شركات إيران جابت ضُلفها.. خسائر بالمليارات تفقدها طهران نهاية العام والسبب أمريكا

الخميس، 22 نوفمبر 2018 01:00 م
شركات إيران جابت ضُلفها.. خسائر بالمليارات تفقدها طهران نهاية العام والسبب أمريكا
منة خالد

تبدأ تداعيات فرض العقوبات الأمريكية على إيران بشائرها نهاية العام.. مؤشرات عِدة تستدعي الحديث حول اقتصاد طهران، الذي روّجت له بأنه «لا يُهزم»، ولكن هبوط العُملة الإيرانية «الريال» إلى مستويات مُتدنية وتباطؤ النشاط الاقتصادي بشدة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية بين إيران وقُوى عالمية كبيرة في مايو الماضي، تضع إيران تحت وطأة الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وكالة رويترز البريطانية أجرت مُقابلات عِدة مع مالكي الشركات في أنحاء إيران، وأظهرت عشرات المُقابلات أن مئات الشركات علّقت إنتاجها، وسرحّت آلاف العمال، نظرا لمناخ أعمال غير مواتِ يرجع بشكل رئيسي إلى العقوبات الأميركية التي فرضها ترامب مؤخرًا.

الشركات الإيرانية تحت وطأة العقوبات الأميركية 
وزير العمل الإيراني علي ربيعي قال أن بلاده ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأميركية. هذا ما أكده بعد إغلاق «تامنوش»- وهي كُبرى شركات تصنيع المياه الغازية في إيران- خط إنتاجها بعد 16 عام من تشغيلها، يبدو أنها تواجه خسائر ضخمة خاصةً بعد تسريح عشرات العمال، نتيجة الضغوط الأمريكية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.
 
توقعات يُبرزها محمد حامد الباحث في الشأن الإيراني، حول وقوع اضطرابات مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل العقوبات الأمريكية بحلول نهاية العام وحتى مطلع 2019، وما ستواجهه إيران اقتصاديًا من نكبات، تدفع طهران لفتح باب التنازلات أمام الولايات المتحدة الأمريكية. 
 
ويقول «حامد»، في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، إن مستقبل الاقتصاد الإيراني صعب ومُتعسّر، بسبب العقوبات الأمريكية الأخيرة، فهي الأشد في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على إيران، وأنه بالرغم من أن الإتحاد الأوروبي لا يُساند هذه العقوبات، ورغم استثناء بعض الدول من العقوبات مثل العراق.
 
«في رأيي العقوبات الامريكية القادمة ستكون صعبة ومستقبل الإقتصاد الإيراني سيكون ضعيف».. أكّد «حامد» أن العقوبات الأمريكية هدفها تركيع الدولة الإيرانية وإجبارها على تغيير سياستها في المنطقة، حتى أن هذه السياسات آذت دول الجيران أكتر من مرة.

تقارير برلمانية تكشف تدني النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة 
فَرَض ترامب عقوبات على شراء الدولارات الأميركية وتجارة الذهب وصناعة السيارات في أغسطس الماضي، وتضرّر قطاعا النفط والبنوك وهما الأكثر حيوية في إيران وذلك في نوفمبر الجاري، وعانت إيران بالفعل من اضطرابات هذا العام، في ظل اندلاع اشتباكات بين مُحتجين شباب مستاءين من البطالة وارتفاع الأسعار، وقوات الأمن الإيراني.
 
يقول فرزاد رشيدي الرئيس التنفيذي لشركة تامنوش لرويترز، أن شركاتهم خسرت حوالي خمسة مليارات ريال في الأشهر القليلة الماضية؛ فقرّر مجلس إدارة الشركة وقف جميع الأنشطة طالما استمرت التقلبات في سوق العملة.. «من الحماقة الاستمرار في النشاط، عندما نرى طريقًا مسدودًا»، قالها فرزاد رشيدي مؤكدًا أن جميع العاملين لديهم أصبحوا دون عمل الآن، يقود الرجال سيارات أجرة، وعادت النساء لرعاية منازلهن. 
 
في أغسطس الماضي، وقبل أربعة أيام من قيام البرلمان بإقصائه لفشله في فعل ما يكفي لحماية سوق الوظائف من العقوبات، قال وزير العمل الإيراني علي ربيعي إن البلاد ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأميركية. 
 
وفي تقرير البرلمان التي حذّرت في سبتمبر الماضي من تفاقم الأزمة، كشفت أن معدلات البطالة ربما تُهدد استقرار الجمهورية الإسلامية- أي إيران- خاصةً بعد وصول معدل البطالة بالفعل إلى 12.1%، مع عجز ثلاثة ملايين إيراني عن إيجاد عمل. وقال التقرير "إذا كنا نعتقد أن الوضع الاقتصادي في البلاد هو المحرك الرئيسي للاحتجاجات الأخيرة، وأن معدل للتضخم عند 10% وللبطالة عند 12% أطلقا الاحتجاجات، لا نستطيع تخيل مدى شدة ردود الأفعال الناجمة عن ارتفاع حاد في معدلي التضخم والبطالة.
 
وذكر التقرير أنه إذا ظل النمو الاقتصادي في إيران دون الـ 5% في السنوات المقبلة، فإن معدل البطالة ربما يصل إلى 26%  في بلد 60% من سكانه -البالغ عددهم 80 مليون نسمة- تحت سن الثلاثين .. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران 1.5% هذا العام، و3.6% في 2019، نظرا لتضاؤل إيرادات النفط.

طهران تواجه خطرين رئيسيين.. روايات أصحاب كُبرى الشركات في إيران  
قدّم نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري عدة تحذيرات نقلتها وسائل إعلام حكومية، من أن إيران تحت طائلة العقوبات تواجه خطرين رئيسيين، هما البطالة وانخفاض القدرة الشرائية. وأكد على ضرورة مواجهة الخطر بخلق وظائف أولوية قُصوى، وضرورة إنقاذ شركات بنّاءة حتى لا تسقط في براثن الركود بسبب العقوبات. 
 
لكن عدد من أصحاب الشركات أبلغوا رويترز أنه أصبح من المستحيل عليهم الاستمرار في العمل بسبب السياسات النقدية للحكومة التي وصفوها بـ«المتضاربة» في بعض الأحيان، إضافة إلى التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام، وصعود الفائدة على القروض من البنوك. حتى أصبح كثيرون منهم لا يستطيعون دفع الأجور منذ أشهر، واضطرارهم إلى تسريح عدد كبير من العمالة.
 
«تم تسريح نحو 200 عامل في أغسطس، وتفاقم الموقف منذ ذلك الحين.. هناك احتمال كبير بغلق المصنع». قال مدير لدى جولفاكاران أراس، وهي واحدة من أكبر شركات المنسوجات في إيران، لرويترز، مؤكدًا أن الشركة تدرس وقف عملياتها، وإن مئات العاملين ربما يفقدون وظائفهم. 
 
أما أحمد روستا، الرئيس التنفيذي لتاكبلاست نور، أبدى أمله في أن تجلب موجة جفاف في إيران دعمًا لمصنعه المٌنشأ حديثًا، الذي ينتج أنابيب بلاستيكية تُستخدم في الزراعة.. "سأنتظر شهرا أو شهرين، لكنني سأضطر إلى الإغلاق إذا بقي الوضع على ما هو عليه...المزارعون، وهم المستهلكون الرئيسيون لمنتجاتنا، لا يستطيعون تحمل ثمنها".
 
وعلّقت مجموعة BSA  الفرنسية لصناعة السيارات مشروعها المشترك في إيران في يونيو الماضي لتفادي عقوبات أمريكية، بينما تخلت دايملر الألمانية لصناعة السيارات والشاحنات عن خطط لتوسعة أنشطتها هناك.
 
وفي أغسطس الماضي، قال مازيار بيجلو، عضو مجلس إدارة رابطة مصنعي أجزاء السيارات الإيرانية، إن ما يزيد عن 300 شركة منتجة لأجزاء السيارات اضطرت لتعليق الإنتاج، وهو ما يهدد عشرات الآلاف من الوظائف في القطاع.

هل العقوبات الأمريكية على إيران تؤذي الدول المجاورة في مجالات الطاقة ؟ 
رئيس الوزراء العراقي يؤكد حاجة بغداد إلى تعامل خاص في ملف العقوبات على طهران، وزير الخزانة الأميركي يضغط على عادل عبد المهدي بسبب إيران.. هذه عناوين الصحف البريطانية أمس بشأن تأثر الدول المجاورة لإيران. 
 
وحسب وكالات الأنباء العالمية فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، تلقى  اتصالا هاتفيًا من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، لم تعلن بغداد عن تفاصيله، فيما قالت مصادر إن المسؤول الأميركي يريد الاطمئنان على التزام العراق بتطبيق عقوبات بلاده على إيران، وهو ما يضع عادل عبد المهدي تحت الضغط.
 
يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس العراقي برهم صالح البحث عن بدائل في جولة خليجية قادته إلى الكويت والإمارات والسعودية إلى جانب إيران. إذ سيواجه العراق أزمة حادة في قطاع الطاقة الكهربائية في حال أصّرت الولايات المتحدة على توقفه عن استيراد الكهرباء والوقود اللازمين لتشغيل محطات الطاقة من إيران. وعمليًا، يعتمد العراق في توفير نحو ربع حاجته من الكهرباء على إيران، لكن الولايات المتحدة، منحت بغداد 45 يوما فقط لتتوقف عن التعامل مع طهران في هذا المجال. حتى أن وزير الخزانة الأميركي يملك قائمة بالأفراد والهيئات والبنوك العراقية التي تم وضعها تحت المراقبة لمنع خرقها العقوبات المفروضة على إيران.
 
ويشعر المسؤولون العراقيون بالخطر من أن يؤدي نقص الكهرباء إلى تحريك موجة احتجاج شعبية جديدة الصيف القادم، بعد تظاهرات الصيف الماضي، التي تطورت في الجنوب إلى إحراق مقرات للحكومات المحلية والأحزاب الرئيسية، فضلا عن مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة. وتعليقًا على الإشارة التي تضمنها بيان مكتب عبد المهدي بشأن رغبة وزير الخزانة الأميركي بلقاء رئيس الوزراء العراقي، يتوقع مراقبون زيارة شخصية أميركية بارزة إلى العراق قريبًا.
 
وقال مراقب سياسي عراقي إن الجانب الأميركي قد يجد نفسه مضطرا إلى منح بغداد وضعا خاصا في التعامل مع العقوبات على إيران رغبة منه في إبعاد الحكومة العراقية الجديدة عن الهزات التي يمكن أن تسببها عودة الاحتجاجات الشعبية نتيجة انقطاع الكهرباء أو نقص المواد الغذائية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق