نكدية أم عاطفية؟
الخميس، 08 أكتوبر 2020 03:29 م
أود أن أبدأ حديثي بخالص التحية للمرأة المصرية الابنة والزوجة والأم والمرأة العاملة.. ليس لكوني امرأة لكن لأن المرأة المصرية متفردة في عطائها وقوة تحملها للمهام اليومية التي تقوم بها بمنتهى الحب والرضا، وإن شذ منهن البعض إلا أن أغلبيتهن قويات ولديهن طاقة عطاء ربما لا تتواجد في امرأة أخرى.
أتذكر منذ فترة وأنا في طريقي لعملي في السابعة صباحا كنت أقود سيارتي على كورنيش المعادي وإذا بامرأة شابة ترتدي زيا رسميا يبدو أنه خاص بعملها وتحمل على كتفها طفلا في انتظار فرصة لعبور الطريق، ما أحزنني أنني لم أستطع التوقف كي تعبر هي فكما تعلمون أنه طريق سريع صعب التوقف فيه بشكل مفاجئ وإلا قد تحدث كارثة، وبعدما أكملت طريقي ظللت ألمح مرآة سيارتي كي أطمئن إن كان الطريق قد خلا لها وعبرت بسلام حتى غابت عن نظري، وسرحت في خيالي حول ظروف تلك الأنثى التي اضطرت لوضع أنوثتها جانبا والاستيقاظ منذ الصباح الباكر كي تذهب لعملها واصطحاب طفلها ربما إلى حضانة أو لمنزل أحد الأقارب أولا ثم التوجه للعمل، والعناء الذي تتكبده والمخاطرة لعبور طريق كهذا حاملة طفلها على كتفها، وتخليت يوم عملها والضغوط التي تواجهها ثم عودتها بنفس الطريقة والعناء لمنزلها وبالطبع ما يليه من خدمات تقدمها لأسرتها من إعداد طعام واهتمام بالمنزل والأبناء وربما إحضار الطلبات المنزلية من الخارج، واصطحاب أطفالها للتمارين أيضا، وفي الأغلب أيضا تقوم الابنة الأنثى برعاية والديها إن كانا على قيد الحياة فالمؤنسات الغاليات يقتطعن من أوقاتهن بكل الحب لبر أهلهن بالفطرة.
أي إنسان هذا الذي يتحمل كل هذه الأعباء على مدار يومه الذي أصبح يحسب بالدقيقة، فالمهمة تليها مهمة أخرى، منذ أن تستيقظ حتى تنام إن وجدت متسعا من الوقت للنوم!.
المطلوب من هذه البطلة القيام بكل هذه الأدوار مع أهمية الاعتناء بنفسها ومظهرها كي تنال رضاء زوجها، وغالبا هي تحيا في مجتمع يتهمها بالنكد إن تفوهت بالتعبير عن تعبها أو إن لامت على من حولها عدم تقديرهم لها، وقد ينتهي بها المطاف لأن يتجه زوجها لأخرى بعد اتهامها بالإهمال في حقه.
أما المطلقة أو الأرملة التي تقرر تربية أبنائها وحيدة فهي بطلة تواجه رياحا عاتية كي تعبر بهم لبر الأمان، تحارب في كل اتجاه من أجل تعويضهم ماديا ونفسيا، وتتحمل وتواجه نظرات ومحاولات من ذوي النفوس الضعيفة الطامعة، وبعض الأقاويل الباطلة في حقها أحيانا من قبل عدماء الضمير، وهي صابرة راضية بقدرها بدافع من حبها لأبنائها.
قصص كثيرة نقرأها وتضحيات كبيرة، ورضا بالحال والمقسوم واتهامات وسخرية لا يستحقنها أبدا.
وبعد تلك النماذج السابقة يبدو سؤال ملح حول الدافع وراء كل هذا البذل والعطاء، وإن أجبنا بضمير حي سنجد أن الإجابة هي "الحب والعاطفة".
إن مثل هؤلاء المناضلات لا يطلبن الكثير فجل أملهن ليس المال ولا حتى مشاركة المسؤولية ولا يحلمن بالقصور والخدم ولا السفر أو التنزه كل ما يحتجن إليه فقط هو التقدير والحنان والكلمة الطيبة.. فشعور إحداهن بالأمان وبأنها ملكة متوجة على رأس زوجها لا يملأ عينيه سواها، وأم محبوبة من قبل أبنائها، وإبنة بارة راضية لقلوب والديها، مقبولة من الجميع كما هي بعد يوم طويل من بذل الحب والعطاء، هو ما يجعلها تقدم أضعاف ما تقدمه بسعادة وحب ورضا.
إن قناعتي الشخصية بعيدا عن أي تحيز هي أن المرأة المصرية من الدرجة الأولى "عاطفية" وليست أبدا "نكدية" إلا القليلات.. وختاما أدعوكم للرفق بالقوارير كما أوصانا الرسول الكريم.. وإن كان في حياة أحدكم مناضلة تتحمل من أجلكم الكثير فاحملوها في قلوبكم وحافظوا عليها كي تذوقوا حلو الحياة وتنعموا بابتسامتها وبهجتها الدائمة فمفتاح سر المرأة هو الحب النابع من القلب الذي يتجسد في المواقف والأفعال والكلمات الطيبة.