نظرة واقعية للاقتصاد التركي.. لهذه الأسباب تزداد الخسائر
الأحد، 07 يونيو 2020 04:00 ممحمد الشرقاوي
في 20 مايو الماضي، أعلن البنك المركزي التركي عن توسيع اتفاق تبادل العملات مع قطر، ومحادثات مع عدد من الدول الأخرى، بشأن هذا الشأن في محاولة لوقف انهيار العملة التركية.
ويأتي ذلك التحرك، بفعل التدهور المتواصل الذي يعيشه الاقتصاد التركي، بفعل سياسات سياسية وصفها الكثير بالفاشلة، فقد شهدت الأوضاع الاقتصادية تطورات متلاحقة، زادت أكثر مع تداعيات فيروس كورونا.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن الحالة التركية تتسم عن غيرها ممن أنهكتهم كورونا، فالاقتصاد التركي كان يعاني، في ظل التراجع الذي شهدته الليرة على مدار الفترة الأخيرة، وهى العوامل التي تسببت في فرض ضغوط تضخمية كبيرة في الأسواق المحلية.
ودفعت تلك الضغوط إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج في العديد من الأنشطة الاقتصادية في الدولة، بالإضافة إلى مفاقمة هشاشة الوضع المالي للحكومة والشركات التركية، في وقت ترتفع فيه ديونها.
ولم تلق المساعي التركية في فتح خطوط لمبادلة العملات أي استجابة، سوى من قطر، حليفها الإقليمي، حيث رفعت اتفاقها السابق من 5 مليار دولار إلى 15 مليار دولار، فيما لم تعلن أي دولة أخرى أي اتفاق مع تركيا، وهو ما يضع الاقتصاد أمام تحدٍ خطير، لاسيما مع اقتراب موعد استحقاق الديون قصيرة الأجل.
لكن يبقى السؤال هل تنجح تلك التحركات في إنعاش الاقتصاد التركي، الذي يعاني تراجعاً غير مسبوقاً في قيمة العملة، الذي استمر منذ أغسطس 2019، حتى بدايات شهر مايو 2020، الأمر الذي أدى إلى تراجع سعر صرفها مقابل الدولار من 0.18 دولار لكل ليرة.
في أغسطس 2019، إلى 0.14 دولار لكل ليرة في 5 مايو 2020، لتفقد بذلك نحو 22% من قيمتها؛ والأمر الأكثر أهمية، والأكثر إبرازاً للأزمة التي تعيشها الليرة، هو أن وتيرة تراجعها تزايدت بشكل ملحوظ منذ مطلع شهر مارس 2020 حتى بداية مايو من العام نفسه.
ومع تراجع الليرة يتراجع الاحتياطي النقدي التركي بشكل كبير، حيث تقوم الحكومة بضخ النقد الأجنبي في الدورة الاقتصادية بالبلاد لدعم قيمة الليرة، لكن هذه الأزمة لها طابعها الخاص أيضاً، لاسيما أنها ترتبط كذلك بقدرة الدولة على تأمين التمويل اللازم لأنشطة الاستيراد، ناهيك عن تأمين النقد الأجنبي اللازم لتمويل خدمة الدين الخارجي للبلاد، سواءً الحكومي أو ديون الشركات.
وتراجعت احتياطات تركيا من النقد الأجنبي بمعدل 57 مليار دولار منذ أغسطس 2019 حتى إبريل 2020، وهو ما يمثل نحو 39% من إجمالي الاحتياطيات، التي تراجعت بدورها إلى 89.6 مليار دولار في نهاية إبريل.
وتتزايد الأزمات بتضخم الدين الخارجي التركي، والذي يبلغ نحو 448 مليار دولار حالياً، ما بين ديون حكومية وديون شركات، ومن بينها 124 مليار دولار ديون قصيرة الأجل، يجب سدادها خلال عام من الآن، ما يضع حكومة الرئيس التركي رجب أردوغان في ورطة.
ناهيك عن تداعيات كورونا، والتي تسببت في تراجع الاقتصاد التركي بشكل كبير خاصة الصناعة، وأظهر مسح لمؤسسة "آي.إتش.إس ماركت" أن مؤشر مديري المشتريات بقطاع الصناعة التحويلية في تركيا انكمش بشكل كبير في مايو الماضي.
تقول تقارير صحفية، إنه رغم ارتفاع قيمة هذا المؤشر إلى 40.9 نقطة في مايو، مقارنة بنحو 33.4 نقطة في إبريل، إلا أنه ظل دون مستوى الخمسين نقطة، وهو المستوى الذي يفصل بين النمو والانكماش.
وفسرت التقارير بقاء المؤشر عند هذا المستوى، بأن ذلك ناتج القطاع يشهد انكماشاً بنحو 10%، كما يعاني القطاع مظاهر تأزم أخرى، تتمثل في إقبال الشركات على خفض الوظائف، استجابة للتراجع الكبير الذي تشهده طلبيات التوريد الجديدة.
ويأتي تراجع الصناعة أيضاً إلى أن تكلفة مستلزمات الإنتاج الصناعي للشركات سجلت ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الماضية، بسبب التراجع في قيمة الليرة، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع.
ومع استمرار تفاقم الأزمات على رأس حكومة أردوغان، في ظل كورونا، فإن الخيارات المتاحة أمام الحكومة تظل محدودة للغاية، لاسيما في ظل جائحة "كورونا"، التي تحرمها من معظم إيرادات التصدير وجميع إيرادات السياحة الخارجية، وبالتالي كانت هناك محاولات لفتح خطوط مبادلة عملات.
وتسعى تركيا من خلال ذلك، إلى الحصول على المزيد من العملات الأجنبية، عبر آلية تبادل العملات، حيث تودع الدول الأطراف عملاتها المحلية في البنوك التركية المركزية بالتبادل، وبذلك تحصل أنقرة على أرصدة جديدة، مقابل قيامها بإيداع الليرة في بنوك تلك الدول؛ ومن شأن ذلك أن يدعم سعر صرف الليرة.