فكرة عبقرية
الإثنين، 02 ديسمبر 2019 01:00 م
حضرني اليوم موقف حدث معي منذ عدة سنوات أثناء زيارتي لمدينة برشلونة الإسبانية، حيث استوقفني رجل كبير في السن وزوجته لسؤالى عن كنزة أو "بلوزة" كنت أرتديها حينها، وبدا عليهما الانبهار بجمالها لأنها كانت مطرزة تطريزا يدويا بروح مصرية أصيلة.
سألاني عن جنسيتي ومن أين حصلت عليها فأجبتهما بكل فخر أنها صناعة يدوية مصرية واشتريتها من مدينة أسوان، وتحدثنا حينها سويا حول مصر ومدنها، ثم عادا لتفحص الكنزة والحديث عن دقة ورقي تطريزها، وبما إني من عشاق كل ما هو يدوي ويحمل روح من صنعه، كما أنه يعبر عن الذوق المصري المتفرد فقد أسهبت في الحديث عن صناعاتنا ومشغولاتنا المميزة كالمنسوجات والفضة والنحاس وأكسسوارات المنزل ووحدات الإضاءة التي تعبر كل منها عن تراث خاص بمنطقة أصحاب تلك الصناعات التي ليس لها مثيل، واسترسلت أكثر بعد أن شعرت أن الوصف بالنسبة لهما شيقا، وفي نهاية الحديث سألاني عن كيفية الحصول على بعض من تلك المنتجات فكانت إجابتي بأن ليس لدي فكرة سوى أنهما ربما يحتاجان لزيارة مصر وشراء ما يحلو لهما، إذ وجدتها فرصة جيدة للترويج لبلدي الحبيب وقمت بدور الزائر والتاجر معا.
ما حز في نفسي حينها هو تعجبهما بسبب عدم تصدير مصر لمثل تلك المنتجات!.. ما جعلني أتمنى لو أني أتحول للعمل في التجارة والتفرغ لعرض منتجاتنا في الأسواق الخارجية العالمية التي بالتأكيد ستجد رواجا كبيرا، إلا أنني ومع الأسف لا أفقه شيئاً في هذا المجال.
حين استمعت لكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس الأحد حول استعداد مصر للتعاون مع القطاع الخاص لإطلاق منصة تجارة رقمية في أفريقيا مماثلة لمواقع أمازون وعلي بابا العالميتين، بما يدعم التجارة الرقمية في مصر وأفريقيا، وعند هذه الجملة تحديدا في خطاب الرئيس استحضر عقلي الموقف، وشعرت بسعادة عارمة عند استماعي للفكرة فنحن لدينا الكثير والكثير الذي نحتاج لترويجه للعالم، كما أننا نتميز بمنتجات ليس لها مثيل وأخشى ما أخشاه أن تندثر لو أن أصحابها لم يشعروا بأنها ذات عائد مجدي، لذا ففكرة منصة البيع الإلكترونية والتسويق عبر الانترنت للصناعات المصرية خارج حدودنا هي فكرة عبقرية تفتح آفاقا تجارية جيدة، كما تعد باب رزق واسع لآلاف البشر ويمكنها أن تعيد مصر لخريطة الصناعات العالمية، كما أنه ستساعد في تعريف المستهلكين في العالم شرقا وغربا بالمنتج المصري الأصيل وتسهل على الحرفيين تصديره وتيسر على المستهلكين الحصول عليه.
إن تنفيذ مثل هذه الفكرة قد يفتح آفاقا جديدة للاستثمارات الخارجية في مصر بعد إبراز ما نتميز به من حرف وصناعات، ويعد أيضا طريقا مختلفا لجذب السياح فكثيرا ما يكون سبب السفر الأساسي لدى البعض وتفضيل دول بعينها هو الرغبة في التسوق، ولدي قناعة تامة أن منتجاتنا اليدوية المصرية تستحق عبور البحار للحصول عليها واقتناء قطع متفردة لا يوجد لها مثيل حيث أنها صنعت بمهارة وحب ومن أعماق الروح .
أؤيد الفكرة بشدة وأتمنى أن تظهر للنور قريبا لأنها ستنقل مصر بالتأكيد نقلة نوعية قوية.