حرب الحلفاء المرتقبة والانسحاب الأمريكي من تركيا.. كيف نفهم قواعد اللعبة؟

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2019 06:00 ص
حرب الحلفاء المرتقبة والانسحاب الأمريكي من تركيا.. كيف نفهم قواعد اللعبة؟
تركيا وروسيا وإيران
كتب مايكل فارس

قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، خاصة من من مواقع قريبة من الحدود التركية، الأمر الذى يفتح الطريق أمام العملية العسكرية التركية التى أعلن عنها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

 

ترامب برر قرار انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا، بأن وجودها أمرا مكلفا للغاية بحد تعبيره، حيث قال عبر سلسلة تغريدات:"الأكراد قاتلوا معنا، لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل لفعل ذلك، إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود، سيتعين الآن على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد تسوية الوضع، لقد آن الأوان لكي نخرج من هذه الحروب السخيفة والتي لا تنتهي، والكثير منها قبلية".

 

وأعلن رجب طيب أردوغان الرئيس التركى، أن  سيبدأ عملية عسكرية في سوريا في أي وقت"، ضد القوات الكردية المتمركزة شمالا، حيث تعتبر أنقرة أن قوات وحدات حماية الشعب الكردية "إرهابية"، وترى أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمردا عسكريا دمويا على الأراضي التركية منذ عام 1984.

 

ترامب أعطى الضوء الأخضر لأردوغان عقب اتصال هاتفي بينهما، ورغم أن الخلافات على أشدها بين بلديهما بسبب صفقة صواريخ الدفاع الجوى الروسية s 400 التى اشترتها تركيا، الأمر الذى طالما عارضته الولايات المتحدة الأمريكية، واتخذت إجراءات عقابية ضد أنقرة، منها منعها من الاستمرار فى تصنيع وتمويل أجزاء من أحدث الطائرات الحربية فى العالم F35، حيث كانت تركيا جزءا من العديد من الدول التى تمول وتشارك فى صناعة الطائرة، كما أوقفت إدارة ترامب تدريب الطيارين الأتراك على الطائرة.

 

ويبقي السؤال، لماذا سحب ترامب القوات الأمريكية من سوريا؟، هذه القرارات طبيعية جدا بالنسبة لترامب، فقد أعلن العام الماضى أيضا أنه سيسحب قواته ولكن آن الآوان لتنفيذ ذلك، فهو رجل أعمال فى البداية ويتعامل من منطلق الصفقات الرابحة، لذا فالانسحاب هنا سيحقق هدفين كبيرين، أولهما تخفيف النفقات على الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من منطقة ملتهبة أطرافها الدولية كبيرة.

 

المعادلة الخاسرة

 هنا رأى ترامب أن سوريا نفوذ مباشر لكل من روسيا وإيران ولن يتخليا عنها خاصة موسكو التى بنت قاعدتين عسكريتين، ورغم وجود قواعد أمريكية هناك، إلا أن تاريخ البلدين لن يسمح بوجود القوتين على نفس الأرض، فقد أدرك ترامب مؤخرا أن أقدام روسيا لن تترك دمشق، أما بخصوص المخاوف الإسرائيلية من النفوذ الإيراني على الأراضى السورية، فهو يدرك جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تترك تل أبيب تحت أي ظرف في حال اندلاع الحرب المباشرة مع طهران.

 

خريطة التوازنات

 

وتل أبيب أدركت خريطة القوى على الأراضى السورية، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تصبح الرقم المهم فى المعادلة، بل موسكو، لذا توجه نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لموسكو الشهر الماضى لضمان ابتعاد إيران عن حدودها، وبحث الوجود الإيراني فى سوريا، وقال لـ"بوتين" الرئيس الروسى، إن إسرائيل لن تتهاون مع أي تهديدات من إيران التي تستخدم الأراضي السورية للعدوان، ولم تكن هذه الزيارة الأولى، بل الثالثة منذ بداية 2019؛ نتنياهو يعلم جيدا أن لا يد طولى لأمريكا على إيران، فتوجه صوب موسكو.

 

وتبقى إجابة حاسمة تنهى التساؤل عن "لماذا سحب ترامب القوات الأمريكية من سوريا؟"، بعدما أدرك الرئيس الأمريكي أن وجود بلاده فى دمشق لا طائل له سوى الخسارة، فلماذا لا ينسحب ليترك الباب مفتوح لـ"صراع الحلفاء"؟، فاللاعبين الإقليميين والدوليين فى البلد هم أعدئه حاليا "إيران وتركيا وروسيا"، وكل منهما له مصالحه التى يرغب فى حمايتها، وكان الوجود الأمريكى فى هذه المناطق بمثابة "آمان" لكل الجهات المتناحرة، وخلوها يعني ضرورة إملائها بإحدى القوات الإقليمية اللاعبة، ليشتعل كل منهما فى صراع آخر بمنأى عن ترامب الذى يجهز لخوضه الانتخابات الرئاسية المقبلة، حتى حين تراجع ترامب بعد تصريحه الأول، قال في تغريدة جديدة قال فيها: " أبلغت تركيا أنها إذا قامت بأي أمر يتجاوز ما نعتبره إنسانيا (...) فسيواجهون اقتصاداً مدمّراً بالكامل"، والسؤال لماذا يترك ترامب شوكة قوية – الأكراد- في ظهر تركيا في ظل توتر العلاقات؟ سيظل الباب مفتوحا لدعمهم بأشكال مختلفة.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق