بعد البدء في الاستيراد.. هل تخلت «الزراعة» عن مشروعها لإنتاج تقاوى الخُضر؟
الخميس، 04 يوليو 2019 09:00 ص
دخلت قضيّة توفير تقاوى الخُضر للزراعات المصرية، مرحلة جديدة فى الصراع بين الإنتاج الوطنى والاستيراد من الخارج، بعد أن شهدت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي اليوم، مراسم توقيع بروتوكول تعاون مشترك، بين الهيئة الزراعية المصرية، والإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، من أجل استيراد تقاوي هُجن الخضر، في إطار خطة الحكومة لضبط عمليات الاستيراد، وحماية المزارعين من التقاوي مجهولة المصدر، وكانت الوزارة، قد أكدت فى وقت سابق، خلال جلسة لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أن مصر تستورد تقاوى خضر بمليار دولار تقريباً، فى ظل الظروف الاقتصادية، التى تمر بها مصر، وواجبنا كمصريين وشركات، أن نُقلل ذلك المليار دولار.
زراعة وتصدير واستيراد البطاطس
إنتاج تقاوى الخضر أم استيرادها
وقد وقّع بروتوكول استيراد التقاوى، الدكتور خالد توفيق، رئيس مجلس إدارة الهيئة الزراعية المصرية، والدكتور حاتم إبراهيم، رئيس الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، وأكدت الزراعة أن توقيع البروتوكول، يأتي لخدمة الإنتاج الزراعي والمزارعين، بحيث يتم استيراد التقاوي، بأفضل الشروط، وأقل الأسعار، وبأعلى مستويات الجودة، بالإضافة إلى إتمام إجراءات التخليص الجمركي، والشحن حتى وصول التقاوي إلى مخازن الهيئة، بالشروط والمواصفات المطلوبة، موضحة أن الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، ستتولى عملية تحديد كميات تقاوي الخضر الهجين المطلوبة، والأصناف المتميزة، طبقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك، وضمان وصولها في الموعد المناسب للزراعة، مؤكدة أن هذا الإجراء، يأتي أيضاً بالتزامن مع البرنامج الوطني، لإنتاج تقاوي الخضر والذي تم إطلاقه، لإنتاج هجن جديدة، تتفوق علي الأصناف الأجنبية، وهو ما يقلل من فاتورة استيراد تقاوي الخضر والفاكهة من الخارج، وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج الزراعي، والمساهمة في خفض الأسعار، ورفع العبء عن كاهل المُستهلِك.
زراعة الطماطم
تراجع عن إنتاج تقاوى الخضر محلّيّاً
ولكن السؤال المطروح الآن، هل بإعلان توقيع البروتوكول الجديد، تكون وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، قد تراجعت عن وعودها السابقة؟.. المتكررة، وسعيها الدؤوب، فى توفير تقاوى الخضروات محلياً، عن طريق معهد بحوث البساتين، بمركز البحوث الزراعية، بوزارة الزراعة، والذى كشف فى تقرير صدر عنه عام 2017م، عن مشروع جديد لتطوير محاصيل الخضر الرئيسية وإنتاج الهجن، ويهدف المشروع إلى إنتاج تقاوى هجن مصرية 100%، عالية الجودة لمصلحة المزراع، ويقاوم الأمراض، للحفاظ على عدم تلوث البيئة بالمبيدات، ويقوم المشروع ــ حسب التقرير ــ بتجميع مصادر وراثية محلية، وكذلك من بنوك المصادر الوراثية العالمية، لاستخامها فى استباط الهجن، ويعمل بالمشروع، مجموعة من الباحين المتخصصين، فى مجال الوراثة وتربية الخضر وامراض النبات، كما يقوم المشروع بخلق فرص عمل لشباب الخريجين.
تصدير الطماطم
لعبة الشركات العالمية
وكان تقرير زراعى آخر، قد أكد أن صناعة التقاوي في مصر، تواجه العديد من التحديات، ومنها أن مصر، تستورد حالياً معظم احتياجاتها من تقاوى الخضر من الخارج، بسبب صعوبة الإنتاج وخاصة تقاوى الهجين، وانصراف شركات التقاوى للاستيراد، لخوفها من تحمل مخاطرة الإنتاج، وأوضح التقرير أنه يوجد 10 مبررات تدفع مصر لإنتاج تقاوي الخضروات محلياً، خاصة في ظل العدد المحدود، من الأصناف المتاحة للزراعة فى مصر، والذى لا يفى بالغرض من زراعتها.
وشدد التقرير، علي أن عدم توافر المواصفات المرغوبة للمزارع، يسبب مشاكل كبيرة لهم، وعند حدوث أى مشكلة فى الصنف، مثل الإصابة بالآفات، التى قد تنتقل عن طريق التقاوى المستوردة، يتسبب ذلك فى انهيار الإنتاج، وبالتالى الارتفاع الجنونى للأسعار، وأوضح التقرير أن إنتاج التقاوى، يُعتبر من الصناعات الهامة والمربحة، لكثير من الدول والشركات الكبرى فى العالم، وأن تجارة التقاوى تسيطر عليها، وتتحكم فيها شركات عالمية عملاقة، تستثمر مليارات الدولارات، فى مجال إنتاج التقاوى، ويصل رأسمال الشركة الواحدة، لميزانية دولة من دول المنطقة، وأشار التقرير إلى أن هذه الشركات، تعمل على تحديد أسعار التقاوى، بما يحقق لها أرباح مذهلة، رغم إمكانية إنتاجها محلياً بأسعار أقل كثيراً مما هى عليه.
المهندس محمد صبحي الخبير الزراعي
إنشاء هيئة قومية لإنتاج تقاوى الخضر
من ناحيته، كان المهندس محمد صبحي، الخبير الزراعي، ونائب رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المتخصصة فى مجال إنتاج تقاوى الخضر، قد طالب بإنشاء هيئة قومية لإنتاج تقاوي الخضر، تضم كل الباحثين بمراكز البحوث الزراعية، والخبراء من أساتذة الجامعات، وقال "صبحي":إن الاهتمام والعمل في ملف إنتاج التقاوى، والحد من الاستيراد، هو هدف قومى لمصر وأمن قومي، مشيراً إلى أن مصر تستورد، حوالى 97 % من تقاوى الخضر، وهذا له أبعاد فى غاية الخطورة والقلق، وأكد الخبير الزراعى، أن هذا يؤثر من الناحية الاقتصادية على الدولة، بتكليفها ما يقرب من2 مليار دولار سنوياً، لاستيراد التقاوي المطلوبة، لسد الفجوة ومتطلبات المزارعين للزراعة، فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وأشار إلى أن استيراد 97% من البذور، له تأثير كبير أيضاً من الناحية الأمنية، مضيفاً "فهو يزيد من الخوف والقلق، لما يسببه من خطورة كبيرة على ضمان الأمن الغذائي، الذي تسعى إليه القيادة السياسية، لأن التقاوى هى أول وأهم بند في الزراعة".
زراعة البطاطس
وعن تأثير ذلك فنيا، شدد "صبحي" على ضرورة الحد من استيراد التقاوى، لما لها من خطورة، في عدم ملائمتها للظروف والأجواء المصرية، وما قد تحمله هذه التقاوى من أمراض فيروسية، وأمراض تنتقل إلى الأراضي الزراعية المصرية، فى أحيان كثيرة، لا يوجد لها علاج لمقاومتها، وتصبح مصدراً للوباء وانتقال الأمراض غير المعروفة".
ودعا "صبحي"، أساتذة الجامعات المصرية والباحثين والجهات المعنية، إلى تضافر الجهود لإنتاج التقاوى المصرية، الملائمه للظروف والأجواء المصرية، وذات الإنتاجية العالية، والمواصفات المنافسة، والمقاومة للتغيرات المناخية، والأمراض المنتشرة، للحفاظ على الأمن الغذائي القومى المصرى.
الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين
ضربة قاضية لمافيا تجارة التقاوى
وعن رد فعله، ورأيه فى هذا القرار، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إنّ هذا الخبر وهذا القرار، سيكون ضربة قاضية لمافيا تجارة التقاوي، وهو عين الصواب، لأن وجود التقاوي في أيدي القطاع الخاص، يعرّض الأمن الزراعي للخطر، فالتقاوي ليست سلعة وإنما هي روح الزراعة، خاصة أننا نستورد كل تقاوي الخضروات الأساسية، كالبطاطس والطماطم و البطيخ، ونستورد تقاوي البنجر، وقد عاني المزارعون خلال السنوات الماضية، من تعرضهم للاستغلال والاحتكار تارة، ومن النصب تارة أخري، من هولاء المستوردين، أمّا عن إمكانية الوزارة، فالوزارة قادرة على ذلك، وينقصها فقط ترتيب الأوراق، والذى يعنينا فى هذه القضية، هو أن تتولى جهة حكومية، عمليات استيراد تقاوى الخضر، شريطة أن تقوم بسد الثغرات التى يتضرر منها المزارعون والفلاحون، وبما لا يضر بشركات القطاع الخاص العاملة فى إنتاج واستيراد التقاوى.