بعد الانشغال بالمعارك الفرعية.. أين مجلس نقابة المحامين من تحديد راتب لائق للمتدربين؟
السبت، 29 ديسمبر 2018 10:00 ص
تدفع الصفحات المهتمة بشئون مهنة المحاماة على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام بأنباء الحكم الصادر ضد نقيب المحامين، حيث تباينت ردود الأفعال ما بين مؤيد أو معارض، وأكثر ما أثار الإنتباه في هذه المشاحنات إنها لم تتطرق من قريب أو بعيد للقضايا الأهم التي يجب أن تشغل بال المحامي.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد عددا من المشاكل التى من المفترض أن تشغل بال مجلس نقابة المحامين أكثر من الإنشغال بمسألة حبس النقيب سامح عاشور- بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد أحمد الشهير.
الأولى بالمحامين وخاصة الشباب منهم أن ينشغل بالهم بتقاعس مجالس النقابة المتعاقبة عن تحديد حد أدنى لمكافأة المحامي المتدرب عملاً بما نصت عليه المادة التاسعة والعشرين من قانون المحاماة، حيث أنه كيف لشباب المحامين أن ينشغل بالهم بحكم صادر ضد فرد من أفراد النقابة، بينما يعانون كل يوم لتحصيل الفتات من الأجر الذي لا يسد الرمق ولا يضمن لهم أدنى مستوى من الحياة اللائقة بمهنة من أسمى المهن؟ - وفقا لـ«الشهير».
فمنذ صدور قانون المحاماة عام 1983 وحتى الآن لم نسمع عن مجلس من مجالس النقابة يجتمع لوضع حد أدنى ملزم لأصحاب مكاتب المحاماة يكونون مجبرين بموجبه على إعطاء المحامي المتدرب حقه اللائق والمناسب لما يبذله من مجهود بدني ونفسي في أروقة المحاكم، ففي ظل غياب الآلية المنظمة المقرونة بالجزاءات المناسبة لتنظيم التعامل بين المحامي المتدرب وبين صاحب العمل، سيظل حال المحاماة كما هو دون أمل في التطوير – هكذا يقول «الشهير».
فكيف نطلب الإحترام من غيرنا ونحن ندرب المحامي على أن يبدأ حياته المهنية راضياً بأقل مما يستحق؟ كيف نطلب الكرامة لمهنتنا ونحن نقتل غريزة العدل في نفس المحامي المتدرب؟ ويأبى المنطق ما يدافع به أصحاب المكاتب من أن المحامي المتدرب جاء ليتعلم وأن تعليم أصول المهنة هو المقابل لجهد المحامي الشاب في المحاكم وأقسام الشرطة.
فهذا المنطق الكريه ليس سوى كلمة حق أريد بها باطل، لأن الجهد والضغط النفسي العصبي الذي يتحمله المحامي الشاب في سبيل إنجاز مهام العمل يستحق مقابل أعلى من أي مهنة أخرى، وما يزعمه الزملاء القدامى في المهنة من أن المتدرب يتعلم أصول القانون هو قول مردود، لأن أكثر من تسعون بالمائة من مكاتب المحاماة لا تهتم بتعليم المتدرب سوى إجراءات العمل الإداري بالمحاكم والنيابات دون أي تثقيف قانوني حقيقي – الكلام لـ«الخبير القانونى».
وفي خضم هذه المعاناة لا نجد متهماً بالتقصير سوى النقيب العام ذاته ومجالسه المتعاقبة الذي تولت مقدرات نقابة من اعظم النقابات المهنية وأقدمها، فهذه المجالس المتعاقبة لم تسعى في يوم من الأيام إلى إخضاع علاقة العمل بين المحامي المتدرب وصاحب مكتب المحاماة إلى قانون العمل حتى يتمكن المحامي المتدرب من الحصول على حقوقه المالية، مما ادى لتأثيرات سلبية على الاداء المهني وإضطرار شباب المحامين إلى قبول راتب لا يكفي لمعيشة لائقة بالمهنة التي يمتهنوها، ولذلك فقد فشل النقيب العام ومجلسه بإمتياز في تحقيق الأمان الإجتماعي لأعضاء النقابة من شباب المحامين – طبقا لـ«الشهير».
ولا أعلم سبب مقنع لما كانت تقيمه هذه المجالس من مؤتمرات تناقش فيها قضايا إقليمية وعالمية تنفق عليها الملايين ولا يصل تأثيرها لأبعد من القاعة التي يتم عقد المؤتمر بها، بينما تترك شبابها يعانون وسط ظروف إقتصادية أكثر من السيئة، إن نقابة المحامين المصرية أكبر وأعظم من أن تكون مسرحاً لممارسات تحزبية وإقصائية قد تصلح لمن تختمر عقولهم بأفكار اليسار أو عقائد الراديكالية المتطرفة مثل شراذم الإخوان، لكن هذه الممارسات لا يجب أن تجد لنفسها موطئاً في نقابتنا العتيدة التي حان الوقت لأن يتولى دفتها من يؤمونون ببعدها القومي والوطني حقاً – وفقا لـ«الشهير».
عزيزي النقيب العام، أعلم أن هناك ضعفاَ قانونياَ داخل مجلسك الموقر، ولكني أعلم أيضاً مقدار مهارتك السياسية، وأرجو أن تسعفك هذه المهارة في تدارك أخطاء الماضي والبدء بتصحيح أوضاع شباب المهنة مادياً وإجتماعياً ومعرفياً كخطوة اولى، ثم إلغاء قراراتك التعسفية والقبول بحكم القضاء حتى يصدر نص قانوني فاصل بينك وبين من أصدرت قراراتك ضدهم – الكلام لـ«الشهير».
وأخيراً، نعود للتأكيد على أن الحكم الصادر بحبس نقيب المحامين هو حكم إبتدائي قابل للطعن فيه وقد يتم تأييده أو إلغائه، وأرى بوضوح أنه لا يوجد مبرر لتحويل حكم جنائي إلى معركة نقابية، لأن الحكم لم يصدر بسبب الإمتناع عن قيد خريجي التعليم المفتوح، بل إنه صدر كما يبين من حيثياته بسبب إتباع وسائل غير مشروعة في تنفيذ هذا القرار الضمني تجاه حالة فردية، فالإمتناع عن تنفيذ احكام قضائية باتة من قبل نقابة مهنية يعتبر إعتداءاً على هيبة الدولة ونفاذ سلطتها، وهو ما لا يليق بنقابة تدير شئون أحد جناحي العدالة.