الملاحقات الفرنسية تدفع الإعلام القطري الإخواني للهروب إلى إسبانيا
الجمعة، 16 أكتوبر 2020 04:32 م
بعدما بدأت حكومة باريس في ملاحقة التمويل القطري الخفي داخل أجهزتها الإعلامية أو الموجه لأنشطة خيرية، وجدت الآلة الإعلامية القطرية في إسبانيا ملاذًا آمنا جديدًا في جنوب أوروبا بديلًا لنشاطها السابق في فرنسا.
وعقب سلسلة من التحقيقات الاستقصائية التي نشرت في الصحف حول حجم الأموال الهائلة التي تضخها قطر من أجل السيطرة على المجتمع الإسلامي في فرنسا ودعم الجماعات الإسلامية الراديكالية مثل الإخوان وغيرها من التنظيمات الإسلاموية، شنت السلطات الفرنسية حملة موسعة، ضد هذه الجماعات.
التحرك القطري نحو إسبانيا ارتبط بزيادة الاستثمارات القطرية في إسبانيا مع توجه الحزب الاشتراكي الحاكم إلى التعاون مع قطر سعيا وراء تحرك استثماراتها في أوروبا باتجاه إسبانيا وغامر الحزب السياسي بغصب دول خليجية في سبيل دعم العلاقات مع قطر، كما نشطت إسبانيا في العمل على المصالحة بين دول الرباعي العربي وقطر ولكن المحاولات باءت بالفشل.
وجدت قطر الظروف مهيأة في إسبانيا من أجل تنفيذ اختراقها الناعم للصحافة الإسبانية، وبدأت في استخدامها في تمرير رسائلها السلبية ضد مصر ودول الرباعي العربي. وجاءت الظروف مواتية للاختراق القطري الإخواني في الإعلام الإسباني الذي يعاني من أزمات مالية مرتبطة بظرف الكساد الاقتصادي الذي تمر به إسبانيا وفشل الحكومات اليسارية المتعاقبة في معالجته مع توجه الحكومة الحالية للإصلاحات بالتعاون مع أحزاب ليبرالية أخرى في ظل أزمته مع باقي أحزاب اليسار.
وجدت قطر في إسبانيا المناخ ملائم لتمرير رسائل المظلومية الإخوانية وتشويه ثورة 30 يونيو وتشبيه الحكم في مصر بعصر حكم الجنرال فرانكو في إسبانيا وهو ما يجد صدى لدى المجتمع الإسباني. استغلت قطر شعبية الدوري الإسباني والاعتماد في متابعة أخباره على الصحف الإسبانية وبذلك ضمنت متابعه ما ينشر في الصحف الإسبانية لدى المتابع العربي بنفس قوه متابعه ما تنشره الصحف الأمريكية والبريطانية.
الضغط على الحكومة الإسبانية عبر الإعلام الإسباني لإيقاف أي تعاون مستقبلي مع الحكومة المصرية وذلك عبر تشويه صورة الحكومة المصرية، وبذلك تضمن عدم تسليم المتهمين والمطلوبين من جانب إسبانيا إلى مصر مثل المقاول الهارب محمد على.
التحرك القطري الناعم صاحبه استغلال لازمات إسبانيا الاقتصادية حيث قدمت قطر مجموعة من الخدمات الاقتصادية ذات التأثير العالي على صاحب القرار حيث وقعت مجموعه كبيرة من اتفاقيات التعاون الثنائي بين قطر وإسبانيا في مجالات التجارة والاستثمارات والدفاع والأمن والعدالة والثقافة والسياحة والصحة والتعليم والرياضة والشباب.
وخلال العام الحالي ومع ضغط أزمة كورونا قامت قطر بزيادة حصتها من الغاز في السوق الإسباني لتصبح المزود الاستراتيجي الأول للغاز الطبيعي في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2020. وتصدرت المحفظة المالية القطرية رأس المال في معظم الشركات الإسبانية في قطاع العقارات، والخطوط الجوية، والنوادي الرياضية والضيافة وفي المجال الثقافي أقامت قطر معرض «فنانون إسبان في الدوحة» في الحي الثقافي كتارا خلال شهر يناير الماضي، بمشاركة 13 فنانًا إسبانيًا بارزًا لتضمن علاقات اقوى بالمجتمع الثقافي الإسباني باعتباره مكونًا يدعم توجه قطر لتفعيل التقارب الناعم مع المجتمع الإسباني.
فيما يعاني المجتمع الإعلامي والصحفي الإسباني من أزمات مالية ضخمة مهدت لتدخلات في السياسة التحريرية لها كما وضحها كتاب «المدير» الذى قام بتأليفه دافيد خيمينيث، المراسل السابق في آسيا والمدير لصحيفة “إلموندو”، والذى تحدث عن وجود نفوذ لأطراف خارجية على وسائل الإعلام.
وتحدث في كتابه عن محاولات أصحاب الصحيفة منع نشر أهم الفضائح السياسية والمالية في إسبانيا، والتي عُرِفَت «بوثائق بارثيناس» وهو أمين الصندوق السابق بالحزب الشعبي الحاكم والذي سرب مجموعة من الوثائق التي أثبتت تلقي ذلك الحزب تمويلا غير شرعي. ويقول خيمينيث أنه منذ ذلك الحين، توالت الضربات الموجعة لصحيفة «إلموندو» ولمديرها، الذي اكتشف أيضًا العلاقات المشبوهة بين مجموعة من زملائه وجهات نافذة في وزارة الداخلية، استخدمت صحيفته في حروبها ضد القوميين الكاتالونيين وضد حزب «بوديموس» اليساري.
وأضاف أن الجريدة تم اختراقها عبر حصول الصحفيين على مرتبات إضافية من قبل بعض أهم الشركات الإسبانية واستضافتهم في رحلات ممولة، وحتى البنوك كانت تمنح قروضًا بأقل الفوائد للعاملين في بعض الصحف، لافتًا إلى وجود اتفاقيات غير مكتوبة بين العديد من الصحف وكبريات الشركات الإسبانية يتم بموجبها منح دعم مالي للصحف مقابل صمتها عن الأخبار التي تؤذي مصالح تلك الشركات.
وفقا لهذه المعطيات لن تجد قطر أي صعوبة في تلوين التغطيات المتعلقة بمصر في الصحافة الإسبانية باللون الإخواني وتغليب وجهة نظر الإخوان في متابعه ما يجرى في مصر فيما يقدم للقارئ الإسباني كما سيظهر في النماذج التالية.
- صحيفة (el pais)
هي صحيفة يومية إسبانية تمتلكها (مجموعة التكتل الإعلامي الإسباني) المعروفة باسم ( PRISA) Promotora de Informaciones, S.A وهي الصحيفة الثانية من حيث نسب التوزيع بالبلاد بعد صحيفة (ال موندو)، ولها وزن نسبي كبير في الصحافة الإسبانية، ولديها موقع إلكتروني باللغة الإسبانية والإنجليزية، أما إصداراتها الورقية اليومية فهي فقط بالإسبانية، ولديها على موقعها الإلكتروني نسخة موجه للولايات المتحدة، نسخة للبرازيل ونسخة لإسبانيا ونسخة لإقليم كتالونيا.
الصحيفة تقوم بنشر مقالات إيجابية عن قطر وتفرد لها مساحة، سواء عن السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة والثقافة في قطر وهو ما يؤكد فرضية اختراق الصحيفة بالمال القطري. فيما تنشر موضوعات تحمل إشارات سلبية عن مصر كموضوع عن العاصمة الإدارية الجديدة بعنوان «عاصمة فرعونية جديدة للسيسي». كانت أكثر المهتمين بموضوع المقاول الهارب محمد علي ونشرت أكثر من مقال عنه وقامت بعمل لقاء صحفي معه وهو ما يضع علامة استفهام على توجهها.