السبوبة الشمال في المقابر: حكايات السحر الأسود
الأحد، 17 مارس 2019 07:00 ص
الدجالون يستغلون جشع «التُربية» ويستخدمون أسنان الموتى فى الأعمال السفلية ويضعون التعاويذ فى الأكفان
جن المقابر من أخطر أنواع الجن وهو ما دفع العرافين لنبش القبور لوضع الأسحار بها ويكتبون عليها التعاويذ والطلاسم
استغل بعض «التُربية» موقعهم الذى يعتبر أرضا خصبة لممارسة مثل هذه الأعمال فى تمرير أعمال السحر
بهالة من القدسية والمهابة إلى جانب هيبة الموت ورعبه، ارتبط السحر الأسود بالموت، وهو ما جعله أشد وأخطر أنواع السحر لصعوبة الوصول إليه وتحديد مكانه من أجل إبطاله والتخلص منه من قبل العرافين والدجالين، بالإضافة لخطورة جن المقابر وفقا لاعتقاد البعض، والذين يعتبرونه من أخطر أنواع الجن وأكثرهم إيذاءً للإنسان لارتباطه بأدوات تغسيل الميت.
واستمرارا لمسلسل انتهاك حُرمة الموتى والمقابر، استغل بعض «التُربية» موقعهم الذى يعتبر أرضا خصبة لممارسة مثل هذه الأعمال فى تمرير أعمال السحر من خلال التعدى على حُرمة الميت مقابل الحصول على عائد مادى كبير نظير خدمته التى يقدمها لمعدومى الضمير ممن يرغبون فى إيذاء الميت أو أحد من أقاربه أو حتى شخص غريب من خلال دفن الأعمال مع الميت أو وضعها فى فمه أثناء رقدته فى مثواه الأخير.
ويروى «سمير.م.ك» تُربى بمقابر الإمام الشافعى بالقرب من البساتين، بعض التفاصيل الخاصة بتلك الجرائم التى تُرتكب داخل المقابر، فيقول: «جاء أحدهم إلى منزلى بقلب التُرب، وطلب أغرب الطلبات التى طلبها أحد منى والمتعلقة بعملى، وكانت المرة الأولى التى يُطلب منى مثل هذه الطلبات، حيث عرض علىّ الحصول على سنة من أسنان أحد الموتى، وعندما رفضت ذلك عرض علىّ مبلغا ماليا كبيرا نظير هذه الخدمة، وعندما أصررت على رفضى، سألته عن سبب طلبه فرفض تماما أن يُطلعنى على السبب، فلجأت إلى أحد زملاء المهنة، أكد لى أنها توضع مع الأحجبة بهدف توجيه الأذى لأحدهم».
ويقول سمير: «إن الطلبات المتعلقة بالأعمال والسحر الأسود وتسخير الجن لم تتوقف على مدار سنوات عملى بنطاق المقابر، ففى إحدى المرات ومنذ وقت قريب فقط، وجد ابنى ثمرة «شهد» والتى يطلق عليها البعض «الكانتالوب»، موجودة فوق إحدى العيون التى تعلو مقبرة، ويوجد بجوارها حجاب، وكان هناك عشرات الدبابيس مغروسة فى تلك الثمر، وتم وضعها فوق المقبرة حتى تكون مُعرضة لحرارة الشمس، حيث إن البعض يعتقد أنه كلما تعرضت تلك الثمرة لأشعة الشمس وتذبل، فإن الإنسان الذى تم توجيه العمل له سيذبل مثلما ذبلت الثمرة».
وللسحر الأسود المرتبط بالمقابر أنواع، فهناك ما يتم دفنه فى المقابر أو فى كفن الميت، وهناك سحر مدفون داخل جسد الميت، وسحر مكتوب على عظام الميت إلى جانب السحر الذى يتم عمله بأدوات تغسيل الميت، والسحر المدفون فى المقابر هو ما يفضله الكثير من السحرة لصعوبة الوصول إليه أو فكه، كما أن جن المقابر من أخطر أنواع الجن، وهو ما يجعل السحرة يضطرون فى الكثير من الأوقات لنبش القبور ووضع السحر بها.
أما السحر المدفون فى الكفن فهو غالبا ما يتورط به المغسل أو أحد المتواجدين أثناء غسل الميت وتكفينه، لذلك يحرص الأهالى على ألا يتواجد فى هذه اللحظة سوى المقربين والموثوق بهم وأحيانا يتم دس السحر فى كفن الميت أثناء عملية الدفن، من قبل التربى أو مساعده، فى هذه الحالة يصعب على أهل الميت اكتشاف الأمر، وأحيانا يتم دس السحر فى كفن الميت بعد إتمام عملية الدفن وانصراف الأهل.
كما أن سحر «الغُسل» معروف فى جميع أنحاء العالم العربى، وهو ما يستخدم فيه السحرة أدوات غسل الميت وماء الغسل، وهو من أنواع السحر الأسود المنتشرة، وغالبا ما يستخدم هذا النوع بهدف التفريق بين الأزواج أو العقم أو تعطيل الزواج، وأحيانا بهدف أن يكون الزوج منصاعا لزوجته ولا يعارض تصرفاتها أبدا.
وفيما يخص السحر بعظام الميت، فنجد السحرة ينبشون القبور للوصول إلى عظام الميت ويكتبون عليها التعاويذ والطلاسم ثم يعيدون العظام مرة أخرى إلى القبر لدفن السحر، ويستخدم هذا السحر لأغراض كثيرة، منها سحر الجلب، وسحر الانتقام ولعظام الميت استخدام آخر فى السحر حيث تستخدم العظام كبخور والذى اشتهر باسم «بخور عظم اليهودى».
تحدثنا مع عدد من الناس ممن دفعتهم الحاجة إلى الذهاب إلى الدجالين والعرافين لقضاء حوائجهم، وخاصة ممن يعانون من بعض الأمراض النفسية التى ليس لها تفسير طبى أو علمى، وكان الطريق دائما يؤدى إلى المقابر، فالكثير ممن يحتالون على الناس باسم العلاج الروحانى والنفسى وفك الأعمال، دائما ما تكون وسيلتهم الرئيسية هى اللجوء إلى المقابر، فيرى بعضهم أن تعرض أحد المرضى للصدمة بتلك المناطق المظلمة سيوفر علاجا نفسيا للبعض ولكنه فى حقيقة الأمر نصب علنى.
«سعاد.م.ع»، سيدة أربعينية كانت تعانى من صداع دائم، فلجأت فى بداية الأمر إلى الحصول على المسكنات والعلاج، ولكن الأمر لم يُجد نفعا، فذهبت إلى الطبيب وكتب لها بعض الأدوية وطلب منها المواظبة على الحصول على مهدئ لأعصابها، ولكنها لم تتمكن من التخلص من الصداع الدائم، فأشارت عليها إحدى صديقاتها والتى تسكن فى الشقة المجاورة لشقتها، باللجوء إلى عرافة ستحل أزمتها، مؤكدة لها أن السبب وراء الصداع الذى تعانى منه هو عمل سُفلى.
وتحكى «سعاد» عن اليوم العصيب الذى عاشته منذ أن خرجت من منزلها بصحبة صديقتها مُتجهة إلى العرافة وحتى عادت فى اليوم التالى إلى منزلها وتسكن بمنطقة باب الوزير بالدرب الأحمر، فتقول: خرجت من منزلى بعد صلاة الظهر برفقة صابرين جارتى وصديقة عمرى متجهين إلى العرافة التى كانت لها علاقة قوية بصديقتى، وكانت لا تبعد كثيرا عن منطقتنا فى باب الوزير، فقد كان منزلها بمنطقة سوق السلاح، فوصلنا وبدأت فى التحدث مع تلك السيدة التى لم أرتح نهائيا لطريقة كلامها أو نظراتها، وقالت لى إن إحدى السيدات دفنت «عمل» لى فى إحدى مقابر السيدة نفيسة، ولكى يتم فك العمل لا بد أن نتجه إلى المقبرة وأنزل بها حتى يُفك العمل».
واستكملت سعاد حديثها قائلة: «انتظرنا حتى حل الليل وأصبحت العتمة تُحيط بنا، وأجريت تلك السيدة مكالمة لأحد معارفها بالتُرب وطلبت منه أن يفتح إحدى التُرب بالمنطقة المسئول عنها، تحركنا فى تمام الساعة الثامنة مساء نحو التُرب، وخلال سيرنا سألتنى عدة أسئلة أهمها إن كنت متزوجة أم لا، وأعطتنى ورقة وطلبت منى ترديد الكلام الذى بها حتى نصل إلى التربة التى سأنزل فيها، والغريب أن كل ذلك الكلام لم يكن به أى توسل أو تضرع إلى الله، وعندما وصلنا أنزلنى ذلك الرجل إلى المقبرة وأغلق علىّ، وما أن أغلق المقبرة إلا وأصبت بالإغماء وعندما استيقظت مرة أخرى وجدت نفسى فى مستشفى أحمد ماهر».
أصيبت سعاد بمرض نفسى، وحرص إخوتها على حجزها فى إحدى المصحات النفسية فى مدينة السادس من أكتوبر، وتمكنت من الحصول على العلاج المناسب هناك، وعادت من جديد إلى بيتها بعد 6 أشهر.