الضبابية تسيطر على الانتخابات التونسية.. من يدخل قصر قرطاج؟
الأربعاء، 04 سبتمبر 2019 12:00 م
انطلقت في تونس حملة الانتخابات الرئاسية المبكرة بمشاركة 26 مرشحا يمثلون أحزابا سياسية وائتلافات حزبية ومستقلين، وقد أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنها خصصت أكثر من 1500 مراقب للإشراف على الحملة الانتخابية ومراقبة مدى احترام المرشحين لضوابطها المنصوص عليها في القانون الانتخابي.
إنطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية، جاء وسط ضبابية في الرؤية وتحد يتمثل في ضرورة أن ينجح هذا البلد في تمتين مكتسباته الديمقراطية، وفى تقرير لمركز "جسور" التونسي للأبحاث قال فيه، إنه للمرة الأولى لا يملك التونسيون فكرة عمن سيكون الرئيس، وعام 2014، كان هناك بطلان: الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والسبسي، لكن اليوم كل شيء وارد".
الموت المفاجئ للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 25 يوليو الماضي عن سن 92 عاما قبل وقت قصير من انتهاء عهدته، أدى إلى إعلان انتخابات رئاسية مبكرة كان يفترض أن تجري في 17 نوفمبر بعد الانتخابات النيابية المحددة في أكتوبر، فيما تمكنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبعد حملات متواصلة استغرقت أشهرا، الوصول إلى تسجيل أكثر من سبعة ملايين ناخب مدعوين إلى الاقتراع يوم 15 سبتمبر، وذلك بعد نسبة عزوف انتخابي لافتة في الانتخابات البلدية عام 2018.
وفى الخارج انطلقت الحملة الدعائية للأحزاب في دول أوروبية على غرار فرنسا وإيطاليا، بالنسبة إلى بعض المرشحين من الـ26 الذين يخوضون السباق نحو قصر قرطاج، ولا يزال قطب الإعلام نبيل القروي، أحد أبرز المرشحين للرئاسة، يثير الجدل إثر توقيفه يوم 23 أغسطس خلال عودته من منطقة باجة (غرب)، بتهمة "تبييض أموال" وجهها له القضاء منذ ثلاث سنوات، وقد اتهم حزبه "قلب تونس" رئيس الوزراء يوسف الشاهد بالسعي إلى قطع الطريق عليه لأنه يشكل منافسا جديا له. ونفى الشاهد الاتهامات.
وهناك صعوبة بالغة فى تقييم الثقل الانتخابي للأحزاب، حيث يرى مراقبون وكذلك منافسون للقروي في الانتخابات أنه تم توجيه القضاء وتسييسه خصوصا أن حكومة الشاهد كانت قدمت مشروع تنقيح للقانون الانتخابي يحول دون إمكانية ترشح القروي، وصادق عليه البرلمان، لكن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي لم يوقعه، فيما يرى البعض أن توقيف القروي ساهم في زيادة شعبيته مع الإشارة إلى أنه ينشط كثيرا في الحملات الخيرية وجمع التبرعات لفائدة المحتاجين من المجتمع التونسي.
ويعتبر الشاهد والقروي وأربعة مرشحين آخرين من المقربين لحزب "نداء تونس" الذي أسسه السبسي عام 2012، لكن الحزب يعاني اليوم من انقسامات أضعفت من تأثيره في الساحة السياسية، أما مرشح حزب "النهضة" ذو الجذور الإسلامية للمرة الأولى في تاريخه شخصية من صفوفه هو رئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو، المحامي السبعيني بلباسه التقليدي الذي يدافع عن انفتاح الحزب والذي يلقى احتراما واسعا بين التونسيين.
وقررت الهيئة المستقلة للانتخابات منع نشر استطلاعات للرأي عن الأحزاب، الأمر الذي ما يزيد من صعوبة تقييم شعبيتها وثقلها الانتخابي، فيما يرى المحلل السياسي حمزة المدب أن مورو قد يصل إلى "الدور الثاني... لكن لا يعرف من سيكون منافسه بالنظر إلى الانقسامات في المشهد العلماني، قد يكون الشاهد أو القروي أو عبد الكريم الزبيدي"، وزير الدفاع المستقيل، فيما أصبح لأستاذ القانون الدستوري الذي يخوض غمار السياسة حديثا قيس سعيد مكانة متقدمة في عمليات استطلاع الرأي، لكن وفي غياب دعم حزبي، تصعب أمامه الطريق،
ويشارك في الانتخابات الرئاسية فى تونس وزراء سابقون مثل مهدي جمعة وحمادي الجبالي الذي انفصل عن حزب النهضة، بالإضافة إلى عبير موسي التي ترفع لواء مناهضة الإسلاميين والدفاع عن نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وجاءت الانتخابات مفاجئة، بعد أن استقرت نوعا ما أعقاب ما شهدته تونس في 2011 من صراع بين من يناصرون الثورة ومناهضين لها، وفي العام 2014 تحولت وجهة الخطاب السياسي بين الإسلاميين والعلمانيين، ومن المنتظر أن يكون محور الانتخابات الرئاسية 2019 بين "من ضد ومن يدعم النظام"، وفقا لمنظمة "جسور".