سؤال عاجل عن مصير 7 مليارات جنيه تحت تصرف الإخوان: ذهب صفوان فهل أنقذنا جهينة؟
الخميس، 14 يناير 2021 04:45 م
- حفيد مرشد الجماعة يتحكم فى المجموعة رغم اتهامه فى قضايا إرهاب
- لا بديل عن وضع الشركة تحت إدارة الدولة لوقف تمويلها للتنظيم
- لا بديل عن وضع الشركة تحت إدارة الدولة لوقف تمويلها للتنظيم
حالة طويلة من الخطأ فى التعامل مع أموال الإخوان، أو القدرات المالية القريبة من قبضة الجماعة الإرهابية، جرى تصحيحها جزئيا خلال الأسابيع الماضية عبر توقيف صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة مجموعة جهينة للصناعات الغذائية والمساهم الأكبر فيها، واتخاذ إجراءات قانونية بشأن إدراجه على قوائم الإرهاب وتعميم الأمر على دول مجلس الأمن، ثم اختيار مجلس إدارة الشركة رئيسا جديدا من خارج العائلة الإخوانية، لكن رغم ذلك ما يزال مصير المجموعة وأموالها الضخمة غير معلن، وشبهات وصول التنظيم الإرهابى إلى تلك الأموال قائمة، والخطر كما هو على حاله السابقة لم ينته أو يقل!
منذ اندلاع ثورة 30 يونيو قبل أكثر من سبع سنوات، سعت جماعة الإخوان الإرهابية إلى توظيف كل أوراقها المتاحة فى إطار معركة الاستهداف المفتوحة للدولة بكل مكوناتها. انطلقت أعمال العنف والإرهاب مدعومة بأصول ورؤوس أموال ضخمة يملكها التنظيم بشكل مباشر أو يديرها من خلال وجوه محسوبة عليه، وتلك القدرات المالية نفسها نشطت فى إطار مخطط لتقويض السوق والتأثير على الاقتصاد، كما حدث من خلال شركات خيرت الشاطر وحسن مالك وغيرهما. فى مقابل هذا التهديد تحركت الدولة بجدية من خلال وضع رموز الإخوان وشركاتهم قيد المتابعة والتوقيف، لكن نتيجة التشعب والألاعيب الإخوانية فى إخفاء أموال التنظيم، ظلت كثير من قدراتهم المالية بعيدة عن طائلة القانون، وكان النموذج الأبرز أسرة صفوان ثابت وحصتها العملاقة فى جهينة.
الوضع الآن أن القانون طال صفوان ثابت وأطاح به من رئاسة الشركة، وأن مجلس الإدارة منع نجله "سيف" من الوصول إلى رئاستها، لكن ما تزال الأسرة حاضرة بالملكية وضمن هيكل الإدارة، ولا ضمان لتسرب تلك الأموال الطائلة من جهينة إلى حسابات أسرة ثابت ثم إلى جماعة الإخوان وأنشطتها الإرهابية. الحل الفعلى للقضاء على هذا الخطر لا يمكن الوصول إليه بدون مزيد من الرقابة والمتابعة الدقيقة، والعمل على أن تكون أنشطة الشركة وأوراقها تحت الفحص الدائم والشامل، وهو أمر يصعب الوصول إليه من غير إشراف أو إدارة مباشرة للدولة عبر جهات إنفاذ القانون والرقابة الرسمية، لا سيما أن كل جنيه تملكه أسرة صفوان ثابت فى جهينة، يمكن وصوله بالضرورة إلى إخوان الداخل والخارج بسهولة وسرعة طالما ظلت تلك الرقابة المشددة غائبة!
ينتمى صفوان ثابت لأسرة إخوانية معروفة، وهو حفيد مباشر للمرشد السادس للجماعة مأمون الهضيبى من جهة الأم، وجده الأكبر المرشد الثانى حسن الهضيبى، فضلا عن علاقات عائلية واجتماعية ومصاهرة جمعت العائلة بدوائر إخوانية أخرى، وتشابك مالى معتاد فى أروقة التنظيم جعل من جهينة ذراعا مالية للإخوان من خلال الدعم والتبرعات والمساهمات المالية فى أنشطة اجتماعية وسياسية للإخوان طوال سنوات، فضلا عما يتردد فى أوساط الجماعة من أن الشركة أموال خالصة للتنظيم يقوم عليها "ثابت" وأسرته كما حدث مع شركات يوسف ندا وخيرت الشاطر وحسن مالك وعشرات آخرين من رموز بيزنس التنظيم. بتلك الصورة المعقدة والمليئة بالشبهات غابت الإخوان عن المشهد السياسى والوطنى فى ثورة شعبية عارمة، وظلت مجموعاتها الإرهابية مثل حسم ولواء الثورة والعقاب الثورى ومجموعات محمد كمال ويحيى موسى وغيرها تهدد الدولة وتريق الدماء، ومجموعاتها المالية من شركات ومحلات ومدارس خاصة ومكاتب صرافة وسلاسل تجزئة تربك الاقتصاد وتمول أنشطة العنف، ولم تكن جهينة بعيدة عن تلك الشبهات!
مؤخرا، أسفرت الجهود القانونية عن إثبات صلة صفوان ثابت بتلك الأنشطة الإجرامية، فكانت خطوة التوقيف والمساءلة القانونية التى قادت إلى وضع رئيس مجلس إدارة الشركة السابق على لائحة الإرهاب، ثم التحفظ على أمواله، ثم استبعاد نجله "سيف" من السيطرة على المجموعة المقدرة بنحو 7 مليارات جنيه ومواصلة تسخيرها فى خدمة الجماعة الإرهابية، وصولا إلى انتفاض مجلس إدارة الشركة ضد الجماعة والأسرة الإخوانية باختيار الشيخ محمد الدغيم رئيسا لمجلس الإدارة، لكن رغم كل تلك الإجراءات والحلقات الكاشفة ما يزال موقف الشركة غامضا، وفرص وصول الإخوان للأموال قائمة، وتهديد الاقتصاد والصناعة وسوق الألبان أمرا محتملا، والتساؤلات كثيرة وكبيرة ومتشابكة وتبحث عن إجابة!
الشركة التى تسيطر على حصة عملاقة من سوق الألبان والعصائر فى مصر، وتقع فى حكم المال العام فى ضوء تعدد المساهمين وتداول أسهمها فى البورصة، لا ينبغى أن تظل أمورها وتطورات أوضاعها الداخلية بعيدة عن الرأى العام، أو أن تبقى صيغة الملكية فيها مختلة بشكل يسمح بعبور الأموال بسهولة وكثافة إلى أسرة صفوان ثابت ومنها إلى الجماعة الإرهابية، وأى قصور فى سد تلك الثغرات يقع بالضرورة فى دائرة التقصير، سواء من الجهات المعنية بتطبيق القانون ورصد الإرهابيين وتحجيم أنشطتهم، أو من المساهمين ومجلس الإدارة الذى يصمت على ذلك أو يتباطأ فى اتخاذ خطوات جادة على طريق إنقاذ الشركة وحماية السوق وأموال المستثمرين!
هنا يحق لنا السؤال: إلى أين وصلت الأوضاع داخل مجموعة جهينة؟ وما حدود حضور أسرة صفوان ثابت داخل المجموعة وانتفاعها من أصولها وحجم أنشطتها؟ وما إجراءات الدولة ولجنة التحفظ على أموال الكيانات الإرهابية لوقف تلك الحالة من التشابك وسد الثغرات التى تسمح بنفاذ أموال ضخمة من قوت المصريين لخدمة أنشطة الجماعة الإرهابية؟ وماذا فعل مجلس إدارة المجموعة فيما يخص تطهير جهينة وغسل سمعتها وتأمين أنشطتها وحماية الدولة والاقتصاد والصناعة؟ وهل أفصحت الشركة عن تفاصيل الإنتاج والمبيعات والعوائد وتوزيعات الأرباح وما وصل إلى أسرة ثابت خلال الفترات الماضية؟ وهل تملك الأسرة المنتمية للإخوان أذرعا أو أصابع داخل المجموعة حتى الآن؟ ولماذا لا تعلن جهينة براءتها من تلك العائلة وتنظف سجلاتها وترفض استمرار شراكة وجوه إخوانية مشبوهة فى ملكيتها؟
أسئلة عديدة ومتداخلة بشكل مربك، لكنها ليست صعبة ولا مستحيلة، ويمكن الإجابة عنها جميعا حال توافرت الجدية وخلصت النوايا، واتفق الجميع على التصدى للإرهاب ورفض تمويله والسعى للعمل من أجل صالح الدولة والاقتصاد والمساهمين والمستهلكين. أسئلة ساخنة فعلا لكنها ضرورية، وإجاباتها لدى لجنة التحفظ وجهات إنفاذ القانون وسوق المال ومجلس إدارة الشركة، وعلى الجميع الاهتمام بالإجابة والمبادرة بالتحرك الجاد من أجل تطهير شركة مهمة، وتأمين الدولة والمجتمع من أيدٍ ملوثة تخلص لانتماءاتها الإخوانية أكثر من إخلاصها لقيم العمل والإنتاج والاستثمار وخدمة الناس. غاب صفوان عن المشهد فعلا، لكن هل أنقذنا جهينة من أيدى الإرهابيين؟!
إن شئنا وضع الأمور فى نصابها، وكنا جادين فى التصدى للإرهاب ومموليه، وباحثين فعلا عن استقرار السوق الداخلية وتأمين الصناعة والاستثمار من الأضرار المرتبطة بالأنشطة المشبوهة وغير الشرعية لجماعات الإرهاب، وعن حماية المال العام ممثلا فى سوق المال ومدخرات المساهمين فى المجموعة من عامة المصريين، فلا بديل عن وضع "جهينة" تحت إدارة الدولة من خلال صيغة تنظيمية وقانونية تراها الجهات المعنية بالتوافق بين الحكومة وهيئة الاستثمار وهيئة سوق المال، وأن يمتد الإشراف والمتابعة والرقابة زمنيا ونوعيا ليغطى كل أنشطة الشركة الإنتاجية والتجارية طوال الوقت وفى داخل مصر وخارجها، إذ إن بقاء الشركة بوضعها الحالى بعيدا عن عين الدولة والأجهزة الرقابية، معناه بقاء أسرة ثابت وأموال الإخوان حرة فى العمل والتنقل بين الحسابات والوصول إلى أيدى الإرهابيين وأعداء الدولة والساعين إلى تقويض الدولة والاقتصاد. فهل تتدخل الدولة بجدية لإنهاء هذا المسلسل السخيف من نشاط وكلاء الإخوان واستغلالهم لثروات مصر ضد الدولة والمواطنين؟ نثير التساؤل وننتظر، ولا نعفى الحكومة من المسؤولية الكاملة عن التدخل وتصحيح الأوضاع!