الباب القانوني لاسترداد الحق.. كل ما تريد معرفته عن «أمر الأداء»
الخميس، 28 فبراير 2019 12:00 ص
يلجأ صاحب الدين أو رجال الأعمال عادة بعد أن يستنفذوا كل طاقاتهم فى المطالبة بحقهم إلى رفع دعوى قضائية لرد هذا الدين حيث تمثل تلك المسألة حلاَ قانونياَ لدى الكثيرين للخروج من المأزق وهو ما يُطلق عليه فى القانون بـ«أمر الأداء»، وهو أمر يصـــدر على عريضـــة من «قاضى الأداء» لما له من سلطــة قضائية بنائاً على طلب مقدم من صاحب الشأن لاداء دين محقق الوجود وحالاً للأداء وثابت بالكتابة.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت مسألة «أمر الأداء» من حيث: « تعريفه ـ شروطه ـ إجراءاته ـ التظلم منه ـ إستئنافه ـ الطعن عليه بالنقض ـ الإشكال فيه» - بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد الصادق.
أمر الأداء :
لقد نظم المشرع أوامر الأداء في الباب الحادي عشر من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 كطريق إستثنائي لإقتضاء الحقوق في المواد 201 إلي 210 .
تعريفـــــه :
نصت المادة 201 من قانون المرافعات علي أن :
«استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداء، تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية إذا كان حق الدائن ثابتا بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به دينا من النقود معين المقدار أو منقولا معينا بذاته أو بنوعه ومقداره وتتبع هذه الأحكام إذا كان صاحب الحق دائنا بورقة تجارية واقتصر رجوعه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم.
أما إذا أراد الرجوع على غير هؤلاء وجب عليه إتباع القواعد العامة في رفع الدعوى»، الفقرة الأولي من المادة معدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ـ الجريدة الرسمية ـ العدد 22 مكرر صدر في 1/6/1992.
فنخلص من ذلك إلي أن أمر الأداء هو طريق إسثنائي من القواعد العامة في رفع الدعاوي، ذلك أن الأصل الدعوي العادية رسمتها المادة 63/1 مرافعات التي تنص علي أن ترفع الدعوي إلي المحكمة بناء علي طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون علي غير ذلك – وفقا لـ«الصادق».
إلا أن هذا الإستثناء يتطلب توافر شروط وقواعد رسمها القانون يجب إتباعها إذا ما تم إختياره كطريق لإقتضاء الحقوق ـ كما نود أن نشير إلي وجوبية إتخاذه في حالة توافر الشروط، وقد إجتهد الفقه في تعريفه إذ عرفه الدكتور محمد الصاوي مصطفي بأنه: «القرار الصادر من القاضي علي عريضة يأمر فيه المدين بأداء ما عليه من الحقوق إلأي الدائن ـ والتي نص المشرع علي إقتضائها بطريق نظام أوامر الأداء ـ بناء علي ما يقدمه الدائن من سندات المثبته لحقه، وذلك في غيبة المدين ودون مواجهة .
شروطـــــــــــه :
ذكرنا سلفاً أنه في حالة توافر شروط أمر الأداء أوجب القانون سلوك هذا الطريق لإقتضاء الحقوق، وإلا قضي بعدم قبول الدعوي لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وهذا القضاء هو في حقيقته قضاء ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن للقواعد التى فرضها القانون لاقتضاء دينه حيث أن إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر شروطه القانونية – تعلقها بشكل الخصومة وعدم اتصالها بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده – مؤداه – القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء – الكلام لـ«الصادق» .
وفي هذا الشأن قررت محكمتنا العليا أن : «طريق أوامر الأداء إذا توافرت شروطه طريق إلزامي يتعين على الدائن إتباعه، فإن لجأ إلى إجراءات التقاضي العادية كانت هذه الإجراءات باطلة لعدم مراعاة الدائن للقواعد التي فرضها المشرع لاقتضاء حقه، ويكون الدفع بذلك دفعاً بعدم القبول موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها فيكون بهذه المثابة من الدفوع الشكلية، وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 144 مرافعات، الحكم بعدم القبول هنا شكلي لا تستنفذ به محكمة أول درجة ولايتها، وفي حالة إلغائه في الاستئناف يتعين إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة».
وعملاً بنص المادة 201 مرافعات يشترط لإتباع هذا الطريق توافر الشروط التالية :
لن نلتزم بالترتيب الوارد في نص المادة 201 مرافعات، بل سنتلزم بما يوضح المعلومة بطريق أسهل فينبغي أن يكون الدين :
الشرط الأول :
أن يكون محل الحق المطالب به مبلغاً من النقود أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه أو بمقداره :
المقصود بذلك أن يكون الحق المطالب به مبلغ من النقود مثلاً «إلتزام المستأجر بأداء الأجرة»، يستوي أن يكون المبلغ المطلوب أداؤه بأي عملة مصرية أو أجنبية.
أما عن المنقول المعين بنوعه ومقداره وهو المنقول المثلي :
وهو ما يعود بنا إلي المادة 85 من القانون المدني التي تنص علي أن : «الأشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء تقدر عادة في التعامل بين الناس بالعدد أو المقاس أو الكيل أو الوزن»، مثال ذلك الماشية المحاصيل الزراعية ـ ............. من مثل ذلك
لذا يجوز إستصدار أمر أداء بالحيوانات أو الماشية أو مائة أرب أرز وهكذا .......
الشرط الثاني :
أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة .
يستوي بعد ثبوت السند بالكتابة أن يكون محرراً عرفياً أو رسمياً، إذ الأهم فيه أن يحمل توقيع أو بصمة المدين .
الشرط الثالث :
أن يكون الحق المطالب به معين المقدار .
والحكمة من هذا الشرط واضحة وهي منع المنازعة حول الحق المطالب به، لأن وجود المنازعة تتطلب تحقيقاً كاملاً ـ وهو ما لا يتوافر في أمر الأداء.
الشرط الرابع :
أن يكون الحق المطالب به حال الأداء
أي أن يكون الحق غير معلق علي شرط أو مضاف لأجل فالأصل في الإلتزام أن يكون حال الأداء فإن خلا سند الدين من تعليقه علي شرط أو إضافته لأجل أصبح حال الأداء ، فإذا ما كان معلقاً علي شرط وتحقق الشرط حل أداؤه وكذا إذا كان مضافاً لأجل وحل أجله حل أداؤه.
إجراءات إستصدار أمر الأداء :
تكليف المدين بالوفاء :
إذ نصت المادة 202 مرافعات علي أن : «على الدائن أن يُكلف المدين أولاً بالوفاء بميعاد خمسة أيام على الأقل، ثم يستصدر أمراً بالأداء من قاضى محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين أو رئيس الدائرة بالمحكمة الابتدائية حسب الأحوال وذلك ما لم يقبل المدين اختصاص محكمة أخرى بالفصل في النزاع ويكفى في التكليف بالوفاء أن يحصل بكتاب مسجل مع علم الوصول ويقوم برتستو عدم الدفع مقام هذا التكليف».
وتسهيلاً من المشرع ـ لم يرسم شكلاً معيناً للتكليف فاكتفي بأن يحصل بكتاب مسجل مع علم الوصول، ويقوم بروتستو عدم الدفع مقام هذا التكليف، ويجوز أن يحصل بأي طريق آخر مثلاً إنذار علي يد محضر أو محضر حجز أو صحيفة دعوي باطلة ـ بأي طريقة قانونية يتصل علم المدين بها .
المحكمة المختصة:
حددت المادة السالف الإشارة إليها أن المختص هو قاضي المحكمة الجزئية أو الإبتدائية تأسيساً علي قواعد الإختصاص القيمي، والإختصاص المحلي وهو محكمة موطن المدعي عليه ويجوز تقديمها إلي محكمة أخري غير محكمة موطن المدعي عليه إذا قبل المدين بذلك .....
أوراقـهــــــــــــــا :
عريضة دعوي من نسختين يقدمها الدائن أو وكيله مرفق بها ما يفيد حصول التكليف بالوفاء، وكذا السند المثبت للدين .. وإتباع الإجرءات القانونية، ويصدر الأمر علي إحدي نسختي العريضة خلال ثلاثة أيام علي الأكثر من تقديمها لقلم كتاب المحكمة .
إذا قبل أمر الأداء فإنه يسقط إذا لم يعلن المدين به خلال 3 شهور من صدوره، إلا أنه في غالب الأمر يصدر القاضي قراره برفض الطلب وتحديد جلسة موضوعية، وهنا يجب علي الدائن أن يعلن أمر الأداء للمدين مبيناً الجلسة التي حددتها والدائرة إلي آخر البيانات الواجب توافرها في التكليف بالحضور .
التظلم من أمر الأداء :
يجب إتباع القواعد القانونية الخاصة بالتظلم المنصوص عليها بالمادة 206 مرافعات :
1ـ للمدين أن يتظلم في الأمر الصادر ضده خلال عشرة أيام من إعلانه، وإلا سقط حقه في التظلم في حال عدم الإلتزام بالميعاد ، كذا يسقط حقه إذا إستأنف مباشرة الأمر . ويعتبر ميعاد التظلم مرعياً بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب خلال الميعاد ولو لم تعلن خلال العشرة أيام .
2ـ التظلم يتم بالإجراءات المقررة لرفع الدعوي بموجب صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة.
3ـ يقبل التظلم شكلاً بصرف النظر عن قيمة الحق .
4ـ إذا تخلف المتظلم عن الحضور تحكم المحكمة من تلقاء نفسها باعتبار التظلم كأن لم يكن
تختص المحكمة التي صدر منها الأمر ولو كانت غير مختصة ، فاذا رفع التظلم أمام المحكمة المختصة أصلاً باصدار الأمر وجب عليها الحكم بعدم الإختصاص دون الدفع به من الخصم حيث أنه دفع يتعلق بالنظام العام .
إستئناف أمر الأداء :
• أجازت المادة 206 مرافعات إستئناف أمر الأداء دون التظلم منه وفي هذه الحالة يسقط الحق في التظلم كما ذكرنا آنفاً، وفي هذه الحالة يخضع لقواعد الإختصاص القيمي أي يقبل الإستئناف وفقاً لقيمة الدعوي فغذا كان قد صدر في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة التي أصدرته لا يقبل الإستئناف فيه.
• وتختص المحكمة الإبتدائية باستئناف الأمر الصادر من المحكمة الجزئية، في حين تختص محكمة الإستئناف الصادر من المحكمة الإبتدائية .
• أربعون يوماً هي ميعاد إستئناف الأمر بصرف النظر عن المحكمة التي أصدرته وللمستشار مصطفي هرجه رأي إذ يفرق بين حالتين :
الحالة الأولي : إذا أعلن الأمر ولم يتظلم منه فيبدأ ميعاد الإستئناف من تاريخ فوات التظلم أي خلال خمسين يوماً من تاريخ الإعلان باضافة مدة العشرة أيام الخاصة بميعاد التظلم إلي مدة الإستئناف .
الحالة الثانية : إذا تظلم المدين وقضي في تظلمه فيبدأ الميعاد من تاريخ صدور الحكم في التظلم ومدته أربعون يوماً وفقاً للقواعد العامة .
إجراءات الإستئناف :
لم ينص المشرع علي إجراءات خاصة لإستئناف أمر الأداء وإنما يخضع للقواعد العامة لإستئناف الأحكام .
رفع دعوي أصلية ببطلان أمر الأداء :
يجوز رفع دعوي أصلية ببطلان أمر الأداء شأنه في ذلك شأن الأحكام وفقاً للقواعد العامة مثلاً كأن يصدر معدوماً أو صدر لصالح شخص توفي قبل تقديم الطلب .
الطعن بالنقض في أمر الأداء :
وفقاً للرأي الراجح في الفقه يجوز الطعن بالنقض في أمر الأداء إذا صدر نهائياً علي خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي .
وقد إستقر قضاء النقض علي أن أمر الأداء يعتبر بمثابة حكم وما دام ميعاد التظلم منه وإستئنافه إنقضيا فإنه يعد بمثلابة حكم نهائي يجوز الطعن فيه بالنقض .
وذهب رأي آخر إلي عدم جواز الطعن علي الأ/ر بالنقض إذ أن نص المادة 249 مرافعات نصت علي الأحكام فقط .
إلتماس إعادة النظر في أمر الأداء :
يجوز الطعن بالتماس إعادة النظر في أمر الأداء إذا صار نهائياً وتوافر سبب من أسباب الإلتماس طبقاً للقواعد العامة .
إشكالات التنفيذ في أمر الأداء :
بمجرد صدور أمر الأداء صار بمثابة حكم يجوز الإشكال فيه طبقاً للقواعد العامة للإشكال في الأحكام ويجوز أن يبديه طرفي الأمر وكذا يجوز إثارته من الغير، مع ملاحظة شروط قبول الإشكالات .
فاذا ما كان باب الطعن مفتوحاً يجوز الإستشكال في الأمر بشرط جديتها وفي هذه الحالة إذا تبين للقاضي أن أمر الأداء لم يصبح نهائياً وأن الأسباب التي بني عليها الإشكال سابقة علي صدوره مع وضوح جديتها جاز له أن يأمر بوقف التفيذ مؤقتاً حتي يفصل نهائياً في الطعن
أما إذا فوت المدين مواعيد الطعن دون إتخاذ إجراء فإن الإشكال في هذه الحالة يجب أن يؤسس علي أسباب لاحقة علي صدوره .