تميم يكمم أفواه القطريين.. القضاء على آخر متنفس لحرية التعبير بالدوحة
الجمعة، 24 يناير 2020 03:05 م
" انتهاكات "تميم" بمجال الحريات.. تشريع جديد يقضى على آخر متنفس لحرية التعبير.. قطر تعانى من غياب الإعلام المستقل".. هذا ما كشفه تقرير جديد لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، والتى أكدت إنه تأكيدا للدور الذى تلعبه دولة قطر في التدخل فى شئون العديد من الدول تحت ستار حقوق الإنسان وإبراز حرصها على تعزيز أوضاع حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات في مختلف دول العالم، أصدرت الدوحة تشريعًا جديدًا برقم (2) لسنة 2020، بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2004، ليقضى تماما على ما بقى من حرية الرأي والتعبير داخل قطر أو لمواطنيها فى الخارج، ويمحو ما تدعيه الدوحة من دعمها حرية الرأى والتعبير فى مختلف الدول، لتصبح شعارات جوفاء.
وأضافت" ماعت" فى تقرير لها تحت عنوان: "قطر تشريع جديد يقضى على آخر متنفس لحرية التعبير"، أن القانون يقضى بتجريم كل قَول أو فِعل قد يعارض أو يخالف بطريقة أو بأخرى سياسة الدوحة بشكل عام، ويضع مجموعة من العقوبات من بينها الحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات وبغرامة تصل إلى مائة ألف ريال قطرى (نحو 27 ألف دولار) لكل من مارس حقه فى التعبير سواء داخل قطر أو خارجها تحت ستار "إثارة الرأي العام" وعبر مجموعة من المصطلحات الفضفاضة التى تشمل تقريبا كل قول مخالف لتوجهات الدولة.
وتابع: "المُلفت فى هذا القانون هو تعمد الدوحة إبقاؤه سرا، فرغم نشر القانون بالجريدة الرسمية القطرية، وقيام وسائل الإعلام القطرية الرسمية بإعادة نشر مواد القانون وخاصة جريدة الراية المحسوبة على الحكومة القطرية، قامت الجريدة بحذف المحتوى فورا على ما يبدو لرغبة حكومية فى التعتيم على القانون بما يخالف كافة المواثيق الدولية الرامية إلى كفالة الحق فى الرأى والتعبير ويبدو أن السلطات القطرية تعمدت التعتيم على القانون نتيجة انفجار موجة من الغضب والتخوف بين الشعب القطرى لما سينجم عنه القانون من القضاء على آخر منافذ حرية التعبير فى قطر".
و أشار الى أنه مع بداية عام 2020، أصدر تميم بن حمد آل ثانى، أمير دولة قطـر قانون، تشريع جديد برقم (2) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2004، بهدف تكميم أفواه المعارضة داخل قطر أو حتى المقيمين في الخارج، حيث يقضي القانون بتجريم النقاش وإبداء الرأي في أية مسائل ترى السلطات القطرية أنها تثير الرأي العام مع استخدام مصطلحات فضفاضة تضع الجميع بلا استثناء عُرضة لهذه العقوبات، متابعا: "وأضاف القانون مادة جديدة (مادة 136 مكررا) تقضى بوضع عقوبات سالبة للحرية تصل إلى الحبس خمس سنوات وبالغرامة التي تصل إلى مائة ألف ريال قطرى (نحو 27 ألف دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر إشاعات أو بيانات أو أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة، في الداخل أو فى الخارج، متى كان ذلك بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية أو إثارة الرأي العام أو المساس بالنظام الاجتماعى أو النظام العام للدولة. كما يمكن مضاعفة هذه العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة المشار إليها فى زمن الحرب".
وأشار تقرير ماعت الى أن المادة السابقة تخالف المادة التاسعة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود، كما تخالف المادة سالفة الذكر ما كفله العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من حرية الإنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة، وممارسة الحق فى حرية التعبير دون قيود كما تخالف أيضا المادة (13) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وكذلك مخالفة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فى مادتها العاشرة، وكافة المواثيق الدولية التى تكفل حق الإنسان فى التعبير عن آرائه.
وأوضحت ماعت فى تقريرها أن هذا القانون يؤكد على تحايل الدستور القطري على حماية حرية الرأى والتعبير، مضيفا أنه في الوقت الذي يشير الدستور القطري في مواده 46، 47، 48 إلى حرية الفرد فى مخاطبة السلطات العامة، وكذلك كفالة حرية الرأى والبحث العلمى وحرية الصحافة والطباعة والنشر، إلا أن الدستور نفسه تلاعب في كفالة هذه الحقوق بوضع نص وفقا للشروط والأحوال التي يحددها القانون، أي أن حرية الري والتعبير التي يكفلها الدستور القطرى غير مُفعلة لأنها ترتبط بقوانين أخرى، ومن ضمنها قانون العقوبات القطرى والذى تم تعديله في مطلع عام 2020 ليفرض قيودا واسعة على هذا الحق،كما تم كتابة القانون بصياغة فضفاضة، تفتقر إلى أدنى ضمانات حرية التعبير، ووُضع خصيصا للتنكيل بالمعارضين ومنع أية آراء قد تُعارض بصورة أو بأخرى لسياسات أمير قطر، فمن بين الكلمات التى وردت فى التعديلات وأثارت مخاوف القطريين، تناول الشأن العام، دعاية مثيرة، زعزعة، مغرضة، إثارة الرأي العام، المساس بالنظام وجميعها مصطلحات فضفاضة يمكن استغلالها في التنكيل بالمعارضة. فلا يوجد تفسير دقيق لمصطلح، تناول الشأن العام للدولة، على سبيل المثال، سوى أن القانون يتيح للسلطات الأمنية التنكيل بكل شخص يتحدث عن الشأن العام للدولة ويُصبح عُرضة للعقوبة المقررة فى القانون، دون أن يتم تحديد ماهية الشأن العام للدولة، ولم يتم وضع أية ضمانات لهذا الحديث، وبالتالى هى أخطر المواد التى ذكرها القانون وتقضى تماما على مفهوم حرية الرأي والتعبير داخل قطر.
واستطرد التقرير: "لم يكن إصدار تشريع يجرم حرية الرأي والتعبير في قطر هو الأمر الوحيد المثير للجدل، بل في كيفية تعامل السلطات القطرية مع القانون ومحاولة إخفاءه، فرغم نشر القانون ضمن عدة قوانين وقرارات أميرية أخرى عبر الجريدة الرسمية القطرية، قامت الصحف القطرية ومنها صحيفة “الراية” المحسوبة على الحكومة القطرية بحذف نص القانون بعدما أثار انتقادات كبيرة داخل دولة قطر،كما لم يكن حذف خبر نص القانون هو الأمر الوحيد المثير للجدل، بل في قيام نفس الصحيفة بمحاولة تبرير فعلتها بالادعاء على غير الحقيقة أن ما نشرته بخصوص تعديل قانون العقوبات في قطر جاء من مصدر غير رسمى واعتذرت من ذلك، وهو خطأ فادح لكون القانون صُدر بالفعل ونُشر في الجريدة الرسمية القطرية ومتاح للجميع داخل قطر".
وكشف التقرير أن قطر تعانى من غياب الإعلام المستقل بالداخل بشكل كبير، خاصة بعد حجب أهم موقع إخباري مستقبل في قطر وهو الدوحة نيوز،متابعا :" ووصفت منظمات حقوقية دولية سلوك قطر بأنها من المفترض أن تتصدر صفوف المدافعين عن حرية الصحافة وخاصة أنها مؤسسة شبكة قنوات الجزيرة، بل وتستضيف مركزا يختص بالحريات الإعلامية، ومع ذلك تستهدف أحد أهم المصادر الرئيسية للصحافة المستقلة التي تتمتع بالمصداقية فى قطر، وتخضع حرية الرأي والتعبير فى قطر لرقابة صارمة، خاصة مع إصدار الدوحة قانون تحت مسمى " مكافحة الجرائم الإلكترونية" الصادر برقم (14) لسنة 2014، والذى يرفض الكثير من القيود على العمل الصحافي والإعلامي، بل ويقنن حق السلطات القطرية فى حجب المواقع التي ترى فيها تهديدًا لسلامة البلاد، ومعاقبة من يقوم بنشر أو تبادل محتوى رقمي يقوض من القيم الاجتماعية أو لنظام العام فى قطر وهى مصطلحات فضفاضة تبرر إحكام قبضة الدولة على منافذ التعبير.
و أشار التقرير الى أنه من المُثير للانتباه أن قطر تدعي عبرَ منابرها الإعلامية التي تُغطى تقريبا أهم الأحداث التى تشهدها دول العالم، أنها تكفل الحريات بشكل عام، وتدعم حرية الرأي والتعبير بشكل خاص، وتروج عبر شبكات قنواتها الشهيرة حول العالم إلى ضرورة تعزيز أوضاع حقوق الإنسان وإعلاء قيم حرية الرأي والتعبير، وضرورة الاستماع إلى اختلاف الآراء والصوت الآخر، ورغم ذلك تعاني الدوحة من غياب هذه الحريات التي تدعو إليها في الداخل، بل وتصدر قوانين صُنعت خصيصا لإسكات الأصوات المعارضة، في تحدي واضح لكافة المواثيق الدولية الداعمة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
و استطرد: "يأتى إصدار القانون في وقت تعاني فيه قطر من تزايد الأصوات المعارضة للحكومة القطرية بسبب العديد من الأزمات الإقليمية التي تعد الدوحة طرفا فيها، وخاصة ما يتعلق بتدخلها في شئون دول أخرى بشكل سافر نتجه عنه تكوين عداءات ومقاطعات دبلوماسية مع الدول المجاورة لها، إلى جانب الاتهامات التي تلاحق قطر حول دعمها الجماعات الإرهابية، وهى أمور أجبرت الحكومة القطرية على مواجهة الأصوات المعارضة من خلال وضع تشريعات تقضى على ما تبقى من حرية التعبير فى هذا البلد المتباهى بدفاعه عن قضايا حقوق الإنسان ولكن فى جميع الدول ما عدا قطر".
و أضاف تقرير ماعت أنه في الوقت الذي تعانى فيه قطر من وجود قيود شديدة على حرية الرأي والتعبير، أصدرت الدوحة تعديلا على قانون العقوبات يقضي تماما على آخر منفذ لحرية الرأى والتعبير من أجل العمل على إسكات المعارضة لمواجهة الغضب الشعبى تجاه سلوك الحكومة القطرية وسياساتها السلبية في المنطقة، مخالفة بذلك كافة المواثيق الدولية المعنية بكفالة حرية الرأي والتعبير. وفي هذا الإطار، توصي مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان الحكومة القطرية بالتالي:
_إلغاء المادة (136) مكرر من قانون رقم 2 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بقانون رقم 11 لسنة 2004.
_التوقف عن استخدام مصطلحات غامضة ومطاطة ومفتوحة رهينة للتفسيرات الفضفاضة أو التأويل من المدعين العاميين والقضاة، واستخدامها للحد من حرية الرأي والتعبير قانونيا.
_ تحرير الإعلام من سيطرة الدولة والسماح بالصحافة المستقلة وفتح منابر التعبير عن الرأي دون قيود وبما يتناسب مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.