بنى مكان دير بئر العظمة.. مسجد الأقمر حجارته بيضاء تشبه لون القمر
السبت، 26 مايو 2018 06:00 م
مسجد الأقمر هو أحد مساجد القاهرة الفاطمية الذي يقع في شارع النحاسين، وقـد بناه الـوزيـر المـأمون بن البطايحى بأمر من الخليفة الآمر بأحكام الله أبى على منصور سنة 519هـ (1125 م)، وهـو أول جامع في القاهرة، تحتوى واجهته على تصميم هندسي خاص، يروى المقريزى أن المسجد بنى في مكان أحد الأديرة التي كانت تسمى بئر العظمة، لأنها كانت تحوى عظام بعض شهداء الأقباط، وسمي المسجد بهذا الاسم نظرا للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر.
تخطيطه يقتصر على صحن مكشوف مربع طول ضلعه 10 أمتار تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، عقودها محمولة على أعمدة رخامية فيما عدا أركان الصحن فقد استعيض عن الأعمدة الرخامية بأكتاف مربعة وهذه العقود من النوع المحدب الذي لم يظهر بمصر إلا في أواخر العصر الفاطمي، وكان أول ظهوره في القبة المعروفة بقبة الشيخ يونس، هذا والأروقة الأربعة مسقوفة بقباب قليلة الغور ما عدا الجزء الأخير في رواق القبلة فيغطيه سقف حديث مستوٍ من الخشب، ويحلى حافة العقود المشرفة على الصحن طراز من الكتابة الكوفية الجميلة كما يحلى تواشيحها أطباق مضلعة تشعع أضلاعها من جامات مزخرفة.
جدد منبر مسجد الأقمر في أيام السلطان الظاهر برقوق في سنة 1396م وشملت المنبر والمئذنة وغيرهما، وأثبت تاريخ هذه العملية في لوحة ركبت أعلى المحراب، وبالرغم من تجديد المنبر في ذلك الوقت فإنه مازال محتفظاً ببعض زخارفه الفاطمية التي تجدها في وجهة عقد باب المقدم وخلف مجلس الخطيب.
على يسار الباب صفان تتوج كل منهما أربع محطات من المقرنصات وبداخلهما تجويفان ينتهي كل منهما بفتحه، كما يعلو الصفين تجويفان صغيران عقداهما محمولان على أعمدة ملتصقة، وتعتبر المقرنصات التي نراها في هذه الواجهة أولى المحاولات في تزيين الواجهات بهذا النوع من الزخرف الذي يعتبر من أهم مميزات العمارة الإسلامية.
الجناح الأيسر من الواجهة محلى بصف قليل الغور ينتهي بعقد مضلع داخله يشبه العقد الذي يعلو الباب وعلى جانبيه معينان فوقهما مستطيلان ازدانت جميعها بزخارف منوعة- هذا ويحلى الوجهة ثلاثة طرز من الكتابة الكوفية المزخرفة ومدون في نهاية الوجهة من أعلى مكتوب فيه اسم الآمر بأحكام الله وإلى جانبه اسم وزيره المأمون البطائحى وألقابه وتاريخ الإنشاء، وعند منسوب رجل عقد المدخل ومكتوب فيه أيضا اسم المأمون وألقابه وأدعية له وتاريخ الإنشاء، وهذه الظاهرة - ظاهرة اقتران اسم الوزير وألقابه باسم الخليفة - إن دلت على شيء فإنما تدل على ما كان عليه الوزراء في أواخر عصر الدولة الفاطمية من سطوة ونفوذ، أما الطراز الثالث فيسير عند منسوب عتب الباب ومكتوب فيه بعض آيات قرآنية.