تواصل تركيا دعم الميليشيات الإرهابية في طرابلس الليبية رغم مؤتمر برلين، والذي أكد على وقف التدخلات، وهو ما يؤكد أن أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتكاسة ميليشياتها أمام انتصارات الجيش الوطني الليبي.
يقول مراقبون، إن كافة المحاولات والدوافع التركية تأتي ضمن محاولاتها تثبيت النفوذ في طرابلس، فسقوط الميليشيات المسلحة هناك يعني نهاية الحركات الإرهابية في الشرق الأوسط، ونهاية المشروع التركي الاستعماري في المنطقة.
تقول قراءة بحثية أعدها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، بعنوان: «تثبيت النفوذ: دوافع توظيف تركيا للمرتزقة الأجانب في الأزمة الليبية»، إن ليبيا تشهد تصاعد توظيف المرتزقة الأجانب من جانب النظام التركي لدعم حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي، في ظل الانتكاسة التي تشهدها ميليشيات فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق.
القراءة البحثية أعدها الباحث كرم سعيد، يقول فيها إن هناك مجموعة من الدلالات تؤكد مواصلة تركيا لتجنيد وإرسال متشددين لها إلى طرابلس، أولها ما كشفت عنه التقارير الإعلامية التي تقول إن هناك أكثر من ألف مرتزق نقلتهم تركيا من مناطق الصراع في سوريا. ويعكس مستوى التسلُّح الذي يحظى به المرتزقة الأجانب الموالون حجم ما يحصلون عليه من دعم وتمويل من تركيا الساعية إلى بسط نفوذها على ليبيا.
وعدد الباحث الدوافع التركية إلى استمرار الدعم التركي إلى طرابلس، أولها حماية النفوذ، فقد اعتمدت تركيا على توظيف ظاهرة ملاحقة المقاتلين الإرهابيين في مناطق النزاع في الإقليم، ومنها ليبيا، بهدف الحفاظ على ما اسمته مصالحها الاستراتيجية في مناطق النزاع، وحماية أمنها القومي، من دون أن تُعطي اعتبارًا لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، ناهيك عن غض الطرف عن ميثاق الأمم المتحدة الذي يلزم دولها بالامتناع عن تنظيم وتشجيع الأعمال الإرهابية على أراضي دولة أخرى.
يشير: اتجهت تركيا بعد تمرير مذكرتي تفاهم في 27 نوفمبر الماضي لترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون الأمني مع حكومة السراج، إلى تسليح تنظيمات وفاعلين من غير الدول لتأمين حضورها في الأزمة الليبية، بما يضمن لها تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في ليبيا، يضيف أن من بين الدوافع تأمين مصالحها، في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وفشلها في إجراءات محاصرة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ منتصف عام 2018.
ويمثل التدخل العسكري التركي عبر مقاتلين مرتزقة أحد مرتكزات حكومة العدالة والتنمية للتحايل على الأزمة الاقتصادية الراهنة، من خلال مساومة حكومة الوفاق على مصالح تركيا في ليبيا، وظهر ذلك في سعي تركيا لاستثمار حاجة السراج إليها، لتوقيع اتفاقيات بحلول فبراير المقبل تتضمن تعويضًا مبدئيًّا بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نُفذت في ليبيا قبل حرب 2011، وذلك في مسعى لإحياء عمليات متوقفة لشركات تركية في ليبيا.
وتمثل خطوة أنقرة إلى توظيف المرتزقة الأجانب أيضًا؛ محاولة لموازنة النفوذ على الأرض بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي، في ظل نجاحات الجيش الوطني وسيطرته على مدن ساحلية من شأنها تحقيق مكاسب استراتيجية في الأزمة الليبية ككل.
كما تهدف أنقرة بحسب الدراسة، إلى ممارسة الضغط على الدول الداعمة لحكومة الشرق، لذلك تقدم جميع أنواع الدعم لحكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها في مصراتة وطرابلس، على غرار تزويدها بالمرتزقة، لتغيير مسار المعارك، وإطالة أمدها، وعرقلة تقدم الجيش الوطني.
تضيف القراءة البحثية أنه من شأن الدعم التركي إلى طرابلس تعقيد حل النزاع، وتكريس الانقسام الجغرافي، وذلك في حال وقف الجيش الوطني الليبي لعملياته وتأمين مكتسباته على الأرض.