هل تقطع روسيا أذرع أردوغان في سوريا.. ديكتاتور تركيا يخطط للزج بموسكو في الهجوم على حلب
الخميس، 29 نوفمبر 2018 11:00 ص
على الرغم من الاتفاق الذى عقده الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان فى سوتشى، والمعروف بـ"اتفاق إدلب"، والذى ينص على تفكيك الميليشيات الإرهابية المدعومة من أنقرة، ونزع أسلحتها، مقابل عدم قيام الجيش السورى وحلفائه الروس بأى هجوم على المنطقة التى تتواجد بها تلك الفصائل، فقد جاء الهجوم الكيماوى الأخير على مدينة حلب السورية، وهو ما يمثل نقطة فارقة فى مستقبل ليس فقط الدور التركى فى سوريا، وإنما أيضا العلاقات التركية الروسية فى المرحلة المقبلة.
الحكومة الروسية حرصت بصورة كبيرة على استقطاب الجانب التركى فيما يتعلق بالقضية السورية، فى محاولة لتفكيك المعسكر المناوئ للرئيس السورى بشار الأسد، وهى الخطة التى حققت نجاحا كبيرا، حيث أصبحت موسكو هى القوى الفاعلة الوحيدة فى سوريا خلال السنوات الماضية، على حساب المنافس الأمريكى وحلفائه، إلا أن الهجوم الأخير ربما يثير الشكوك حول احتمالات تواطؤ تركى، وهو ما بدا فى التصريحات الرسمية للحكومة السورية والتى اتهمت جبهة النصرة، والمدعومة من أنقرة، بالتورط فى الهجوم، وبالتالى انهيار اتفاق إدلب، والذى كان يحتفظ بدور ضئيل لأنقرة.
الاتهامات السورية لتركيا ليست أحادية الجانب، حيث سبق للجانب الروسى نفسه باتهام أنقرة بالتخاذل فى تنفيذ بنود الاتفاق الذى تم إبرامه فى منتجع سوتشى فى سبتمبر الماضى، محذرا فى الوقت نفسه من التقاعس التركى، والذى سيؤدى إلى هجوم كاسح من قبل القوات السورية المدعومة من روسيا على معاقل الميليشيات المتطرفة فى إدلب، وهو الأمر الذى يمثل كارثة بالنسبة لتركيا، ليس فقط لكسر أذرعها الإرهابية فى سوريا، وإنما أيضا لما قد يترتب عليه مثل هذا الهجوم من تدفق ألاف اللاجئين إلى الأراضى التركية، فى ظل أوضاع اقتصادية تبدو منهارة.
ولن تقتصر الأزمة التركية، إذا ما أقدمت روسيا على شن هذا الهجوم، على مجرد زيادة أعداد اللاجئين، وإنما تمتد إلى احتمالات تسلل عناصر إرهابية إلى الداخل التركى، وهو الأمر الذى يمثل تهديدا صارخا للأمن فى أنقرة، مما يفاقم حجم التحديات التى يواجهها الرئيس التركى فى المرحلة الراهنة، وهو ما قد يمتد كذلك إلى دول أخرى فى أوروبا، والتى عانت فى السنوات الماضية من زيادة كبيرة فى الهجرة، ربما أدت إلى العديد من الحوادث الإرهابية، وبالتالى حالة من الغضب داخل المجتمعات الأوروبية.
التواطؤ التركى المحتمل فى الهجوم الكيماوى على حلب ربما يعكس محاولة صريحة لإحياء ميليشياتها المتطرفة للعودة إلى المشهد السورى من جديد، ربما لاستخدامها كورقة مناورة لتحقيق المصالح التركية فى سوريا، وعلى رأسها المشاركة فى صياغة مستقبل دمشق، بالإضافة إلى الحصول على دعم موسكو، باعتبارها القوى المهيمنة على الوضع فى سوريا، فى الحرب التى تشنها أنقرة على الأكراد، والذين تعتبرهم تهديدا لأمنها القومى باعتبارهم امتدادا لحزب العمال الكردستانى، وهو الأمر الذى مازالت تلتزم فيه روسيا موقفا يبدو متحفظا إلى حد كبير.
ولعل الرغبة الروسية فى استقطاب الأكراد بعيدا عن الغرب سببا رئيسيا فى امتعاض موسكو من التهور التركى فى منطقة شمال سوريا فى المرحلة الراهنة، إلا أن تركيا تحاول استقطاب موسكو إلى صفها، فى ظل الموقف الأمريكى الداعم للأكراد فى سوريا، خاصة وأن وحدات حماية الشعب الكردية لعبت دورا رئيسيا فى الحرب على تنظيم داعش المتطرف.
محاولة الابتزاز التركى ظهرت بوضوح خلال قمة اسطنبول، والتى عقدت فى الشهر الماضى بحضور كلا من روسيا وألمانيا وفرنسا، حيث اعتبر الرئيس التركى أن القضاء على الأكراد يبقى أولوية تركية فى سوريا، واضعا إياهم فى نفس الكفة مع الميليشيات المتطرفة التى يدعمها أردوغان، وهو الأمر الذى أثار امتعاض القوى المشاركة فى القمة.
على الجانب الآخر، فإن الجانب التركى ربما فقد السيطرة على الميليشيات الإرهابية المتواجدة فى سوريا، خاصة وأنه يبقى من المستحيل أن تقبل تلك الميليشيات بما توصل إليه أردوغان مع بوتين فى سوتشى، خاصة فيما يتعلق بتفكيكها ونزع أسلحتها، وبالتالى فإن الرئيس التركى لا يجد طريقا أخر سوى مواصلة تقديم الدعم لهم للاحتفاظ بقدر من نفوذه فى سوريا، بالإضافة إلى استخدامهم لمرواغة القوى الدولية، وكذلك حتى لا يثير غضبهم.
وهنا ربما يصبح الهجوم الأخير على حلب بمثابة النهاية للنفوذ التركى فى سوريا، خاصة مع تزايد احتمالات شن هجوم كاسح على معاقل الميليشيات الإرهابية فى إدلب فى الأيام القادمة، وهو ما بدا واضحا فى القصف الروسى الذى تلا الهجوم، والذى ربما يكون مقدمة لتداعيات أكبر، ربما تمتد لمستقبل العلاقات بين روسيا وتركيا فى المرحلة المقبلة.