أزمات متكررة ومستمرة تسيطر على المشهد السياسي الإيراني، وضعت حكومة روحاني في مأزق أمام المجتمع الداخلي والدولي، تتفاقم بالتتابع مع استمرار العقوبات الأمريكية على طهران، والتعامل الملالي مع الأوضاع في الداخل.
فالداخل الإيراني يعاني من صراعات داخلية بين التيارين المتنافسين الإصلاحي والمحافظ، إضافة إلى احتجاجات عمالية تزداد ترديا، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وانشغال حكومة الرئيس حسن روحاني بإبقاء الاتفاق النووي قيد الحياة وتحسسها قنوات مالية مع أوروبا للالتفاف على العقوبات والتقليل من تأثيرها السلبي على البلاد.
وفي الوقت الذي، تعاني فيه طهران الأمرين، تستعد كعادتها، لإيجاد طريقة تمكنها من الالتفاف على عل العقوبات الأمريكية، ذلك من خلال العمل بنظام إصدار تأشيرات الدخول للأجانب دون ختم جواز السفر بجميع منافذ ومطارات البلاد بدءا من ديسمبر الحالي، في خطوة تهدف إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية.
وأعلن مساعد رئيس الجمهورية لشؤون التراث والسياحة والصناعات اليدوية، على أصغر مونسان، أن الإجراء جاء بعد سن قانون جديد لتنظيم الإجراءات.
ويأتي القرار الإيراني، بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على المسافرين إلى إيران خاصة من أوروبا، حيث لم يعد بإمكان الأوروبي الذي يزور إيران الاستفادة من نظام رفع التأشيرات مدة 89 يوماً الذي تتبعه واشنطن مع رعايا الاتحاد الأوروبي.
وكانت ثمانية مطارات في إيران تقوم بالعمل سابقاً بنظام شبيه بناءً على طلب السياح، لكن اعتبارا من ديسمبر، فإن كل السياح الأجانب سيحصلون على ورقة تأشيرة خارج جواز سفرهم يتم ختم الدخول والخروج عليها.
وأوضح المصادر، أن الأجهزة الأمنية خففت معارضتها بعد تأمين نظام إلكتروني شامل يربط جميع المنافذ. ويتيح القانون الجديد لرعايا 120 دولة الحصول على تأشيرة دخول فور الوصول إلى المنافذ الإيرانية في محاولة لاجتذاب السياح.
والسبت، قال مسؤول إيران في قطاع التجارة، إن طهران وسول تعملان على إطلاق آليه لتبادل سلع كورية جنوبية مقابل صادرات نفط إيرانية، في إطار محاولات طهران للتخفيف من أثر العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
كان النظام الإيراني، عانى الأمرين، جراء العقوبات الأمريكية، الموقعة عليه، وكان أبرز تلك الأزمات والتي تهدد التشكيلة السياسية للمجتمع الإيراني، المشاكل داخل البرلمان، حيث أصبحت مخالب المتشددين أكثر حدة، وباتوا يهددون بإقصاء رموز التيار الإصلاحي والمعتدلين وحتى المقربين منهم من الميدان السياسي، وصل بهم الحال لتقديم طلب لرئيس البرلمان لاستجواب رئيس البرلمان نفسه!.
الأمر سخرت منه صحف إيرانية، صحيفة «جهان صنعت» قالت في عددها الصادر الأربعاء، إن جمع توقيعات استجواب ؤئيس البرلمان «بدعة»، والسبب هو دعم علي لاريجاني مواقف فريق روحانى فى إقرار قانون مكافحة تمويل الإرهاب والانضمام لمعاهدة مجموعة العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال FATF والتى يخشى منها التيار المتشدد.
وتعلل النواب استجواب لاريجانى كونه أرسل مشروع قانون لوائح تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، من دون طرحه أمام جلسة علنية بالبرلمان.
وبرز اسم على لاريجانى مؤخرا بين أوساط إصلاحية، وتحدثت تقارير عن وجود احتمالية كى يخلف حسن روحاني فى انتخابات 2021 الرئاسية وأن يكون مرشح هذا التيار القادم.
وترأس لاريجانى البرلمان 8 سنوات فى دوراته الـ 8 والـ 9 على التوالي والدورة العاشرة الحالية، وهو شخصية محسوبة على التيار المحافظ المقرب من المعتدلين الذين أصبحوا معروفون بجماعة رفسنجانى المعتدلة.
وزير الخارجية محمد جواد ظريف أيضا في مرمى المتشددين، فاتهموه مؤخرا بـ«الإفساد فى الأرض» على لسان الإعلامي الإيراني وحيد يامين بور، فقد وقع 24 نائب بالبرلمان على طلب استجوابه على خلفية تصريحات عن تفشى عمليات غسيل الأموال فى البلاد والتى أثارت الكثير من الجدل مطلع نوفمبر الجاري.
والتي اتهم فيها الوزير الإيراني جهات داخل إيران بالقيام بعمليات غسيل أموال واسعة، وقال ظريف، فى مقابلة مع موقع "خبر أونلاين" على خلفية رفض المتشددين ومجلس صيانة الدستور انضمام إيران إلى(FATF)، أن عمليات غسيل الأموال فى بلاده حقيقة، وأن من يقومون بذلك يحاولون صناعة رأى عام معارض فى الداخل لتشريعات تتعلق بمكافحة هذه الأمور، لضمان مصالح اقتصادية "لأفراد" لم يسمهم.
وعلقت صحيفة سازندگی (سازندجي)، الإيرانية التى تعد منبرا إعلاميا لحزب كوادر البناء (التيار المعتدل) واصفة الاستجواب بسلاح الأصولين فى البرلمان وقالت تحت عنوان حربة الاستجواب "الجناح الأصولى فى البرلمان والذى يعارض إنضمام إيران لـ FATF يسعى هذه الأيام لوضع الشخصيات المؤثرة تحت ضغوط من زاويتين، الأولى يحاول استجواب وزير الخارجية بشأن غسيل الأموال، ومن ناحية أخرى يهدد على لاريجانى الذى يعد أهم داعم للحكومة فى البرلمان بالاستجواب غبر استخدام مادة فى القانون، وتساءلت هل سينجحون فى تحقيق أهدافهم؟.
فى غضون ذلك تشير تقارير إلى مواصلة احتجاجات عمالية لعمال قصب السكر فى شركة "هفت تبه" للأسبوع الثالث على التوالى، مطالبين بتقاضى رواتبهم المتأخرة وبإعادة المصنع إلى القطاع العام وبإطلاق متزعّم تحرّكهم، وحذر رئيس القضاء الإيرانى صادق لاريجانى من أن أعداء إيران تسعى إلى استغلال مطالبهم من أجل بلوغ أهدافهم والإخلال بأمن البلاد.
فيما تجاهل المرشد الأعلى الأزمات الداخلية وتأثير العقوبات، ودعا المرشد الأعلى على خامنئى، لتعزيز قدرات إيران العسكرية، كى لا يتجرأ العدو حتى على تهديد الشعب الايراني، على حد تعبيره، وخلال استقباله اليوم الاربعاء عددا من قادة القوة البحرية التابعة للجيش الايراني، أكد على ضرورة تعزيز الاستعدادات، وقال خامنئي: «عززوا قدرتكم وتأهبكم قدر المستطاع كي لا يتجرأ أعداء إيران حتى على تهديد هذا الشعب العظيم". وأضاف "الجمهورية الإسلامية لا تنوى شن حرب على أحد».