من أجل مستقبل يستحقونه
الأحد، 01 مارس 2020 01:36 م
لم يشغلني عن قضية مساعدة الأيتام في الفترة السابقة الا القضية نفسها.. توغلت أكثر فأكثر وكأنني وقعت في فخ لا أستطيع _ولا أريد _ الخروج منه، ولست الوحيدة في ذلك، فكل من يحاول الاقتراب من هذا الملف، يصاب كما أصبت ليس في قلبه فقط فيرق ويبذل ما في وسعه لمد يد المساعدة لهؤلاء، لكن في روحه كذلك، تختلف الحياة بأكملها، وتهون الصعاب مقارنة بما قد تشعر به وأنت ترى نصب عينيك طفل رضيع ملقى في الطرقات بحبله السري، يتقاسم المأوي وكلاب الشارع والحشرات وأكوام القمامة!.
أي قلب هذا الذي يرى كل هذا ويمضي الى حال سبيله؟.. أي روح تلك التي لا تهتز وتأبى الا أن تنتشل هذا الكائن الغض، البريء من الهلاك؟.. كيف يمكن مساعدة هؤلاء الأطفال؟.. هذا كان شغلي الشاغل في الفترة السابقة وأريد أن أشارككم جزء من تلك التجربة والباقي ليس مكانه هنا الآن، لكن سيتم الإعلان عنه عما قريب بأذن الله.
أولا، بدأت رحلة الغوص في هذا الملف، عندما كنت أذهب لبعض دور الرعاية لأقرأ للأطفال، عرفت من نظراتهم وردود أفعالهم أن ما يحتاجونه هو أن تكون معهم، ليس ليوم أو بضعة أيام لكن كل يوم، فهم يحتاجون لحضن أسرة ينتمون اليها ويكونون جزءا لا يتجزأ منها.
تعرفت خلال رحلتي على نماذج رائعة، تخرجت من دور الرعاية لتصبح نجوما في عالم العمل الإنساني والمجتمعي، وهؤلاء هم النجوم بحق، الذين يكرسون حياتهم لتحسين حياة الأخرين. وهم يستحقون أن تفرد لهم مقالات.
تعرفت كذلك على بعض الأمهات منهن المطلقات والغير متزوجات اللاتي أتخذن وبكل جسارة قرار كفالة أحد هؤلاء الأطفال في بيوتهن لينشأ في بيت يغمره الحب والحنان، وبعضهن لم يتوقفن عند هذا الحد بل ساهمن في مساعدة أخريات وما يزالون من أجل نشر الوعي ومساعدة أسر أخرى تفكر في اتخاذ هذا القرار، مثل رشا مكي ويمنى دحروج وغيرهن، وسوف اتحدث في مقالات لاحقة عما يقومون به بالتفصيل.
ولا تنتهي الجهود هنا ولكن عرفت أن لمنظمات المجتمع المدني دورا عظيما في هذا الشأن، مثل "جمعية وطنية " و"منظمة فيس للأطفال في احتياج"، والذين يعملون حاليا مع وزارة التضامن على احداث تغييرات جذرية في برنامج الكفالة المنزلية أو ما يطلق عليه برنامج الأسر الكافلة.
والحقيقة أنني شاهدت ما تقوم به وزارة التضامن من جهود في سبيل تحسين هذا البرنامج، وهو مجهود تستحق الإشادة عليه، لأنه لا يقتصر فقط على تعديل الشروط الخاصة بالتقدم على الكفالة المنزلية حتى تشمل شريحة أكبر -دون المساس بمصلحة الطفل-، وانما امتد ليشمل تحسين إجراءات التقدم لطلب الكفالة والغاء بعض الإجراءات الغير ضرورية مع تقديم الدعم المعنوي للأسر الكافلة.
ولم تتوقف الوزارة عند هذا الحد، بل تتعاون حاليا مع منظمتي فيس ووطنية من أجل رفع كفاءة العاملين في مكاتب الشئون الاجتماعية التابعة للوزارة، لضمان توحيد المعايير وضمان حصول المتقدمين على طلب الكفالة على معلومات صحيحة ودقيقة لتوفير جهدهم ووقتهم.
تحية خالصة لكم جميعا من كل طفل ساهمتم في رسم مستقبل أفضل له وما تزالون...وسوف استمر في عرض تفاصيل هذا الملف عليكم تباعا، حتى نعرف معا كيف يمكن لكل منا أن يصبح له دور إيجابي لنرسم معا مستقبلا أفضل لهؤلاء الأطفال، ذلك المستقبل الذي يستحقونه.