«مقفولة بالضبة والمفتاح».. تركيا تفشل في إرسال قواتها إلى ليبيا
الأحد، 12 يناير 2020 09:00 ص رضا عوض
- تركيا تفشل فى إقناع تونس والجزائر والنيجر وتشاد والسودان باستخدام أراضيها لإرسال قواتها إلى ليبيا
- الرئيس التونسى: لن نسمح باستخدام أراضينا لتمرير قوات تركية إلى ليبيا
- الرئيس الجزائرى يرفض استقبال رئيس تركيا لمناقشة الموضوع
- تشاد: موقفنا متفق مع فرنسا.. ولن نسمح لأحد باستخدام أراضينا
- النيجر: ليبيا تحولت لملاذ آمن للإرهابيين
حاول أردوغان الدخول إلى ليبيا بعد توقيعه اتفاقا مشبوها مع حكومة السراج، التى تسمح له بإدخال قوات تركية للوقوف مع الميليشيات المسلحة المتحالفة مع فايز السراج فى وجه الجيش الوطنى الليبى، حيث لجأ الرئيس التركى إلى تونس وتواصل مع الرئيس التونسى قيس سعيد، طالبا أن تكون تونس متعاونة معه فيما يخص نقل العتاد والسماح للقوات التركية بالعبور عبر تونس مع استخدام المجالين الجوى والبحرى لأجل التدخل العسكرى فى البلد المجاور، حيث جاء ذلك خلال زيارة قام بها أردوغان إلى تونس، ركزت بشكل خاص على الأوضاع فى ليبيا بعد إعلان الرئيس التركى أنه سيرسل قوات إلى هناك لمقاتلة الجيش الوطنى الليبى، الذى يسعى لاستعادة العاصمة طرابلس من الميليشيات المتحالفة مع أنقرة، إلا أن رئاسة الجمهورية التونسية رفضت السماح بإنزال تركى للقوات التركية عبر الحدود التونسية - الليبية، وهو ما أصاب أردوغان بحالة من الإحباط.
- الجزائر
مع الرفض التونسى لطلب أردوغان، اضطر للجوء إلى الجزائر التى أبدت رفضها التام لاستخدام تركيا لأراضيها لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، حيث جاء هذا الرفض حسبما أكدت مصادر سياسية وإعلامية جزائرية فى الأيام الأخيرة، بأن الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون «رفض طلب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لزيارة الجزائر قبيل زياته إلى تونس لبحث الأزمة الليبية وطلب الانضمام إلى التحالف العسكرى معها».
وكشفت عن أن «تبون» تلقى فى يوم واحد اتصالين من أمير قطر ومن أردوغان فى محاولة لاستقطاب الرئيس الجزائرى الجديد لحلفهما المشبوه فى ليبيا، مشيرة إلى أن «تبون اعتذر بدبلوماسية لأردوغان عن طلب زيارته للجزائر، وبرر ذلك بأن الظروف الداخلية لا تسمح باستقبال قادة الدول».
الغريب أن الديكتاتور التركى لم ييأس وقام بإرسال وزير خارجيته تشاووش أوغلو إلى الجزائر، حيث تزامن ذلك مع الزيارة التى أجراها السراج وعلقت عليها صحيفة «ماساجيرو فينيتو» الإيطالية، بتأكيدها على فشلها، مشيرة إلى أن الجزائر جددت تأكيدها على أنها لن تكون ممرا تعبر من خلاله قوات غازية لبلد عربى شقيق.
وقالت الصحيفة الإيطالية فى تقريرها «فشل أردوغان فى الحصول على دعم دولى لعمليته المرتقبة فى ليبيا، فحاول انتزاع دعم الجزائر عبر إغرائها بدعم مالى ومشروعات ثنائية وغير ذلك، إلا أنها رفضت التورط فى تلك العملية العسكرية».
وتابعت الصحيفة: «حاول السراج مع وزير خارجيته محمد الطاهر سيالة ومجموعة من القيادات العسكرية، من خلال زيارة الجزائر بالتزامن مع تواجد وزير خارجية أردوغان، الضغط للحصول على دعم للعملية العسكرية التركية فى ليبيا ولكن دون جدوى».
ونقلت الصحيفة الإيطالية عن البرلمانى الجزائرى عبدالوهاب زعيم، قوله: «بلادنا لن تقدم أى تطمينات للأتراك أو السراج ورفاقه على أى مستوى، هؤلاء يسعون لتوريطنا فى مأزق هم من صنعوه ووضعوا أنفسهم فيه، وكلمتنا واحدة وستظل، لن تعبر القوات التركية من على التراب الجزائرى».
- تشاد
أمام الرفض الذى وجده أردوغان من الجزائر، لم يجد طريقا إلا النزول جنوب وجنوب غرب ليبيا فى محاولة للدخول إلى الأراضى الليبية، حيث أسرع إلى تشاد التى تقع فى الجنوب محاولا إقناعها بالسماح باستخدام أراضيها لإرسال قواته إلى ليبيا، إلا أنه يجهل أن تشاد دولة غير صديقة للثورة الليبية، وهى حليف لنظام القذافى، وتصريحات الرئيس التشادى إدريس ديبى لصحيفة لوفيجارو الفرنسية دليل على ذلك، حيث قال ديبى: « إن ليبيا قد تنفجر فى وجوهنا بسبب تحولها إلى قاعدة للإسلاميين المتطرفين كافة».
تصريحات «ديبى» لا تبين فقط حقيقة عداء تشاد للجماعات المسلحة، بل تؤكد كشفها لحجم الخطر القادم من ليبيا، والذى يستهدف دول الجوار، واستخدام فزاعة الإرهاب، والادعاء بأنها أصبحت ملاذا آمنا للإرهابيين.
- النيجر
مع غلق أبواب الجنوب الليبى فى وجه الديكتاتور العثمانى، لم يبق أمامه إلا الاتجاه جنوب غرب ليبيا، حيث توجد دولة النيجر والتى صارت المنفذ الوحيد له، إلا أن موقف النيجر لا يختلف عن موقف تشاد من الأزمة الليبية، حيث أعلن رئيس النيجر عن دعم بلاده للمصالحة الشاملة، متحدثا عن وجود الإرهاب فى ليبيا، وأن الإرهاب سينتقل من ليبيا إلى دول الجوار ويهدد أمنها.
- السودان
مع غلق المنافذ الحدودية فى الجنوب والجنوب الغربى أمام أردوغان، حاول الاتجاه ناحية الجنوب الشرقى من ليبيا، حيث يقع السودان، محاولا استغلال أراضيه فى إرسال قواته، إلا أن خلافا شديدا دب بين السودان وحكومة الوفاق، وهو ما ظهر فى البيان الذى أصدرته «مندوبية السودان لدى جامعة الدول العربية» وشنت فيه هجوما شديدا على «حكومة الوفاق الليبية» التابعة لفائز السراج، خاصة بعد تعمد «المندوبية الليبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية» تسريب كلمة المندوب الليبى أمام «اجتماع مجلس الجامعة العربية» على مستوى المندوبين، والذى حمل الكثير من الإساءات للخرطوم.
وعبّر السودان عن أسفه البالغ لقيام مندوبية ليبيا فى الجامعة العربية «بإلقاء اتهامات جزافية وعارية من الصحة لدولة شقيقة وجارة، بذلت مساعى كبيرة مع المجتمع الدولى والإقليمى وفى ظل آلية مجموعة دول الجوار الجنوبى لليبيا واجتماعها الأخير فى الخرطوم فى نوفمبر 2018، من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وأمن وأمان شعبها الشقيق، ورفض التدخلات الخارجية فى شئونها الداخلية وتكثيف التنسيق الفعلى بين الدول الإقليمية لمحاربة الإرهاب والعنف والأنشطة الإجرامية المترتبة على الوضع فى ليبيا».
وأضاف «البيان» أنه كان حرى بمندوب ليبيا التوثيق قبل إيراد الاتهامات تلك على مسامع المجلس الموقر، علما بأن مندوبية السودان كانت قد تواصلت مع الجانب الليبى فى حينه، وتم الاتفاق على الاعتذار وحذف الإشارة للسودان من مضابط الاجتماع، وهم ما تم بالفعل فى حينه.
وعبّر السودان فى البيان عن استيائه البالغ وإدانته القوية للمسلك غير المسئول والمنافى لقواعد الإجراءات الحاكمة للجلسات المغلقة، وذلك بعدما قامت مندوبية ليبيا بتسريب وثائق ومعلومات «الاجتماع المغلق للمندوبين» لوسائط الإعلام المختلفة فى سابقة غير مبررة.
- السيطرة على سرت
كانت الضربة القاصمة والمحبطة للرئيس التركى هى نجاح الجيش الوطنى الليبى برئاسة المشير خليفة حفتر، فى السيطرة على مدينة سرت الساحلية والمطلة على البحر المتوسط، وهو ما يعنى سيطرة كاملة لقوات حفتر على المنفذ البحرى، حيث أعلنت قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، والمعروفة باسم «الجيش الوطنى الليبى» أنها فرضت سيطرتها التامة على مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية، وذكرت أنها سيطرت على مواقع محيطة بسرت منها قاعدة القرضابية الجوية قبل التحرك إلى وسط المدينة.
وقال أحمد المسمارى، المتحدث باسم قوات حفتر، إن العملية كانت سريعة «وتم التخطيط لها بشكل جيد، وفى خلال ثلاث ساعات كنا فى قلب مدينة سرت» مضيفا أن العملية كانت مفاجئة وسريعة، مشيرا إلى أن التقدم سبقته ضربات جوية.
السيطرة على سرت منحت «حفتر» مكسبا مهما من الناحية الاستراتيجية، إذ تقع سرت فى منتصف ساحل ليبيا على البحر المتوسط، وكانت تسيطر عليها قوات متحالفة مع حكومة الوفاق.
جدير بالذكر أن البرلمان التركى كان قد وافق على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وجاء ذلك فى جلسة طارئة للتصويت على مذكرة التفويض بشأن إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وجاء فى المذكرة العديد من المزاعم منها «حماية المصالح الوطنية انطلاقا من القانون الدولى واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية والتى مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية فى ليبيا».
وأعلن الجيش الوطنى الليبى، منذ أسابيع، عن القضاء على مستشارين عسكريين أتراك فى مدينة مصراتة والذين عملوا على تسيير الطائرات المسيرة لاستهداف وعرقلة الجيش الوطنى الليبى فى محاور القتال بطرابلس، وتتخوف عدد من دول الجوار الليبى من إقدام تركيا على إرسال قوات عسكرية إلى طرابلس، لأن ذلك سيؤثر بشكل سلبى على أمن واستقرار ليبيا وسينعكس بشكل سلبى على أمن دول الجوار الليبى.
من ناحيته وافق البرلمان الليبى بالإجماع على قطع العلاقات مع تركيا وإغلاق السفارات بين البلدين، وذلك خلال الجلسة التاريخية الطارئة التى عُقدت لبحث تداعيات التدخل التركى العسكرى السافر.