فتح نقيب عام الفلاحين، حسين عبد الرحمن أبوصدام، قضية استيراد السكر وزراعة القصب وبنجر السكر من جديد، خلال حديثه عن قرب فترة الفطام لمحصول القصب استعداداً لحصاده (كسر القصب)، الذي يختلف باختلاف نوعية الأرض والظروف الجوية السائدة.
وسلط تصريح نقيب الفلاحين، الضوء على معاناة مزارعي القصب وبنجر السكر، والتناقض الواضح بين فتح باب استيراد السكر على مصرعيه في بعض الأوقات، في الوقت الذي يتم التضييق فيه على المزارعين في تحديد سعر توريد وبيع المحصولين الهامين في إنتاج السكر، رغم الطفرة الهائلة التي حدثت لأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي.
كسر القصب ومزارعيه
يقول أبوصدام، لـ صوت الأمة، إن أسباب الفجوة في إنتاج السكر، يرجع في البداية لمحصول القصب، لأنه في جميع الأحوال يجب ألاّ تزيد فترة الفطام عن 30 يوما، قبل عملية كسر القصب حتى لا تتأثر نسبة السكر المستخلص منه، ومع تعالي أصوات مزارعي القصب لزيادة الأسعار لتغطي ثمن تكلفة المحصول وهامش ربح مناسب لتعب وجهد عام كامل في انتظار يوم الحصاد،تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لإقرار سعر طن القصب في يناير الماضي ليكون 720 جنيها للطن.
ويضيف نقيب الفلاحين، أن المزراعين يطالبون بزيادة السعر هذا العام ليناسب مع الزيادات في أسعار مستلزمات الإنتاج، وتتجه أنظار الحكومه للأسعار العالمية التي يبدو أنها منخفضة هذا العام، وما بين هذه المطالبات وتلك النظرات نسلك طريق الصالح العام.
ويتابع: في عام 1972 كانت مصر تكتفي ذاتيا من إنتاج السكر، وكان الإنتاج 600 ألف طن تقريبا، وفي هذا الوقت كنّا نستهلك حوالي 520 ألف طن حسب تعداد السكان في ذلك الوقت، وكان متوسط استهلاك الفرد سنوياً حينها حوالي 17 كيلو جرام، أمّا الآن وعلى الرغم من أن مصر بها أكثر من 9 مليون مصاب بمرض السكر، فإن معدل استهلاك السكر في مصر قفز من 520 ألف طن 1972 إلى 3.5 مليون طن 2017.
كسر محصول القصب
ويكمل نقيب الفلاحين: «وعلى الرغم أيضا من زيادة الإنتاج من 600 ألف طن سكر عام 1972، إلى 2.5 مليون طن 2017، فإن الزيادة السكانيه وزيادة معدل استهلاك السكر جعلتنا نستورد مليون طن سكر، بعدما كنّا نكتفي ذاتيا، ومع أن المعدل الطبيعي والصحي لاستهلاك الفرد من السكر هو 24 كيلو جرام سنويا، إلاّ أن المواطن المصري يستهلك 35 كيلو جراما سنويا.
زيادة مساحة البنجر
وتسعى الحكومة في الأونة الأخيرة، إلى التوسع في زراعة بنجر السكر والحد من التوسع في زراعة القصب ترشيدا لاستهلاك المياه، بحسب أبو صدام. ويضيف: على الرغم من أن المنزرع حاليا من قصب السكر حوالي 375 ألف فدان، تقع بكاملها في محافظات الصعيد، وينتج الفدان الواحد في المتوسط 40 طناً وينتج طن القصب حوالي 120 كيلو سكر، علاوه على 21 منتجاً آخر كالورق والعسل الأسود والإيثانول والعلف وخلافه، فإن إنتاج القصب يساهم بـ مليون و100 ألف طن سكر في مصر ويساهم البنجر بـ 1.4 مليون طن من مساحة 550 ألف فدان بمتوسط إنتاجية 19 طناً للفدان.
ويكمل: بالإضافة إلى أن البنجر أقل استهلاكا للمياه وتعتبر فترة وجوده بالتربة أقل من القصب، ويجود في معظم الأراضي، ويصنع منه بالإضافة إلى السكر العلف ويمكن تحسين إنتاجية فدان البنجر بزراعة الأصناف وحيدة الأجنة، التي تزيد الإنتاجية إلى 30 طنا للفدان، ويضاف إلى مميزات البنجر سهولة تسويقه بنظام الزراعة التعاقدية، حيث يحصل المزارع على التقاوى مُدعمة، لأن سعر كيلو تقاوي البنجر يصل إلى 120 جنيها، بينما يحصل عليها المزارع بـ 30 جنيها فقط، كما أن مزارعي البنجر متعاقدون مع المصانع، التي تعطيهم دعما في التقاوي أولحرث الأرض أو دواء الرش مجاني، فالمصنع يخدم المزارعين ليحصل على المحصول منه عند التوريد.
هدف قومي
ويشير أبو صدام، إلى أن استحواذ بعض الشركات ورجال الأعمال على سوق السكر المصري، تسبب في توجيه البوصلة نحو الاستيراد على الرغم من سهولة الاكتفاء الذاتي من السكر، وتحصد هذه الشركات الخاصه حصة كبيرة في استيراد السكر من الخارج، وتساهم في تحديد أسعاره للمستهلكين، كما يستحوذ القطاع الحكومي على نحو 60% فقط من حجم إنتاج السكر فى مصر، ويتم توجيه أغلبه إلى بطاقات التموين،و هو مايؤدي إلى ظهور العجز وتفاقم المشاكل.
كسر القصب
ويؤكد نقيب الفلاحين، أنّ هناك خطوات مهمة علينا أن نلتزم بها إذا أردنا الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من السكر محليا، وتبدأ من زيادة المساحة المنزرعة بالبنجر ودعم وتشجيع مزراعي البنجر بوضع أسعار مشجعة، وكذلك توفير مستلزمات الإنتاج والخدمات الإرشادية للمزارعين مع توفير التقاوي وحيدة الأجنة ذات الإنتاجية العالية بأسعار مناسبة وتبديل المساحات المزروعة بالقصب بأصناف قصب جديدة تكون إنتاجيتها أكثر ونسبة السكر بها أعلي وكذلك التوعيه بضرورة ترشيد استهلاك السكر على أن يصبح الاكتفاء الذاتي من السكر هدف قومي، تحت عنوان «24 كيلو جرام» سكر سنويً للمواطن صحياً ويجعلنا نكتفي ذاتياً.
أسعار مستلزمات الإنتاج نار
بدوره، يرى الحاج يوسف عبد الراضي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العامة لمنتجي القصب، إن «السعر الذي يرضى مزارعي القصب ويتوافق مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والوقود، هو مبلغ ألف جنيه لطن توريد القصب، حتى لا يعاني المزارعون من الخسارة بعد زراعة المحصول لمدة عام كامل، وهذا السعر ليس تعجيزاً ولا إضراراً بأحد ولكنه نتيجة طبيعية لزيادة أسعار الأسمدة من 164 إلى 174 جنيهاً، والسولار من 73 إلى 110 جنيهات، والسولار والأسمدة إضافة للعمالة والتقاوى وكسر القصب ورعايته لحوالى عام كامل تمثل جملة الإنفاق على زراعة المحصول.
ويشير عبد الراضي، إنه من دواعى سروره، أن الدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة يعلم ما يعانيه مزارعو القصب، وكذلك الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، لأنهما من الصعيد ويزرعان القصب في الأراضي الخاصة بهما، ويعلمان جيدا ما وصلت إليه الأسعار، ولذلك نأمل ــ والكلام لرئيس مجلس إدارة الجمعية العامة لمنتجى القصب ــ أن يتوافقا على سعر ألف جنيه للطن.
تراجع مساحة البنجر
ورغم كثرة وتعدد مشاكل زراعة القصب، من تقليص مساحته إلى تدني سعر توريده وعدم تناسبه مع زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج، إلاّ أن الأزمة طالت زراعة وتوريد بنجر السكر أيضا، خاصة ما يتعلق بسعر التوريد، فبعد أن وافقت الحكومة على رفع السعر من 275 إلى 400 جنيه للطن، قوبل هذا السعر باعتراض من مزارعى البنجر، نظرًا لارتفاع تكلفة الإنتاج بعد التعويم.
تقليع بنجر السكر
وقال محمد جبر، رئيس الجمعية العامة لمزارعي بنجر السكر في تصريحات له حينذاك: «إذا لم يرتفع سعر توريد البنجر في الموسم الحالي عن السعر المحدد من الشركات، ستنخفض المساحات المزروعة من 520 ألف فدان حالياً إلى 200 ألف فدان العام المقبل، بما يهدد حجم إنتاج السكر الذي يعتمد على البنجر بشكل أساسي».