تقترب من استعادة دورها.. روسيا تلعب على ورقة الانقسامات بالمعسكر الغربى
الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018 09:00 م
بعد تفكيك حلف وارسو فى يوليو 1991، وانتهاء الحرب الباردة،وانهيار الاتحاد السوفيتى، ظهرت الهيمنة الأمريكية المطلقة على النظام العالمى من خلال محاور:
1. سياسية عبر سيطرتها على المنظمات الدولية الفاعلة.
2. عسكرية عبر حلف الناتو.
3. اقتصادية بسبب قوة نظامها الاقتصادى.
لكن هذه الهيمنة الأمريكية تبدو مرفوضة من دول العالم خاصة الاتحاد الأوربى كما تبدو مستحيلة مع تغير المعطيات الدولية، فى ظل الانقسام بالمعسكر الغربى، جراء الخلافات العميقة بين أمريكا وحلفائها، خاصة فى أوروبا، وصعود قوى دولية، على رأسها روسيا.
ويبدو حلف الناتو الذى تتزعمه أمريكا هدف روسى فى المرحلة الراهنة، وفى هذا المضمار بدا الرئيس بوتين، مرنا تجاه فكرة تأسيس الجيش الأوروبى الموحد، رغم ما يحمله من توجه يبدو عدائى لروسيا حتى أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، صرح سلفا بأن الجيش الأوروبى الموحد خطوة ملحة لمواجهة روسيا وأمريكا.
وقد يفسر محللون دافع روسيا لمساندة فكرة الجيش الأوروبى الموحد بأنه رغبة منها فى إثارة المزيد من الانقسام بين أوروبا والقوى الداعمة لها، وأبرزها أمريكا، التى ترفض الفكرة، خاصة بعد تصريحات ماكرون المعتبرة روسيا وأمريكا من خصوم أوروبا.
و التحالف الأمريكى الأوروبى شكل صداعا فى رأس بوتين منذ سنوات طويلة، فكثيرا ما حاول الطرفين تهميش الدور الروسى وتجاهله فى العديد من القضايا الدولية وبل والعمل ضد روسيا حيث دعمت أمريكا والاتحاد الوربى القضية الأوكرانية، ما تسبب فى فرض الكثير من العقوبات ضد موسكو.
ودبلوماسية تجريد الخصوم من حلفائهم أحد أهم أركان السياسة الروسية فى السنوات الماضية، خاصة تجاه الولايات المتحدة، وربما نجحت فى تقويض الدور الأمريكى فى كثير من مناطق العالم، خاصة الشرق الأوسط، حيث نجحت موسكو فى لعب دور رئيسى فى تقويض العلاقات الأمريكية التركية، عبر استقطاب أنقرة، أحد أهم حلفاء واشنطن فيما يسمى بمباحثات "أستانا" المتعلقة بالأزمة السورية، الأمر الذى ساهم بصورة كبيرة فى انقسام المعسكر الغربى وارتباك مواقفه فى سوريا، لتصبح روسيا القوة الرئيسية المهيمنة على القضية السورية.
لكن إضعاف المعسكر الغربى سياسيا ليس الهدف الوحيد لروسيا، فهى تسعى إلى السيطرة العسكرية وتفكيك التحالفات القتالية ولذا تدعم فكرة الجيش الأوروبى الموحد.
ويبدو تكسير التحالف العسكرى الأمريكى الأوروبى أولوية قصوى فى الرؤية الروسية ليس فقط للحفاظ على الأمن القومى الروسى، ولكن لما يحمله استمرار التحالف من قيمة رمزية، ربما لا تصب فى صالح الواقع الدولى الجديد، والذى تمكنت روسيا من فرض نفسها فيه كقوة دولية رئيسية.
ويبدو أن روسيا لم تعد متخوفة من التكتلات غير الناتو وخاصة من الجيش الوربى الموحد فى ظل صعود التيارات اليمينية والقومية المعروفة بعلاقتها القوية مع روسيا، بجانب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربى فضلا عن أن اعتماد دول أوربا على الغز الروسى ساهم فى تحسن العلاقة بينها وقطاع كبير من دول أوروبا، فى مقدمتها ألمانيا ما أثار قلق الولايات المتحدة التى حذرت من خطر "التبعية لروسيا".