آخرها وفاته..
الشائعات.. سلاح أردوغان لمواجهة المعارضة والاضطرابات الداخلية
السبت، 27 يوليو 2019 06:00 م شيريهان المنيرى
حسن مشهور: رئيس تركيا ينتهج الأسلوب الإخوانى بادعاء المظلومية لكسب التعاطف
عبدالعزيز الخميس: أردوغان يتلاعب بالداخل التركى حينما تشتد عليه الأزمات فيخترع الأزمات
التلاعب بالرأى العام ومحاولة كسب تعاطفه بشتى الطرق ومن حين لآخر؛ مدرسة إعلامية شهيرة يتبعها فى الغالب من يواجه مشاكل داخلية على نطاق واسع ولديه شعور بأنه يفقد شعبيته فى بلاده.
جماعة الإخوان الإرهابية وداعموها، خاصة النظامين التركى والقطرى هم أكثر من يجيد استخدام هذه المدرسة الإعلامية الكلاسيكية التى ربما حققت نجاحات فى تحقيق أهدافها لسنوات طويلة، لكنها بدأت فى فقدان قوتها وفعاليتها مؤخرا خاصة مع استهلاكها من قبل تلك الأنظمة وآلتها الإعلامية بشكل فاق الحد، ما بدأ فى تحقيق نتائج عكسية بالنسبة للمُتلقي، ورأينا كيف استخدم نظام رجب طيب أردوغان الوسائل التكنولوجية الحديثة للتأثير فى الرأى العام على المستوى الداخلى فى أحداث الانقلاب المزعوم بتركيا فى 15 من يوليو عام 2016؛ حينما استخدم «أردوغان» تطبيق «الفيس تايم» للتواصل مع الإعلام والظهور مخاطبا شعبه؛ داعيا إياه للنزول إلى الشوارع لدعمه والتأكيد على تأييده، ونجح «أردوغان» حينذاك فى التلاعب بمشاعر المواطنين والحشد مرة أخرى لكسب تعاطفهم بطريقة اختلفت عن أحداث ما شهدته تركيا من انقلابات سابقة؛ حيث سلك النهج الإخوانى بادعاء المظلومية والذى كثيرا ما كان يؤتى بثماره.
ويبدو أنه ولما تعانيه تركيا حاليًا من أوضاع مُتردية بسبب سياسات «أردوغان» ونظامه وتراجع شعبيته إلى حد كبير وكما عكست نتائج الانتخابات البلدية التى أجريت فى مارس الماضي؛ فبدأ الرئيس التركى مرة أخرى فى محاولة استدرار تعاطف شعبه مرة أخرى، ربما هذه المرة من خلال إطلاق شائعة وفاته، التى قامت الرئاسة التركية بعد انتشارها بساعات قليلة بنفيها، ولعل انتشار هذه الشائعة والهاشتاجات التى أشارت إلى وفاته فى منطقتنا وباللغة العربية أكثر من غيرها من لغات يحمل مؤشرات إلى حد كبير بأنها لعبة جديدة من «أردوغان» ومسانديه فى المنطقة - قطر والعناصر الإخوانية - فى محاولة لاحتواء أزمته والحشد الشعبى للالتفاف حوله مرة أخرى.
المحلل السياسى والكاتب السعودي، حسن مشهور قال فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: «عبر الامتداد التاريخى لوجودها كانت جماعات الإسلام السياسى وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية تستند على جملة من الادعاءات الباطلة التى تأتى المظلومية فيها لتمثل أساسا رئيسيا تستمد منه هذه الجماعات وجوديتها وتضمن من خلالها التبعية المستدامة من قبل عناصرها، وهذه الانتهازية السياسية قد مارستها جماعة الإخوان المحظورة عبر امتداد وجودها التاريخى سواء بعد حادثة محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى عام ١٩٥٤، أو عقب ما عُرف بمؤامرة محاولة قلب نظام الحكم فى مصر عام ١٩٦٥، التى أُعدم بسببها سيد قطب».
وأضاف أن «هذه الحالة والمتمثلة فى ادعاء المظلومية سعيا لكسب التعاطف الشعبى والعالمى نجد بأنها تنسحب كذلك على أنظمة سياسية حاكمة بعينها ترتبط بهذه الجماعات الإرهابية بعلاقات قوية لتحقيق منفعة مشتركة على حساب الإضرار بالحكومات والشعوب العربية، ومن تلك الأنظمة، الحكومة القطرية والتركية».
وأوضح «مشهور» أن «قطر جربت ولا تزال؛ اللعب على مصطلح المظلومية ورفع هذا الشعار عبر ادعائها بأن ما تمارسه دول المقاطعة بحقها إنما هو حصار اقتصادى وليست مقاطعة، بالإضافة لادعاءات أخرى كمنع المملكة للحجاج القطريين من أداء فريضة الحج إلى غيرها من الأكاذيب والافتراءات القطرية، كما نلاحظ ذات الحالة المليئة بالأكاذيب وادعاء المظلومية فيما يتمثل فى النظام التركي؛ فأردوغان قد تمكن من التخلص من صقور المؤسسة العسكرية التركية عبر ما يعتقد العديد من المراقبين بأنها كانت تمثيلية الانقلاب، لنجده يرفع لاحقا شعار المظلومية عبر ادعاءاته بأن هناك دعما خليجيا وغربيا للأطراف الخارجية التى يتهمها بمحاولة الانقلاب على نظامه، وبأن دول المقاطعة العربية والحكومة الأمريكية تقف وراء إطلاق العديد من الشائعات التى تستهدف تقويض سلطته، وغيرها من الأكاذيب والادعاءات التى باتت تُعرَف عن حكومة أردوغان مؤخرًا».
وقال الكاتب الإماراتى على الحمادى فى تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «ليس بالجديد على أردوغان هذا السيناريو فقبل 3 سنوات بدأ عرض مسرحية الانقلاب فى تركيا، والتى لم تنته فصولها إلى الآن؛ فكما رأى الجميع فإن المنتج والمخرج والمروج كان قطر وأتباعها من جماعة الإخوان الإرهابية، والممثلون كانوا حفنة صغيرة من الجنود الأتراك أمرهم ضباطهم بامتطاء دبابة والتجول بها فى شوارع أنقرة ثم أوقفتها سيارة شرطة واعتقلت من فيها؛ أما بطل المسرحية فكان أردوغان الذى مثل دور المستهدف المظلوم الذى يتآمر العالم بأكلمه عليه، ثم أمده الله بقوة خارقة من السماء جعلته ينتصر عبر استخدامه تطبيق حديث «فيس تايم» ولم يخرج عبر وسائل إعلامه الرسمية رغم عدم احتلالها ولا المساس بها فخرج عبر cnn ليضيف المزيد من المظلومية على الدور الذى يلعبه، وبعدها أباح لنفسه إعلان حالة الطوارئ واعتقال مئات الآلاف من الأتراك من عسكريين ومثقفين وأطباء وأكاديميين وموظفين وأطفال، الذين يظن أنهم لا يتفقون مع أفكاره أو سياسته ولم تتوقف حملة الاعتقالات إلى اليوم».
من جانبه أكد الإعلامى السعودى البارز، عبدالعزيز الخميس أن «أردوغان» اعتاد التلاعب بمشاعر الناس عبر الشعارات؛ فهو يفهم تمامًا نفسية المؤدلجين والضعفاء ممن تؤثر عليهم مثل هذه الشعارات الإسلامية والمظلوميات، وقال فى تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «أردوغان يتلاعب بالداخل التركى حينما تشتد عليه الأزمات فيخترع أزمات خارجية مثل ما يحدث معه الآن حول أمريكا والأكراد، وهو دائمًا ما يخرق اتفاقاته وتعهداته ويلجأ إلى التصعيد من أجل تأجيج مشاعر المواقف الداخلية تجاهها وأن تركيا مُهددة وأن أمريكا أو الدول العربية ضده»، مضيفًا أن «من المستغرب انجرار الشارع التركى والعربى تجاه أردوغان أحيانًا على أنه نصير، ونُعول على الرأى العام بأن يكون على وعى كامل بحقيقة تصرفات النظام التركى ووجهها الحقيقي».