نظرة قانونية.. هكذا تسببت المادة «375 عقوبات» في حبس نقيب المحامين عامين
الجمعة، 28 ديسمبر 2018 01:00 م
صدر مؤخرًا حكم قضائي من أحد محاكم الجنح الجزئية، بحبس نقيب المحامين سامح عاشور سنتين في الجنحة المباشرة المقيدة برقم 16420 لسنة 2018 المقامة من بعض الحاصلين على ليسانس الحقوق بنظام التعليم المفتوح من الالتحاق بنقابة المحامين، ورفضت النقابة قيدهم رغم صدور حكم من محكمة القضاء الإدارى يقرر أحقيتهم في هذا القيد.
وآثار هذا الحكم لغطًا كبيرًا في الأوساط القانونية ما بين مؤيد للحكم ومعارض له، المؤيدون كان رأيهم أنه يجب احترام أحكام القضاء، التي قررت أحقية القيد ولا يجمل بنقيب المحامين سامح عاشور، وهو رجل قانون محال أن يعص أحكام القضاء أو يتمرد عليها، وإنما عليه أن يرضخ لها وإلا حق عليه العقاب.
والرافضون لحكم الحبس، رأيهم أن مسلك النقيب سامح عاشور في منع القيد صحيح، لأن طلبه التعليم المفتوح لا يصلحوا للقيد في نقابة عريقة كنقابة المحامين لأن ما تلقوه من علم دون المستوى، ولا يعقل أن يتبوء تلك المهنة ويدافع عن الحقوق والحريات جاهل، لا حول له ولا قوة سوى ورقة شراها بثمن بخس.
وبغض النظر عن الجدل الدائر في هذا الشأن كان لزامًا علينا إلقاء الضوء علي حكم الحبس الصادر ضد النقيب لا تأييدًا أو رفضًا أو تعليقًا أو نقدًا، وإنما شرحًا وبسطًا للمادة "375 عقوبات"، والتي عوقب بمقتضاها النقيب سامح عاشور، وكذا شروط تحريك الجنحة المباشرة للوصول إلى الرأي القانونى النهائى والصائب حول سداد حكم الحبس من عدمه، إذ ما دام طرق الطعن في الحكم لازالت مفتوحة لننأى بأنفسنا عن التدخل في شؤون العدالة.
فى هذا الشأن، يقول ياسر فاروق الأمير، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، إن أول ملاحظة تتمثل فى أن من شروط تحريك الجنحة المباشرة أن تكون الدعوي الجنائية مقبولة، وهي لا تكون كذلك متي خص القانون النيابة العامة بتحريكها ورفعها، كما هو الشأن في الجرائم التي ترتكب في الخارج وجرائم الموظفين العموميين «المادتين 4 عقوبات 63 إجراءات».
ووفقًا لـ«الأمير» في تصريحات لـ«صوت الأمة»- فإن قانون المحاماة في المادة 51 حظر التحقيق مع المحاميين، إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، مما يدل بمفهوم الموافقة أو بالأحري دلالة المناط حظر اتهام المحامي برفع جنحة مباشرة ضده إلا بمعرفة النيابة العامة، لأنه إذا كان التحقيق وهو أقل وطأة على المحامي محظور على غير النيابة العامة إجراؤه، فإن الاتهام يحظر من باب أولى لأنه أشد من التحقيق، مما يعني حظر الإدعاء المباشر بصدد جرائم المحاميين، وهو ما نحاه قانون هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، حيث أكدت محكمة النقض هذا النظر بشأن جرائم الطلب، إذ قررت في أكثر من مرة أنه مادام القانون حظر اتخاذ إجراءات التحقيق قبل تقديم الطلب، فيحظر كذلك رفع الدعوى قبل تقديم الطلب ولو لم ينص المشرع على ذلك صراحة.
والملاحظة الثانية –بحسب «الأمير»- فإن المادة "375 عقوبات" تطلبت نشاط إيجابي يصدر من الجاني، متمثل في استعمال القوة أو العنف أو التهديد أو تدابير احترازية غير مشروعة، للاعتداء على حق الغير في العمل أو اشتغاله بجمعية، ومن ثم فإن مجرد الامتناع عن قبول شخص في شركة أو جمعية أو خلافه لا يحقق الجريمة، إذ يلزم دومًا فعل إيجابي من الجاني وليس مجرد امتناع.
ويلزم ثانيًا لتحقق الجريمة في صورة الاعتداء على حق العمل أن يكون الغير قد التحق بالعمل فعلا ثم استعمل الجاني القوة.... إلخ؛ للحيلولة دون إنجاز أعماله، أما إذا كان الغير لم يلتحق بالعمل ولكنه تقدم بأوراقه فرفضها رب العمل أو امتنع عن استلامها وإلحاقه بالعمل فلا ينطبق النص، أما بالنسبة للصورة الأخرى للجريمة والمتمثلة في اتخاذ تدابير غير مشروعة للحيلولة دون استخدام شخص في جمعية، فيلزم لتحققها أن تكون تلك التدابير فوق أنها غير مشروعة قائمة على أعمال مادية وليس قانونية، وهو ما حرص المشرع علي تأكيده حينما ضرب بعض أمثلة لهذه التدابير كإخفاء أدوات العامل –هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى.
أخيرا يلزم أن يكون من شأن القوة أو التدابير غير المشروعة الحيلولة دون اشتغال الغير في جمعية وتخصيص الجمعيات، يعني أن ما عداها من شركات أو نقابات أوهيئات لا يؤدي منع الغير من الالتحاق بها إلى تحقق الجريمة، ودليل ذلك أن المشرع درج في قانون العقوبات على النص صراحة، على النقابات بجانب الجمعيات كلما أراد والأمثلة كثير مثل المواد 116 مكرر و119، والقاعدة أن المشرع متي شاء قال ومتي أبى سكت، ولا يجوز القياس في مجال التجريم بالحاق النقابات بالجمعيات عملا بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وحظر القياس علي نصوص التجريم والعقاب، فهل أصاب حكم حبس النقيب؟ أم علي العكس أخطأ؟