المياه الجوفية.. خزانات مصر الاستراتيجية تنتظر التجديد
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2019 12:00 م
تُعتبر موارد المياه الجوفية، أو خزانات المياه الجوفية المتجددة، أحد الموارد المائية الاستراتيجية، وغير التقليدية، التي تتميز بانتشارها جغرافياً في مصر، وبصفة رئيسية في المناطق الأربعة، وهى وادي النيل والدلتا، والتي تشمل المنطقة الواقعة ما بين دخول نهر النيل إلى مصر والبحر المتوسط، بما في ذلك منخفض الفيوم وبحيرة ناصر، والمنطقة الثانية، وهى الصحراء الغربية.
وتشمل المنطقة المحصورة ما بين نهر النيل شرقاً، والحدود الليبية غرباً، والحدود المصرية السودانية جنوباً، والبحر المتوسط شمالاً، أمّا المنطقة الثالثة، فهى الصحراء الشرقية، وهي المنطقة المحصورة ما بين وادي النيل بالوجه القبلي والبحر الأحمر، والمنطقة الرابعة، فهى شبه جزيرة سيناء، وتعتمد هذه المنطقة الأولى أساساً، على المياه النيلية التقليدية، والتي تقوم عليها معظم أنشطة التنمية، من شرب وزراعة وصناعة.
إلى جانب استخدامها لمصادر المياه الأخرى غير التقليدية، كمياه الصرف الزراعي في شبكات المصارف أو المياه الجوفية، التي تُخزّن بمستودع التكوينات الرسوبية، نتيجة تسرب الفائض من مياه الري النيلية، ومياه الصرف الصحي المُعالجة، بالإضافة إلى مياه الأمطار، في الجزء الشمالي من الدلتا، وتعتمد باقي مناطق الجمهورية أساساً، على مصادر المياه الجوفية غير المتجددة، بالإضافة إلى الأمطار المتساقطة على المناطق الساحلية.
خزانات المياه الجوفية تفيض خيرا
كميات المياه في الخزانات الجوفية المتجددة
وحسب دراسات خبراء المياه في مصر، تتوزع خزانات المياه الجوفية المتجددة، مابين وادى النيل، وإقليم الدلتا، وتعتبر تلك المياه جزء من موارد مياه النيل، ويقدّر ما يتم سحبه من المياه في تلك الخزانات، حوالى 6.5 مليار م3، منذ عام2006، ويُعتبر ذلك في حدود السحب الآمن، والذي يبلغ أقصاه بحوالى 7.5 مليار م3، حسب تقديرات معهد بحوث المياه الجوفية.
كما يتميز بنوعية جيدة من المياه، تصل ملوحتها لما بين 300-800 جزء في المليون، في مناطق جنوب الدلتا، ولا يُسمح باستنزاف مياه تلك الخزانات، إلا عند حدوث جفاف لفترة زمنية طويلة، لذلك تُعتبر هذه المياه، ذات قيمة استراتيجية هامة وحيوية بل ومصيرية في نفس الوقت، ومن كان من المقرر أن يقترب السحب من هذه الخزانات، إلى حوالى 7.5 مليار م3 فيما بعد عام 2017.
وإذا كانت المناطق القريبة من النيل، بها ثراء وغنى في المياه الجوفية، فإن الوضع يختلف في المناطق البعيدة عن النهر، حيث تشح المياه، مع وجود زيادة مطردة في الطلب عليها، بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني والأنشطة البشرية، ووفقا لدراسة أجرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية، فإن هذه العوامل، بالإضافة إلى قرب الانتهاء من عمليات بناء سد النهضة الإثيوبي وتشييده، من شأنها أن تُحدِث أزمة في الموارد المائية في مصر بحلول عام 2025.
خريطة المياه الجوفية فى مصر
اكتشاف خزان جوفى بالصحراء الغربية
وفى رحلة البحث عن المياه الجوفية، تمكن الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، بالأمم المتحدة، ورئيس الفريق البحثى لدراسات التربة والمياه بالصحراء الغربية، في عام 2017 من اكتشاف خزان جوفى بالصحراء الغربية، بتقنيات الكشف الحديثة، يكفى لزراعة 7 مليون فدان، وقال الدكتور علاء النهرى فى تصريحات صحفية وقتها، إن بيانات المياه الجوفية كماً ونوعاً، والمتوافرة منذ حوالى قرنين وإلى الآن، لدى العديد من الباحثين، تعتمد بالأساس على خريطة هيدروجيولوجية، ترجع لأواخر التسعينيات، بمقياس رسم 1 : 2 مليون، بالإضافة إلى نتائج حفر آبار البترول وبعض الآبار الاستكشافية.
زراعة الصحارى على المياه الجوفية
وأضاف الدكتور علاء النهرى، أنه من خلال استخدام الفريق، لأحدث أجهزة رصد المياه الجوفية على مستوى العالم، والغير متوافرة للعديد من الباحثين فى مصر، تم التأكد بما لا يدع مجالا للشك، وجود كميات هائلة من المياه الجوفية، أسفل رمال الصحراء الغربية.
وأشار النهرى إلى أنه خلال اللقاءات مع خبراء المياه الجوفية، وعلى أعلى مستوى، اتفقوا على أن مساحة شاسعة جنوب شرق دلتا النيل القديمه بالصحراء الغربية، تسبح على عدد 2 خزان، حيث إن الخزان العلوى مشبع بالمياه، بسمك 120 مترا وملوحة مياه من 400 إلى 1000 جزء فى المليون، و يرجع لخزان غرب النيل المتجدد ويقع أسفله.
وتابع، أما خزان المغرة المشبع بالمياه، بسمك يتراوح من 250 مترا إلى 900 مترا، وملوحة مياه من 100 إلى 3000 جزء فى المليون، وعليه يكون سمك الطبقة المشبعة بالمياه من 370 مترا اإلي1020 مترا، و تمثل كميات هائلة من المياه، تكفى لزراعة عده ملايين من الأفدنة، هذا بخلاف خزان الحجر الرملى النوبى العميق، وهو أكبر خزان مياه جوفية فى مصر، والذى يصل إلى عمق أكثر من 2000 متر، تحت سطح البحر، حيث تنطلق منه مياه، لتغذيه الخزانات عن طريق الفوالق.
مياه تتدفق من خزان جوفى
خريطة المياه الجوفية في مصر
وتتواجد المياه الجوفية في مصر، حسب خريطة توزيع المياه الجوفية، من خلال 6 خزانات رئيسية، وهى خزان الدلتا، وحسب تقارير وخرائط وزارة الري، فهو خزان محدود الموارد، ونتج في الأساس من تسرب مياه نهر النيل، بسبب شبكات الصرف، وتسببت تلك المياه في تكوين الخزان، وتشير التوقعات إلى أن حجم المياه به غير كبيرة.
كما أنه يعاني من مشكلة التجدد، وهو ما يعني نقصانه بشكل مستمر، وهناك أيضا خزان الحجر الجيري، والذى يتركز في مناطق غرب المنيا وأسيوط وواحة سيوة، وهو ما زال تحت الدراسة، نظرا لعدم وجود تجانس بين خصائص مياهه، بجانب مساحته الصغيرة، ويرجّح العلماء سبب ذلك للتشققات الحادثة فيه، ثم الخزان النوبي.
ويمثل هذا الخزان مخزونا استراتيجيا لمصر، فهو ضمن أكبر الخزانات الجوفية، ليس فقط بسبب مساحته الممتدة من الإسكندرية حتى أسوان، ولكن بسبب سُمكه البالغ 200 مترا، ويصل في بعض الأحيان لـ3 آلاف، مثل واحة الفرافرة، أضف إلى ذلك نوعية مياهه الجيدة وتراجع نسبة الأملاح فيه، إلى جانب خزان المهرة، ويوجد غرب نهر النيل، ويتمتع بسُمك كبير 500 متر.
لكن نسبة الأملاح به عالية، وهو ما يجعل استخداماته قاصرة على الاستزراع السمكي أو استصلاح بعض الأراضي، علاوة على الخزان الساحلي، و يوجد في مدينة القنطرة شرق حتى رفح، وهو أيضا خزان محدود، يتم تغذيته من خلال الأمطار، التي تسقط على الشريط الساحلي لتلك المناطق، خاصة العريش ورفح، ثم خزان الصخور النارية، و يعرف باسم خزانات البحر الأحمر، نتيجة انتشاره في جنوب سيناء وجبال البحر الأحمر، وهو ضمن الخزانات المحدودة الاتساع، ونسبة المياه به قليلة.
زراعة الصحارى على المياه الجوفية
السحب الآمن من خزانات المياه الجوفية
كان الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، قد اجتماعا موسعا، مع المعنيين بدراسة تحديث الإمكانات والسحب الآمن، للخزانات الجوفية بمصر، من كلية الهندسة بجامعة القاهرة، والمركز القومى لبحوث المياه، بوزارة الموارد المائية والرى، وأيضا القيادات التنفيذية بقطاع المياه الجوفية بالوزارة، وقال عبد العاطي في تصريحات صحفية، إن تلك الدراسة، ينفذها قطاع المياه الجوفية، بوزارة الموارد المائية والري، بالتعاون مع مركز الدراسات والتصميمات، للمشروعات المائية، بكلية الهندسة جامعة القاهرة، لمتابعة تقدم الدراسة.
وعرض المخرجات النهائية، المتوقعة للمرحلة الاولي، ومناطق التنمية المقترحة، وكذلك الأعمال اللازمة للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية، ووجه الوزير، بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة، للبدء في تنفيذ تلك الأعمال، مشيدا بالجهد المبذول، في حصر وتبويب بيانات الآبار الجوفية، وكذلك تحديث خرائط إمكانات المياه الجوفية، وإنتاج خرائط جديدة، لمناطق التنمية المقترحة، بناء علي بيانات الآبار ونتائج الأعمال الاستكشافية، مع متابعة السحب الآمن من الآبار، طبقا للمُقننات المُحددة مع الاستخدام الرشيد، بما يحافظ علي استدامة المورد والحفاظ علي نوعيته.