معركة الوعي
السبت، 07 سبتمبر 2019 01:02 م
" أعطني مواطنًا بلا وعي؛ أعطيك وطنًا تسكنه خفافيش الأخوان"
يفْصل الكثير منا بين الفساد وبين التيارات المعادية للوطن المستترة تحت عباءة الدين، وكأن تلك قضية وتلك قضية أخري، لكن الحقيقة هو أن الاثنين قوسان الدائرة المفرغة وكل منهما يؤدى إلى الأخر.
فتلك الجماعات المسممة فكريًا لن تستطيع نشر نهجها بذراعيه الأصولي الفكري والمُسلح دون وجود بيئة حاضنة فاسدة لتلك التيارات، ولنا أن نتخيل هنا أن قُطع ذراعها المسلح بالقضاء عليه عسكريًا وأمنيًا، وهذا ما حدث بالفعل بعد نجاح الأمن في تدميرها وتكبيد تلك التيارات خسارة أمنية كبيرة، ولكن هل يضعف - أيضًا- ذراعها الفكري المسمم؟
بالطبع لا.. فسيزداد عنفًا محاولة منه لتعويض الخسارة التي تكبدها الجناح العسكري، ليستهدف المجتمع ووعى المجتمع أكثر فأكثر، خاصة وإن كان الهدف ليس نشر الفساد فقط بل أيضًا استهداف وعي المواطن.
حالة الوعي لدى المواطن هو خليط بين إدراكه لكل ما هو حوله في المجتمع والدولة وشعوره تجاه المحيطات به، هو قدر الإدراك الذي يوجه تصرفاته تجاه الآخرين، إن كان ذلك الوعي صحيًا وناضجًا وجه الفرد وأملى عليه أن يكون فردًا فاعلا في الدولة، فرد يستطيع أن يتعايش مع فكرة الدولة ومبدأ المؤسسات، أما إذا كان ذلك الوعي مضطربًا جعل من صاحبه فردًا لا يصلح للتعايش مع فكرة الدولة، أما إذا كان الوعي غائبًا استطاعت تلك التيارات الإيقاع بصاحبه بين براثن أفكارها المسمومة، ومن ثمّ تكثر الأسلحة التي تحارب الوعي في يد تلك الجماعات، من العقاقير المخدرة والسعي لنشرها، إلى عملية غسيل العقول والأدمغة بالتطرف تارة وبأخونة المجتمع تارة أخري، ليصاب المجتمع بصبغة فصائلهم، أو بالسلاح الأقوى وهو محاربة النظام ودحر القانون وتفتيت المؤسسات ونشر التجاوزات في الشارع مما يخلق حالة من الفساد والفوضى التي يطلقون عليها الفوضى الخلاقة، ونشر الشائعات وخلق حالة من البلبلة والإحباط والتخبط، لكن ليست فوضي في ثورة في ميدان، بل في كل حي ومدينة ومجتمع ليخلقون مجتمع فوضوي غير قابل للتنظيم، ملئ بالتجاوزات والمخالفات من أجل مزيد من الشوشرة على صوت الدولة وسرقة انتباه ووعي المواطن أكثر وأكثر وإلصاق صورة المجتمع الفاسد في أذهان المواطن والنشء.
ولأن الأسلحة التي باتت توجه طلقاتها إلى وعي المواطن من خلال نشر الفوضى والفساد هي أخطر من أسلحتهم النارية، لابد أن نقف بجوار الدولة في حربها في معركة الوعي، تلك المعركة الأخيرة الحاسمة ، لابد أن نقف بجوار الدولة المصرية التي بدأت بقوة في معركة الوعي لتكون أكثر قوة ضد كل أوجه الفساد والتجاوزات والخروج عن قوانين الدولة، من اجل استرجاع الوعي وإدراك كل نسمة تحيا على أرض الوطن.
إن إرساء القانون ورصانة المحليات آليات لا تقل أبدا عن مجهودات القوات المسلحة الباسلة في محاربة الإرهاب.. معركة الوعي هي التي ستحسم من المنتصر ومن المهزوم