حكاية شارع.. "الفتوة" عماد الدين
الأحد، 29 أكتوبر 2017 06:50 م
شارع عماد الدين، أحد الشوارع الأولية التي سيتم تنفيذ مشروع حكاية شارع عليها، وهو المشروع الذي أعلن الجهاز القومي للتنسيق الحضاري عن الانتهاء من وضع تصوره للبدء في تنفيذه، بهدف التعريف بالحكايات التاريخية لشوارع مصر.
يمثل شارع عماد الدين شريان حياة، ضمن شوارع منقطة وسط البلد، يبدأ شمالاً من شارع رمسيس ويستمر جنوبًا في منطقة عابدين، ثم يواصل استمراره من خلال ميدان الأزبكية وميدان مصطفى كامل.
ويسمى الجزء الجنوبي من شارع عماد الدين، شارع محمد فريد على اسم الكاتب المشهور المدافع عن الاستقلال والذي توفي عام 1919. كما سمي ميدان سوارس القديم أحد ميادين هذا الشارع باسم ميدان مصطفي كامل، وأقيم به تمثال من البرنز على قاعدة مرتفعة من الرخام لهذا الزعيم الوطني الأول.
حكاية شارع عماد الدين
أما عن حكاية شارع عماد الدين، والسبب في تسميته بهذا الاسم، فلها عدة قصص أكثرها مصداقية هو أن الشارع سمي على اسم شيخ غير معروف يقع جامعه في الجزء الجنوبي من شارع محمد فريد. وأكثر الحكايات طرافة، تروي أن الاسم يعود إلى فتوة في الجوار كان يتحكم في الجزء الشمالي من الشارع، وكان ذلك الجزء من الشارع موطن صناعة الترفيه من دور السينما والمسارح والحانات والملاهي الليلية. ويقال إن سبب ذلك أنه كان يحمى الفنانين من الفتوات الآخرين في الجوار.
التجارة المتنوعة، هي أهم ما يميز الجزء الجنوبي – محمد فريد – من شارع عماد الدين، حيث أصبح شارع محمد فريد في نهاية القرن التاسع عشر مركزاً مالياً لتأسيس عدة بنوك، وفي عام 1927 شجع تأسيس بنك مصر في ذلك الشارع على إقامة العديد من البنوك الأخرى والمؤسسات المالية مما ضمن الطابع المالي لذلك الشارع لعدة عقود بعد ذلك.
أما الجزء الشمالي، فعرف بصناعة الترفيه. فعلى جانبي الشارع، من شارع 26 يوليو شارع فؤاد إلى نهايته في شارع رمسيس وجدت المسارح ودور السينما والملاهي الليلية والحانات. وفي المبانء السكنية كانت توجد مكاتب وكلاء الفنانين ودور الإنتاج ومتعهدي الحفلات.
صناعة الترفيه في شارع عماد الدين
لعدة عقود كان شارع عماد الدين يعتبر برودواى مصر والشرق الأوسط. وكان من الشائع أن تجد مسرحًا أو اثنين أو سينما بجانب بعضهما البعض. وكانت بعض هذه الأماكن مقر عمل عمالقة الأداء مثل نجيب الريحاني، الذي منح اسمه الآن لأحد الشوارع الجانبية المتفرعة من عماد الدين، وحتى الخمسينيات كان هذا الشارع يعد موطناً للحياة اللامعة لأثرياء المصريين والأجانب الذين قدموا إليه ليستمتعوا بالحياة الليلية المزدهرة. ومما زاد من روعة الازدهار الفني للشارع التصميمات المعمارية المميزة لعماراته السكنية وأبنيته العامة.
ثورة 1952 وتأثيرها على شارع عماد الدين
بعد ثورة 1952 وتأميم الكثير من الثروات المحلية والأجنبية تم تخصيص المؤسسات المالية والعمارات السكنية وقطاع كبير من مباني شارع عماد الدين لشركات التأمين المحلية التي قامت بدورها بتأجير الشقق والمتاجر الخالية التي غادر ملاكها مصر لشركات جديدة للقطاعين العام والخاص.
منذ ذلك الحين بدأ الشارع يفقد رونقه لأن العديد من المسارح ودور السينما أغلقت أبوابها وتدهورت ملاهيه الليلية وأصبحت حانات من الدرجة الثالثة. وبدلاً من كونه معقلاً للفن تحول الشارع إلى قطاع مهم لإمدادات الأجهزة الكهربائية ذات الضغط العالي.
وفي أوائل الثمانينيات أدى تأسيس سينما كريم كأحد مجمعات دور السينما الصغيرة الأوائل في المدينة، وفيما بعد تجديد سينما كوزموس، إلى أن يشهد الشارع بداية عهد جديد، أعاد له جزءاً صغيراً من شخصيته السابقة.