بعد ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا.. هل تلجأ مصر لاستيراد تقاوي البطاطس الأمريكية؟
الإثنين، 29 يوليو 2019 09:00 ص
يشهد العالم، طقساً شديد الحرارة، خلال هذا الصيف، إلى درجة تأثر القارة الأوربية، بهذه الموجه شديدة السخونة، والتى شهد خلالها أكثر من بلدٍ أوربى، ارتفاعاً فى درجات الحرارة، بصورة غير مسبوقة، وهو ما سيترك أثره ــ بالطبع ــ على كافة مناحى الحياة، فى القارة العجوز وسكانها وزراعتها واقتصادها وصناعتها، كما سينال الطقس الساخن من مصر، وبلدان المنطقة العربية والإفريقية، وتظهر آثاره ــ من وقتٍ لآخر ــ على الزراعة والثروة الحيوانية والداجنة، وكافة جوانب وأنشطة الحياة، وأولها على المواطن المصرى وغذائه، خاصة إذا علمنا، أن كميات هائلة من تقاوى البطاطس، التى يتم زراعتها فى مصر، يتم استيرادها من دول أوربا، وهو أمرٌ لابد وأن تتحسب له، وتستعد له وزارة الزراعة من الآن، علاوة على تقاوى حاصلات أخرى.
ارتفاع درجات الحرارة فى أوربا
أعلى درجات حرارة فى تاريخ أوربا
تسود أوروبا ــ حالياً ــ درجات حرارة مرتفعة جداً، وتُعد الأعلى في تاريخ عددٍ من دولها، وهو ما دفع الصحف ومراكز الأبحاث لإجراء مقارنة بين درجات الحرارة، في عواصم أوروبية، ومدن في دول أخرى، تشهد موجات حرارة قوية خلال الصيف، ولفتت التقارير الصحفية إلى أن العاصمة باريس، أصبحت أشد سخونة من القاهرة، وحطّمت موجة الحرارة الصيفية الأخيرة في أوروبا، سجلات الحرارة السابقة، بعد أسابيع فقط، من تسجيل القارة لأعلى درجات الحرارة في يونيو الماضى، وهو ما زاد المخاوف، من أن التغير المناخي سيجعل الأحداث المناخية القاسية أكثر تواترا، وقد شهدت ألمانيا ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة، خلال الشهر الماضى والحالى، وفقا لما ذكرته الأرصاد الجوية الألمانية، كما شهدت العاصمة الفرنسية باريس، والبريطانية لندن، والبلجيكية بروكسل، ارتفاعاً يُقدّر بـ 10 درجات مئوية، عن متوسط درجات الحرارة في شهر يوليو، وهو ما يجعل هذه المدن، أشد حراً من سنغافورة والقاهرة، حسب التقارير الصحفية.
وقد حطّمت درجات الحرارة في المملكة المتحدة رقما قياسياً، حيث وصلت في جنوب شرق إنجلترا إلى 39 درجة مئوية، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية، وفي فرنسا وصلت درجة الحرارة في العاصمة باريس، إلى 42 درجة مئوية، إلاّ أنه من المتوقع أن تهبط.
وسجلت درجات الحرارة، في هولندا رقماً قياسياً، استمر لـ75 عاماً، بلغ 39.1 درجة، في قاعدة جوية عسكرية شمال الحدود البلجيكية، أما بلجيكا نفسها فسجلت رقماً هو الأعلى في تاريخها، إذ وصلت درجة الحرارة إلى 39.9 درجة، وفي ألمانيا، فقد حذر المسئولون في الأرصاد الجوية، من موجة حر قوية وحرائق، بعد أن سجلت درجة الحرارة أعلى مستوياتها ، بوصولها إلى 40.5 درجة في جيلينكيرشن، بالقرب من الحدود البلجيكية.
تقاوى البطاطس
ارتفاع درجة حرارة الأرض
وإذا كان هناك اختلاف بين العلماء، على أسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض، فإنهم يتفقون جميعاً، على أن حرارة الأرض في ارتفاع مستمر، وهذا ما أثبتته قياسات درجات الحرارة خلال السنوات الثلاثين الماضية، وارتفاع حرارة الأرض أمر خطير للغاية، لأنه يُؤدي إلى نتائج كارثية، فاستمرار تلك الزيادة في درجة حرارة الأرض، سيُؤدي إلى ذوبان جبال الجليد في القطبين، وبالتالي ارتفاع مستوى البحر، وهو ما ينتج عنه إغراق المناطق الساحلية، وكل ذلك يُحدِث تغيرات كبيرة في مناخ الأرض، تتفاوت بين الأعاصير، وموجات الجفاف، والفيضانات والحرائق، وجو الأرض في الحالة الطبيعية، يكون دافئاً بقدر 24 درجة مئوية في المتوسط، وسبب هذا، هو وجود غازات في الغلاف الجوي، تقوم بامتصاص الأشعة تحت الحمراء، التي تنعكس عن الأرض، بعد أن تستقبلها من الشمس، وهذه ظاهرة طبيعية بحتة، وبدونها ستكون درجة حرارة الأرض، ناقص 17 درجة مئوية في المتوسط، وبالتالي فإن حدوث هذا التأثير ضروري جدا لحياة كائنات الأرض، والسؤال، كيف يعمل تأثير الغازات الدفيئة وما الغازات المسببة له؟
والإجابة من خلال البحوث، الخاصة بالطقس والمناخ والشمس، حيث تصل إلى الأرض، حوالي 50% من أشعة الشمس، فتعما على تدفئة سطحها، ثم يقوم سطح الأرض، والطبقة السفلية للغلاف الجوي، بإعادة قذف الطاقة، على شكل أشعة تحت الحمراء، بينما تقوم حينها غازات معينة، موجودة في الغلاف الجوي، بامتصاص تلك الأشعة، وتمتاز هذه الغازات، بقابليتها العالية، لامتصاص الأشِعّة تحت الحمراء، والتي هي المُنتَج الدفئ، ومن هذه الغازات يوجد بخار الماء و ثاني أكسيد الكربون.
زراعة البطاطس فى مصر
لماذا ارتفعت حرارة الأرض؟
ويأتى السؤال الثانى، والذى يدور فى أذهان العالم، لماذا ارتفعت حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي؟
والجواب البسيط على هذا السؤال هو: نحن البشر من ضمن هذه الأسباب، ولكن من جهة أخرى، يرى بعض العلماء غير ذلك، كما أن أسباب زيادة حرارة الأرض، قد تكون كثيرة ومتعددة، لكن آراء العلماء حولها، تنقسم إلى 3 آراء:وهى، أولاً:البشر "التقدم الصناعي"، وثانياً: الطبيعة "حالة دورية"، ثالثاً:الشمس "نشاطات زائدة في الشمس".
وحسب الدراسات والبحوث، وتوصيات المؤتمرات العالمية للبيئة، فإنّ الاحتباس الحراري، هو المُتّهم الأولى عن حدوث هذه الظاهرة، ويُعدّ الاحتباس الحرارى، ظاهرة عالمية، تتمثل فى ازدياد حرارة الغلاف الجوى للكرة الأرضية، وهذا الاحتباس، يحدث نتيجة ارتفاع مفرط للغازات الدفيئة، وهى على الأرجح نتاج الثورة الصناعية، ويُعد أول من تكلّم فى ظاهرة الاحتباس الحراري، العالِم الذى ابتكر مصطلح الاحتباس الحراري نفسه، وهو عالِم الكيمياء السويدي، سفانت أرينيوس عام 1896م، حيث قال :"إنّ النفط ومشتقاته تعمل على زيادة درجة حرارة الغلاف الجوى من 3 إلى 4 درجات".
آثار الحرارة الأوربية على الزراعة فى مصر
كان تقرير حديث، لوزارة الزراعة الأمريكية، قد أكد على أن ارتفاع درجات الحرارة، خلال صيف 2018 فى القارة الأوروبية، أدى لصعوبة إنتاج البطاطس هناك، ولفت التقرير إلى أن المورِّدين الأوروبيين، هم المصدر الوحيد لبذور البطاطس المصرية، وخاصة التى يتم الاعتماد عليها لصالح الإنتاج المحلي.
وأضاف التقرير، أن التكيف مع هذا الوضع، يتطلب أن يُدقّق مستوردو البطاطس، فى أصناف مقاومة للجفاف، للتخفيف من تأثير التغيرات المناخية، وأشار التقرير، إلى أنه يجب على مصر، النظر فى توسيع نطاق البلدان الموردة للبذور من أجل تنويع الأسواق، التى يتم الوصول إليها، وهو الأمر الذى سيوفر للمزارعين المصريين، فرصة الحصول على مصادر الجودة، وإنتاج بسعر معقول، من الأسواق الدولية.
ولفت التقرير، إلى أن الحكومة المصرية، لم توافق حتى الآن، على أن تكون الولايات المتحدة، مصدراً للحصول على تقاوى البطاطس، ولفت التقرير إلى أنه وفقًا لتقديرات الصناعة، فإن صادرات البذور الأمريكية للسوق المحلية، يمكن أن تصل إلى 15 مليون دولار سنوياً، بمجرد حل مشكلات الوصول إلى الأسواق، وخاصة أنه يبلغ متوسط واردات مصر السنوية، من بذور البطاطس حوالى 85 مليون دولار أمريكي، وأشار إلى أنه من المتوقع، أن تكون هناك منافسة سعرية، بين أصناف ذات المنشأ الأمريكى مع الأخرى الأوروبية .
وذكر التقرير، أن موجة الحرارة الدائمة، فى القارة الأوروبية، حوّلت اللون الأخضر الطبيعى إلى بُنّى، وأوضح أن أبرز منتجى البطاطس، فى دول الاتحاد الأوروبى، وهى المملكة المتحدة واسكتلندا وأيرلندا، وبلجيكا وهولندا وفرنسا وألمانيا والمجر وبولندا، قد تضرروا بشكل خاص، من آثار تلك الموجة، وقد تراجعت إنتاجية بعض الخضراوات، بنسبة 50%، كما انخفض إنتاج البطاطس، بنسبة 25% تقريباً، وتراجع إنتاج بذورها أكثر من تلك النسب.
يُذكر أن مصر، تستورد حوالى 60% من بذور البطاطس، من هولندا والمملكة المتحدة واسكتلندا وفرنسا، وتنتج منها حوالى 5 ملايين طن مترى من المحصول، وبالتالى فهى تُعدّ أكبر مُنتج لها فى أفريقيا، وتحتل المرتبة الـ 14 فى العالم.
أحجام البطاطس المطلوبة
وأضاف التقرير، أن عمليات الاستيراد، تبدأ فى شهر سبتمبر وتمتد حتى نوفمبر من كل عام، وأشار التقرير، إلى أن المستوردين المصريين، يكافحون من أجل الحصول على أحجام الاستيراد المطلوبة، غير أن السلطات المصرية، ترفض بعض الواردات بسبب وجود الآفات الزراعية، وأضاف أن المساحة المزروعة، لبذور البطاطس فى مصر، سجلت فى عام 2018 حوالى 158 ألف هكتار، وهو مايساوى 363 ألف و 400 فدان، أى أقل بنسبة %14، مقارنة مع الفترة الخاصة بعام 2017، والتى سجلت 183 ألف هكتار، بما يساوى 420 ألف و 900 فدان، مشيراً إلى انخفاض الإنتاجية، بما يتراوح ما بين 14 و15 طن مترى/هكتار، إلى حوالى 11 طن مترى، على مدى المواسم الثلاثة الماضية، وأرجع المزارعون المصريون ذلك الانخفاض، إلى تراجع جودة بذور البطاطس المستوردة، وعوامل أخرى مثل الظروف المناخية غير المواتية، وذكر التقرير، أن المنتجين قلقون، من ارتفاع سعر البذور بمتوسط 20 ألف جنيه مصرى للمترى طن، مقارنة بالعام الماضى، من ناحيته، طالب ممدوح حماده، رئيس الاتحاد التعاونى الزراعة المركزى، بضرورة الاستعداد والبحث من الآن، عن السوق الذى سنستورد منه تقاوى البطاطس مُبّكراً، حتى لا نقع فى أزمة، قبل زراعة العروات، ولابد من التركيز على الدول الأوربية التى نستورد منها تقاوى البطاطس خلال السنوات الماضية، لأنها فى نفس الوقت، هى المستورد الرئيسى، للبطاطس المصرية فى فترة الشتاء، وبكميات كبيرة تمثّل أكثر من 80% من البطاطس التى يتم تصديرها للخارج.