«الوطني لإنتاج التقاوي» يصارع لإيقاف نزيف العملة الصعبة.. هل ينجح؟
الإثنين، 23 سبتمبر 2019 06:00 م
عادت قضيّة إنتاج التقاوى والبذور محليّاً، إلى واجهة المشهد الزراعى والاقتصادى من جديد، بعد توقيع بروتوكول تعاون، ما بين معهد بحوث البساتين، والإدارة المركزية لإنتاج التقاوى، فى مجال إنتاج وإكثار تقاوى الخُضر، الناتجة من البرنامج الوطنى لإنتاج التقاوى، فى خُطوة على طريق الألف ميل، بدأتها الحكومة المصرية، مُمثّلة فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، منذ عام 1922م، وقبل ثورة 23 يوليو عام 1952م.
أهم الشركات العالمية المُنتجة للبذور
وكانت تسمى الوزارة بـ «وزارة الزراعة والإصلاح الزراعى»، بهدف استقلال قرارها الوطنى، بمولد الإدارة المركزية للتقاوى، وكذلك معاهد البحوث بمركز البحوث الزراعية، والتى استطاعت خلال السنوات الماضية، توفير بذور وتقاوى المحاصيل الاستراتيجية، بنسبة اكتفاء ذاتى تقترب من 100%، للقطن والقمح والأرز وقصب السكر والذرة والشعير والفول، وعدد آخر من المحاصيل، بينما تراكمت على مرّ السنوات الماضية، عوامل تراجع إنتاج تقاوى الخضر والفاكهة، وأصبحنا نعتمد على الاستيراد من الخارج بنسبة 98%، نتيجة الإهمال فى البحوث والتمويل، وتراجع ميزانيات البحث العلمى والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، وكذلك تغيير السياسات الزراعية، والبحث العلمى، بسبب تغيير الوزراء والخطط الوزارية، ونتيجة لاستبدال وزير بآخر.
ظهور الإدارة المركزية لإنتاج التقاوى
في عام 1922م، تم إنشاء وحدة لإنتاج وتوزيع بذرة القطن، وهذه الوحدة، كانت مُلحقة بوزارة الزراعة، وفي عام 1926م، صدر القانون رقم (5) لمراقبة بذرة القطن، والذى نظّم إنتاج وتوزيع بذرة القطن، وبعد ذلك، تم إنشاء أول إدارة لفحص البذور، ملحقة بوزارة الزراعة، وفي عام 1938م صدر القانون رقم (59 ) لمراقبة أصناف القطن، وفي عام 1942م، تم تطوير وحدة إنتاج وتوزيع بذرة القطن، الملحقة بوزارة الزراعة، علي أن تشمل بذرة القطن، وغير ذلك من المحاصيل الأخرى.
وفي عام 1946م، صدر القانون رقم (123)، والخاص بتعميم زراعة التقاوي المُنتقاة من الحاصلات الزراعية، وتنظيم إنتاج تقاوي المحاصيل، بالإضافة إلي بذرة القطن، وفي عام 1952م، حصلت مصر علي عضوية الاتحاد الدولي لفحص البذور ( ISTA )، وفي عام 1953م، تم إنشاء إدارة لإكثار التقاوي، داخل وزارة الزراعة، وملحقة بها كتطوير للفرع الذي أنشئ عام 1942م، وفي عام 1955 تم إنشاء إدارة لحليج القطن، ملحقة مباشرة بوزارة الزراعة، وفي عام 1958م، تم إنشاء الإدارة العامة للتقاوي، بحيث تضم إدارات لفحص البذور، وإكثار التقاوي والقطن، مع وجوب تمثيل لها على مستوى المحافظات، حيث كانت الإدارة العامة للتقاوي، تقوم بشراء خام التقاوي، وغربلته وإعداده، بتمويل من البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي.
و صدر في نفس العام 1958م، قانون بشأن إنتاج بذرة القطن إكثار، والمحافظة علي نقاوتها، وفي عام 1980م، تطور تنظيم الإدارة العامة للتقاوي، لتصبح الإدارة المركزية لشئون التقاوي، وتضم 30 إدارة، كما تضم إدارة تقاوي، علي مستوى كل محافظة، وظل دور بنك التنمية، ينحصر في تمويل جميع عمليات وأنشطة الإدارة المركزية سارياً وفعّالاً، وفي عام 1993م، أُعيد تنظيم الإدارة المركزية لشئون التقاوي، إلي إدارتين مركزيتين، طبقاً للقرار الوزاري رقم 1477 وهما، أولا :- الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي، وثانياً :- الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، وفي عام 1995م، صدرت موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، على القرار السابق، وذلك طبقاً لقرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، رقم 250 لسنة 1995م، وقد صدر القرار الوزاري رقم 1350م، والذي يتضمن تحديد التقسيمات التنظيمية الرئيسية.
زراعات تعتمد على التقاوى المحلية
صِراع الشركات العالمية لإنتاج البذور والتقاوى
وبعد أن ظهرت الفجوة، فى إنتاج تقاوى وبذور الخضروات والفاكهة محليّاً، نتيجة لتغير أساليب الزراعة الحديثة، من النظام والموروث المصرى القديم، القائم على تجنيب الفلاحين والمزارعين، لتقاوى وبذور الحاصلات، من الموسم الزراعى الحالى إلى الموسم التالى، وبداية نشاط شركات التقاوى العالمية الكبرى، المدعومة بالتمويل الاقتصادى والسياسى والعلمى والتكنولوجى الكبير، أخذت هذه الشركات ـــ شيئاً فشيئاً ـــ فى السيطرة على الأسواق، فى جميع قارات العالم ، حتى احتلت هذه الشركات، حصة تتجاوز 67%، من تصدير التقاوى والبذور لبلدان العالم، بأرقام وإحصائيات عام 2007م.
وتنتمى هذه الشركات ــ حسب تقارير منظمات الأغذية والزراعة العالمية،"الفاو" و تقارير إنتاج البذور والتقاوى فى العالم، لـ 5 دول، وهى الشركات الأمريكية، وتُنتج حوالى 42% من التقاوى والبذور، ثم الشركات السويسرية، وتنتج 9%، وكذلك الشركات الفرنسية، وتنتج 6%، و الشركات الألمانية، وتنتج 5%، من التقاوى والبذور عالمياً، ثم الشركات اليابانية، والتى تنتج 4%، وأخيراً الشركات الدنمركية، ونصيبها 2% فقط، غير أن هذه الأرقام والإحصائيات، مالبثت أن تغيرت، خلال الـ 12 عاماً الماضية.
ومنذ عام 2016م و 2017م، دخلت فى هذه القائمة العالمية، شركات جديدة لدول الصين والهند وهولندا، وحسب أحدث بيانات رصد إنتاج ومبيعات البذور والتقاوى فى العالم، فقد جاءت حصتها فى المبيعات والتصدير، حوالى 18 مليار و913 مليون دولار للشركات الأمريكية، والشركات الألمانية حوالى 3,701 مليار دولار، والشركات الصينية حوالى 3,538 مليار دولار، ثم الشركات الفرنسية حوالى 3 مليار دولار، وأيضا الشركات الهولندية مليار و 62 مليون دولار، والشركات الهندية 231 مليون دولار، إلى جانب شركات سويسرية ودنمركية.
بذرة القطن إنتاج محلى 100%
البِرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخُضر محليّاً
بعد كل هذا الصراع العالمى، بين الشركات العابرة للحدود، على إنتاج وبيع البذور والتقاوى، ووصول الاستيراد المصرى، لحوالى 2 مليار دولار سنوياً، والفجوة الكبيرة، فى هذا الجانب، والتى تجاوزت أكثر من 98%، من استيراد تقاوى الخضر، كان لابد من البحث عن حلول، لوقف هذا النزيف فى العُملة الصعبة، والاعتماد على المُنتج الوطنى، والإنتاج المحلىّ، فكان البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر محليّاً، بمثابة عملية إنقاذ لزيادة الإنتاج المحلى، والحد من استيراد بذرة الخضر.
وكان يغطى الإنتاج المحلى، من تقاوى محاصيل الخضر، حوالى 2% فقط من الاحتياجات، بعكس تقاوى المحاصيل الحقلية، التى ينتجها معهد بحوث المحاصيل الحقلية، بنسبة 98% من الاحتياجات المحلية من التقاوى، وقد بدأ مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، بدعم البرنامج، للمساهمة فى زيادة الإنتاج، وتخفيض أسعار التقاوى والبذور على المزارعين بالأسواق، والتعاون والعمل الجماعى مع كافة الجهات، من أجل نجاحه وتحقيق أفضل النتائج، وتكثيف التعاون مع العلماء والباحثين، الذين لديهم برامج تربية سلالات تقاوى الخضر، لتسجيلها من خلال المركز، للاستفادة من عوائدها.
وقد بدأت المرحلة الثانية للبرنامج، وتسهيلات جديدة فى إجراءات التسجيل، وإزالة جميع العقبات، التى تواجه الباحثين، من خلال إعداد برتوكولات التعاون والشراكة، ما بين مركز البحوث الزراعية والباحثين، ويتضمن كافة مراحل تسجيل وإنتاج وتسويق تقاوى الأصناف الجديدة من محاصيل الخضر، بما يضمن حماية حق المربى، للمشاركة فى الاستفادة من العوائد المالية المترتبة على ذلك.
تقاوى القمح
وقد كشف أحدث تقرير لمركز البحوث الزراعية، عن زيادة عدد الفرق البحثية، العاملة فى البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر إلى 20 فريقاً، ورفع عدد المحطات البحثية، المشاركة إلى 15 محطة، تنتشر بالدلتا والصعيد، وهى محطة بحوث الخضر بقها، ومزرعة بحوث الخضر بالدقى، ومحطة بحوث البساتين ببهتيم، ومحطة بحوث البساتين بشندويل، ومحطة بحوث البساتين بسخا، ومحطة بحوث البساتين بالقصاصين، ومحطة البحوث الزراعية بالإسماعيلية، ومحطة بحوث البساتين بالصبحية، ومحطة بحوث البساتين بسدس، ومحطة البحوث الزراعية بالجميزة، ومحطة بحوث البساتين بالقناطر الخيرية، ومحطات بحثية أخرى، والمزرعة البحثية بالجيزة.
نوعيات من التقاوى المحلية
بروتوكول تعاون بين بحوث البساتين وإنتاج التقاوى
من ناحيته، شهد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، توقيع بروتوكول تعاون بين معهد بحوث البساتين، والإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، فى مجال إنتاج وإكثار تقاوى الخضر، الناتجة من البرنامج الوطني لإنتاج التقاوي، وحضر مراسم التوقيع، الدكتور محمد سليمان، رئيس مركز البحوث الزراعية، حيث قام بالتوقيع، الدكتور محمد جبر، مدير معهد بحوث البساتين، والدكتور حاتم إبراهيم، رئيس الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي.
وأكد وزير الزراعة، أن هذا البروتوكول، يأتي في إطار حرص الوزارة على دعم المزارع، و تقليل فاتورة استيراد تقاوى الخضر، فضلاً عن توفير تقاوى معلومة المصدر للمزارع المصرى، وفي الوقت نفسه مُنتقاه عالية الجودة، ووفقا للبروتوكول، يقوم معهد بحوث البساتين، بتوفير العِمالة الفنية المُدرّبة لإتمام عملية إنتاج التقاوي المسجلة، المعتمدة من الأصناف والهجن المستنبطة بالمعهد، فضلا عن توفير مستلزمات الإنتاج والصوب والأراضي الزراعية، اللازمة في إنتاج التقاوي، وكذلك الإشراف الفني، على زراعة وإنتاج الأصناف والهجن المعبأة، ومطابقتها للمواصفات المعروفة للصنف أو الهجن، كما يقوم بتسليم البذور أو التقاوي الناتجة من الأصناف المتعاقد عليها، للإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، والتي تتولى طرحها للمزارعين، من خلال منافذها، ومن المقرر أن يقوم معهد بحوث البساتين، بتدريب عدد من المهندسين، التابعين للإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، على زراعة الآباء للهجن، التي يتم تسويقها بغرض الإنتاج فيما بعد.
تقاوى قسب السكر إنتاج محلية
أهم شركات إنتاج وبيع التقاوى والبذور فى العالم والدول التى تنتمى إليها الشركات لعام 2017