يؤسفني أن يكون هناك دائما " لكن"
الثلاثاء، 05 نوفمبر 2019 01:47 م
في إطار اهتمام الدولة ببناء الإنسان والارتقاء به منذ الطفولة، وتنمية حسه الفني افتتحت وزارة الثقافة السبت الماضي الدورة الأولى لبينالى القاهرة الدولي لفنون الطفل، بمشاركة أطفال ينتمون لـ19 دولة بأعمالهم الفنية، ويخصص هــذا البينالي لدعوة أطفال العالم للتعبير عن إحساسهم وعلاقتهم بالمكان من خلال رسم لوحة فنية .
وكانت هناك مسابقة لاختيار أفضل الأعمال واللوحات لعرضها في المعرض، وكان طِفلاي ( ٦ و ٩ سنوات) من بين الفائزين، وتم عرض لوحاتهما مما كان له كبير الأثر في نفسيهما، وهو ما أعطاهما وأعطاني الرغبة في الاستمرار في تنمية تلك الموهبة الفنية بهما، واستكمال دروس الرسم التي يشاركان بها منذ فترة .
من أجمل وأعظم فوائد مثل هذا الحدث وغيره من الفعاليات الفنية والثقافية الخاصة بالأطفال أن مشاركة أي طفل وتواجده فيها بالطبع يرتقي بحسه ويعلي من فكره ويمنحه الثقة في النفس والرغبة في النجاح، بالإضافة إلى أنه يساعده في البعد عن التطرف مستقبلا، ويخلق جيلا ذا حس فني قد يعيد أمجاد الماضي ويحافظ على ريادة ومكانة مصر الفنية والثقافية .
لكن.. ويؤسفني أن يكون هناك دائما "لكن"، حيث أتمنى من كل قلبي أن نكون دائما على قدر الحدث، وأن نستعد له استعدادا يليق به، فالبينالي دولي ويشارك به أطفال بلوحاتهم من مختلف دول العالم، وأيضا هي المرة الأولى لتنظيم هذا الحدث في مصر بمشاركة أطفال، ومن خلال تجربتي الشخصية ومشاركتي في الحدث فأتصور أنه كان لابد من مراعاة عدة نقاط كي يقدم الحدث بشكل لائق وأفضل مما ظهر به.
بداية لم يتم الإعلان عن المسابقة في وسائل الإعلام بشكل كاف كي يستطيع جميع أطفال مصر من ذوي الموهبة الفنية المشاركة، فقد حالفنا الحظ بمعرفة تفاصيل المسابقة عن طريق المعهد الذي نحضر به دروس الرسم وغير ذلك لم نكن لنعلم شيء.
المشكلة الثانية التي واجهت الأطفال والأسر يوم الافتتاح هي سوء التنظيم والهرجلة، وصعوبة البحث عن اللوحات في قاعات المعرض الكثيرة والمتفرقة، حيث لم يُسمح بدخول المعرض قبل حضور السيدة الوزيرة وهو أمر تنظيمي غريب، فمن المفترض أن يتعرف كل طفل مبكرا منذ تواجده صباحا على القاعة المتواجدة بها لوحته لا أن ينتظر لحظة الافتتاح وتواجد المسئولين وكاميرات التليفزيون والصحافة كي يبدأ رحلته في البحث وبالطبع هو ما أحدث حالة من الهرج والمرج .
أما ما أثار استياء عدد كبير فكان عدم العثور على لوحاتهم في القاعات المخصصة للعرض وبدء بعض الأطفال في البكاء والحزن على ضياع مجهوداتهم، وبعد معاناة للوصول لأي من المنظمين والتواصل معه لمعرفة مصير اللوحات المفقودة وهو ما أصاب أصحابها من الأطفال بالإحباط، جاءت الإجابة أن الأعمال وزعت على ثلاثة أماكن هى مركز الجزيرة للفنون بالزمالك -، وهو الذي تم الإعلان عنه كمقر رئيسي للافتتاح وتواجد اللوحات عند إعلان نتيجة المسابقة-، وكلية التربية الفنية جامعة حلوان بالزمالك، ومركز رامتان الثقافى بمتحف طه حسين بالهرم، والغريب أنه تم توزيع اللوحات على مكانين مختلفين دون إبلاغ أحد مسبقا بمكان عرض لوحاته كي يتجه مباشرة إليه بدلا من الدوخة والشحططة بين القاعات وأماكن العرض، والأعجب أنه حتى تلك اللحظة لم تكن هناك قائمة ولا علم لدى أي من المنظمين بالأماكن المخصصة لعرض لوحة أي طفل ، فعلى الأهل التنقل بين الأماكن الثلاثة للبحث بأنفسهم وسعيد الحظ من يجدها بسهولة!.
والسؤال هنا هل يعقل أن يكون تنظيم مثل هذا الحدث الدولي الراقي بمثل هذه العشوائية؟.. وهل يعقل ألا تكون وزارة الثقافة قدوة في التنظيم واختيار شباب كفء لتنظيم فعالياتها بشكل محترم وهي الوزارة المنوط بها الارتقاء بالإنسان؟.
رسالتي إلى وزيرة الثقافة وجميع المسئولين في الوزارة، فأنا أكتب أشيد وأنتقد من أجل الصالح العام، وكلي أمل في تدارك مثل هذه الأخطاء مستقبلا، لأنها مصر يا سادة ولا يعقل أن تتميز عنها اليوم دول كنا نسبقها بمراحل في مستوى تنظيم ورعاية وإقامة فعاليات وأحداث ومهرجانات هامة على مر العصور.
حقا برغم سعادتي بمشاركة طِفلاي في حدث كهذا إلا أنني شعرت بالحزن على عدم قدرتنا على تنظيمه وإظهاره للنور بما يليق بمكانة وطننا الغالي وعلى أحسن وجه ممكن .