إخوان تونس يطمعون في كعكة «الرئاسة والبرلمان»
الثلاثاء، 06 أغسطس 2019 05:00 ممحمود علي
الغنوشي يستغل وفاة السبسي للقفز على السلطة التشريعية والتنفيذية
الأحزاب التونسية تتحد لرحمة بلاد بورقيبة من السقوط في فخ الإخوان
الأحزاب التونسية تتحد لرحمة بلاد بورقيبة من السقوط في فخ الإخوان
يدور الحديث في تونس مؤخرًا، عن المستقبل القريب للقصر الرئاسي، بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، متأثرًا بمرضه الشديد، فبعد أن أدى محمد الناصر رئيس البرلمان اليمين الدستوري كرئيس مؤقت يتولى الحكم لفترة أقصاها 90 يومًا لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يُطرح في دواليب السياسة تساؤلات حول ما سيؤول إليه الوضع بعد انتهاء المدة المؤقتة، وهل ستنقض جماعات الإسلام السياسي على المشهد مجددًا؟، كما فعلت بعد الثورة التي أنهت فترة الاستبداد في تونس.
ما شهدته تونس من تطورات على الساحة السياسية، قبل أيام من وفاة رئيسها قائد السبسي، يشير إلى وجود تحركات مشبوهة لحركة النهضة (إخوان تونس) من أجل الانقضاض على السلطة، وإن كان بالتدريج عبر البرلمان ثم الرئاسة، فالنتيجة واحدة ستقود بلاد بورقيبة إلى المجهول، حيث أعلنت الحركة الإخوانية قبل أيام قليلة ترشح رئيسها راشد الغنوشي الانتخابات التشريعية المقبلة، والتي من المقرر أجراؤها في اكتوبر المقبل، عن دائرة تونس 1، هذا يعني أن إخوان تونس يريدون من جديد أن يصعدوا إلى إحدى الرئاسات الثلاثة من أجل الركوب على المشهد السياسي، ومن ثم الوصول إلى الهدف الرئيسي قصر قرطاج.
ورغم الخلافات التي دبت داخل حزب النهضة بعد إعلان الغنوشي ترشحه للانتخابات التشريعية، للسيطرة على السلطة التشريعية في البلاد على خلفية إقصاء الكثير من قيادات الحركة المتطرفة، جاء خبر وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ليمثل تحولًا خطيرًا في المشهد السياسي، تحاول خلاله الحركة أن تستفيد منه أكثر استفادة، فثمة معلومات تداولت في الساعات القليلة الماضية عن محاولات نهضوية لترميم بيت إخوان تونس من الداخل، قبل انتهاء الفترة المقررة لاستلام أسماء المرشحيين للانتخابات الرئاسية والتي تم تقديم موعد إجراءها شهرين، لتكون في 15 سبتمبر المقبل بدلًا من نوفمبر من العام الحالي.
إعلان الغنوشي ترشحه للبرلمان التونسي، لا يمنعه من التفكير في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، فسريعًا يريد رأس الإخوان في تونس أن يصعد على كرسى الرئاسة من دون تدرج، حتى وأن كان ذلك رغمًا عن إرداة الشعب التونسي، الذي لفظ حكم الإخوان قبل سنوات، عندما دعم السبسي رئيسًا للبلاد، ورفض استمرار المنصف المرزوفي الرئيس السابق صاحب الميول الإخوانية في منصبه حتى أسقطه في الانتخابات الرئاسية عام 2014، وليس مفاجئًا أن يخرج أحد أعضاء النهضة ورئيس شورتها، عبد الكريم الهاروني، بعد ساعات قليلة من وفاة الرئيس التونسي ليؤكد أن جميع الخيارات مطروحة بما فيها ترشيح الغنوشي رئيسًا للبلاد.
الغريب هنا أن الهاروني الذي كان لديه خلافات واسعة مع الرئيس التونسي قبل وفاته، وصلت إلى حد مطالبة السبسي باحترام الدستور، أظهر صراحة نوايا حركة النهضة الخبيثة سريعًا من دون أن يضع الخلافات الكارثية بالحركة في الاعتبار وكأنها مراوغة سياسية تبعد الأنظار عن الجماعة المتطرفة للانقضاض على السلطة، فحدد رئيس شورى النهضة خطوات رئيس الحركة المستقبلية، بقوله إن الغنوشي لا يمكن أن يدخل البرلمان كنائبًا فقط أما رئيسه أو مسؤول آخر في الدولة، وهو ما استكمله بتصريحات أكد خلالها دراسة النهضة الوضع الجديد وطبيعة الدور الذي سيلعبه رئيسها داخل الدولة، متابعًا: «لا يجب أن يبقى رئيس النهضة خارج الدولة، لأنها مرحلة تجاوزناها، وآن للنهضة أن تعزز حضورها داخل الدولة من خلال رئيسها»، وهذا يعني أن الحركة تتجاهل مطالب الكثير من القوى السياسية الرافضة لتبوءها مناصب عليا بالدولة مجددًا بعد أن ثبت فشلها في أكثر من مناسبة، على غرار ما حدث من فوضى سياسية خلال عهد حكومة الترويكا التي ترأستها الحركة بعد الثورة مباشرة، وما أعقب هذه الفترة من وصول رئيس ينتمي إلى الفكر الإخواني (المنصف المرزوقي) أدى إلى عدم الاستقرار السياسي بتونس؛ الأمر الذي انتهى بسقوطه سريعًا في أول انتخابات رئاسية.
حتى وأن تطلع الغنوشي لرئاسة البرلمان فقط في هذه الفترة، فقد تدفع حركة النهضة المتطرفة بالمنصف المرزوقي المثير للجدل إلى الواجهة الرئاسية مرة أخرى، ليتوسع طموحها بالتسلط على الرئاسة والبرلمان حتى وأن كان عبر التزوير، وهو ما يثير قلق واسع لدى التونسيين، ساسة ومواطنين، الذي أكدوا أن هذا التوجه الإخواني، قد يفتح جحيم الصراعات من جديد، على اعتبار أنه من المستحيل التوافق على حركة النهضة مرة أخرى.
ورغم حالة الجدل المثارة حول محاولة النهضة التونسية الانقضاض على المشهد السياسي بهذا الشكل، يبدو أن الحركة عازمة على استكمال مسارها نحو رئاسة البرلمان وقصر قرطاج، وهو ما فسره محللون سياسيون فى تونس على أنها محاولة للإفلات من العقاب بقضايا عديدة كان قد تورط فيها سابقا الكثير من الشخصيات القيادية بالحركة وأبرزهم راشد الغنوشي نفسه، وهو ما أشار له باحثون تونسىيون في وقت سابق أكدوا أن هناك قضايا عديدة متعلقة بملف التمويل الأجنبى فى الفترة من 2012 إلى 2014 ترتبط باسماء قيادات كبرى داخل الحركة الإرهابية وعلى رأسها الغنوشي؛ وهو ما دفعهم للترشح على رؤوس قوائم النهضة بالانتخابات التشريعية للبحث عن الحصانة البرلمانية.
مخاوف التونسيون تظل مشروعة، لاسيما وأنه في حالة انقضاض الإخوان على السلطة التشريعية والتنفيذية، سيطلق يدهم على جميع المهام، إلا في حالة واحدة وهى التوجه لمبادرة بتعديل الدستور، يقلل من خلالها صلاحيات الرئاسة والبرلمان، وتوسيع مهام الحكومة، وفي هذه الحالة يعني دخول البلاد في معترك آخر يتعلق بالاستفتاء على التعديلات الجديدة، فهل تنجرف بلاد الحبيب بورقيبة إلى الفوضى الإخوانية، أم ستتحد الكتل السياسية الكبرى ومنها نداء تونس وحزب الجمهورية وحزب حراك تونس لمواجهة هذا التوغل الإخواني القادم.