حكاية «شهد» أصغر ضحايا زواج القاصرات ورحلة إثبات نسب ابنها
السبت، 20 أكتوبر 2018 12:00 م
موروثات ثقافية واجتماعية مغلوطة، تدفع الفتيات صغيرات السن ثمنها حتى يومنا الحالي، فما بين رغبة الأهالي في التخلص من أعباء تربية بناتهم، وشهوة جنسية جامحة لرجل تقدم به العمر، يعاني اضطرابات نفسية على الأرجح، يجد في معاشرة الصغيرات متعته، راحت فتيات كثيرات ضحايا الجهل والفقر في مجتمعاتنا.
ولايقتصر زواج القاصرات فقط على كبار السن، على الرغم من كونهم النسبة الأكبر، لكن هناك أسر توافق على زواج بناتهم بشباب من أعمارهم، ولكن دون عقد شرعي رسمي، نظرا لصغر سنهم، فيتجهون الي الزواج العرفي، والذي يترتب عليه ضياع لكثير من حقوقهن، تلك الأفة تنتشر بشدة بين الأوساط الريفية، والفقراء منهم على وجه الخصوص.
اغتيال براءة الأطفال، وحرمانهن من معايشة أعمارهن بحرية وطمأنينة، يأتي نتيجة ظن خاطئ بأن زواجهن يصب في مصلحتهم، إلا أن المستقبل قد يكون مخبئ لهن كوارث لايتمكنون من مواجهتها أو التغلب عليها، فعلى الرغم من وجود قوانين تمنع مثل تلك الزيجات ومنها القانون رقم 64 لسنة 2010، والتي اعتبرت تلك الجريمة تندرج تحت جرائم الإتجار بالبشر، وتصل عقوبتها إلى المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه على كل من له الولاية أو الوصاية، أو المسئولية المباشرةعن تزويج الفتيات، إلا أن ماحكم الأسرة تنظر عددا من تلك الوقائع وتحاول حل مشكلات العديد من أصحابها.
لم تكن تعلم أن زواجها من الشاب الذي أحبته سينتهي بمأساة، تنظرها دوائر المحاكم، فبعد قصة حب ولدت واستمرت لأشهر فقط، كانت «شهد»، صاحبة الـ16 عاما، في بيت زوجها «عبد الله. س»، 20 عاما، عامل بمصبغة، ومع مرور الوقت تكتشف أنها انتقلت إلى الحياة مع شخص غير الذي رسمت له صورة في خيالها، وعاشت أياما من المشكلات الزوجية التي لاتنتهي.
في البداية، اتخذ والدها قرارا خاطئا بزفها إلى «عبد الله»، عرفيا، لصغر سنها، بدعوى خوفه من الفضيحة، كونها أحبته وترضاه زوجا لها، ولكن هذا العقد العرقي الذي ظن أن به يحافظ على ابنته وسمعتها، لم يلبث أن تحول إلى سكينا ذُبحت به، وذلك بعد أن رفض زوجها تسجيل ابنه باسمه في سجلات المواليد، مهددا إياها بعدم تسجيله نهائيا.
عقد قران رسمي، هو الحل الوحيد أمام الفتاة، إلا أن ضيق الحال، والفقر، حالا دون تحقيقه، فزوجها غاضب على مولوده، تقول الفتاة: «مكنتش اعرف انه انتهازي، كل طلبات البيت يرفضها، وأكثر من مرة اروحج بيت أهلي وفي الأخر برجع علشان بيتي وابني، لما عرف اني حامل اتعصب عليا وقال إيه اللي عملتيه فينا احنا لسه صغيرين ومش عارفين نصرف على نفسنا».
حاولت «شهد» إقناع زوجها باستكمال إجراءات الزواج الرسمي، إلا أنه في كل مرة كان ينهرها، ويطلب من أهلها سداد رسوم عقد القران، ومصاريف المأذون، ووسط تلك المشادات اعتدى عليها بالضرب حتى خرات قواها ونُقلت إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، كما تمادى في أسلوبه وتعدى على والدها مطالبا إياه بتحمل تلك النفقات والمصاريف.
بدأت الزوجة التفكير في رفع دعوى قضائية ضد زوجها لإلزامة بإثبات نسب ابنه، وبالفعل بدأت اتخاذ الخطوات الأولى في هذا الصدد، إلا أنها كادت أن تتراجع بعد تهديد زوجها لها بالقتل، والتشويه وخطف الطفل، لكنها في النهاية لم تجد إلا محكمة الأسرة، الملاذ الأخير للمتضررين من زيجاتهم، وتقدمت بدعوى إلزام إثبات النسب، ضد زوجها، مؤكدة ثقتها في القضاء والحصول على حق ابنها، وإثبات نسبه لوالده، وحملت الدعوى رقم 2521 لسنة 2018 وتنظرها المحكمة حاليا لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.