لكل من قام بختان لأنثي، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو أفضي ذلك الفعل إلي الموت والمادة 242 مكرراً ( أ )، المضافة بذات القانون " التى قررت الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثي وتم ختانها بناءً علي طلبه، وكذلك المادة ( 10 ) من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب، وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007، الصادر بتاريخ 28/6/2007 في شأن حظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أى قطع أو تسوية أو تعديل لأى جزء طبيعى من الجهاز التناسلى للأنثى (الختان) سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية أو غيرها من الأماكن الأخرى.
وقد وجهت العشماوى خط نجدة الطفل بإبلاغ مكتب حماية الطفل بمكتب النائب العام بشأن هذه الواقعة وكذلك وزارة الصحة والسكان لاتخاذ ما يلزم تجاه الطبيب القائم بهذه الجريمة، حيث تم القبض على الطبيب ووالد الطفلة الضحية، وتباشر النيابة العامة تحقيقاتها فى هذه الجريمة التى قيدت برقم 578 لسنة 2020 إدارى منفلوط.
الدكتورة عزة العشماوى
وأكدت العشماوى على أن المجلس يتخذ خطوات ملموسة وجادة نحو إنهاء العنف ضد الأطفال من خلال اللجنة لوطنية للقضاء على ختان الإناث من خلال إطلاق حملة إحميها من الختان.
جدير بالذكر أن "اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث" تم تشكيلها فى مايو 2019 بهدف القضاء على ختان الاناث في مصر وتضم اللجنة اعضاء من كافة شركاء التنمية من الوزارات المعنية والجهات القضائية المختصة والازهر الشريف والكنائس المصرية الثلاثة والمجتمع المدنى.