إيران في مرمي نيران القوات الأمريكية.. لماذا تتعجل طهران الصراع بالخليج العربي؟
الأحد، 21 يوليو 2019 06:00 ص
التصعيد فى الخليج مرشح بقوة الفترة المقبلة بعد أن نفذت إيران طهران تهديداتها فى العبث بأمن الملاحة البحرية وفرض سيطرة على المياه الإستراتيجية، واستخدامها ككارت ضغط على القوى الكبرى كلما اشتدت العقوبات بها.
فى مقابل الممارسات الإيرانية، فيبدو أن الولايات المتحدة عاقدة العزم على تنفيذ أكثر خططها تشددا لتقويض طهران لضمان أمن حلفاءها، كما يبدو أن طهران بدأت تخسر البلدان الأوروبية واحدة تلو الأخرى، فبريطانيا غيرت من لهجتها أمام اجراءات طهران التعسفية لناقلاتها النفطية، الأمر الذى ربما ينعكس على الإتفاق النووى رغم مساعى احياءه الفاشلة، لكن مرجح ألا يصل الأمر إلى المواجهة العسكرية.
وكانت واشنطن أعلنت اسقاط طائرة درون إيرانية اقتربت من حاملة طائرات عسكرية فى الخليج رواية نفتها طهران، بينما فتحت جبهة جديدة من الصراع مع بريطانيا، ولجأت للعب بكارت مضيق هرمز.
المضيق الإستراتيجى يعتبر أحد أهم الممرات المائية الأهم في العالم وأكثرها حركة للسفن ويمر منه ما يقرب من 40% من الإنتاج العالمي للنفط، كان الكارت الأخير الذى لجأ إليه المرشد الإيرانى، بعد توقيف بريطانيا ناقلة "جريس1" الإيرانية لإنتهاكها عقوبات على سوريا، عقد آية الله على خامنئى العزم على اشعال المنطقة والرد بالمثل، وقام الحرس الثورى باحتجاز سفينة يوم الخميس الماضى قالت بدعوى انها كانت تهرب وقود، تبعها احتجاز ناقلتين للنفط ميسدار وستينا إمبيرو، الأولى بريطانية الملكية وتحمل العلم الليبيري وأفرج عنها وواصلت رحلتها، والثانية تحمل العلم البريطاني بسبب خرق القوانين وأطفأت أجهزة التتبع وخرجت عن مسارها وتم اقتيادها إلى ميناء بندر عباس الإيرانى ولاتزال محتجزة.
الإجراءات الإيرانية رحب بها التيار المتشدد، مهللا واعتبرها تنفيذ المرشد لتهديداته أمام بريطانيا، على نحو ما كان خبر احتجاز السفينة البريطانية يتخذ من مانشيتات الصحف التابعة لهذا التيار مكانا له، صحيفة كيهان التابعة للمرشد الأعلى، كتبت "الحرس الثورى يوقف ناقلة بريطانية فى مضيق هرمز"، وحول اسقاط طائرة مسيرة ايرانية، كتبت "ترامب ينتقم فى أحلامه من إيران"، فى إشارة على نفى طهران اسقاط طائراتها.
منذ أكثر من شهرين يتخذ التوتر الأمريكى الإيرانى منحنى تصاعديا، على خلفية تشديد واشنطن عقوباتها عقب الانسحاب من الاتفاق النووى، ومساعيها لتضيق الخناق وتقويض طهران، قفى 20 يونيو 2019 اسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة فوق الخليج قالت أنها انتهكت مجالها الجوى، حدث كادت تشعل فتيل الحرب، وفى اللحظات الأخيرة اوقف الرئيس ترامب ضربة محققة على مواقع إيرانية، وفى خضم التصعيد النووى الإيرانى ومحاولات ابتزاز البلدان الأوروبية المشاركة فى الاتفاق النووى بتقليص الالتزامات منه، اثار احتجاز بريطانيا ناقلة جريس 1 غضب طهران التى رأت أن الخطوة تأتى انصياعا لاملاءات أمريكية.
وبات واضحا أن إعلان الولايات المتحدة اسقاط طائرة إيرانية مسيرة جاء ردا على إسقاط طائرة الدرون الأمريكية، ويترقب العالم من البنتاجون نشر صورًا دليل على اسقاطها، بعد أن أدلت طهران بدلوها ونشرت صورا تكذب الرواية الأمريكية، أما محاولات احتجاز طهران للسفن والناقلات الأوروبية ولاسيما البريطانية تأتى ايضا ضمن تشديد طهران الإجراءات أمام هذه السفن نظرا لظرف التوتر الراهن، ففى الظروف العادية ربما كانت تحدث هذا التوقيف دون الاعلان عنه، لكن مع التوتر الحادث تقوم طهران باستعراض عضلاتها فى المضيق أمام واشنطن وفرض سيطرة تامة على الملاحة البحرية لاستغلالها كأدة وقت الحاجة، والسبب الثانى هو الضغط على بريطانيا للافراج عن الناقلة جريس1.
من جانبها، أهابت الحكومة البريطانية بسفنها الامتناع عن الإبحار عبر مضيق هرمز، وأعربت متحدثة باسم الحكومة البريطانية عن بالغ قلق لندن إزاء "الخطوات الإيرانية غير المقبولة التي تشكل تحديا واضحا لحرية الملاحة الدولية"، داعية السفن البريطانية إلى الابتعاد عن المنطقة بشكل مؤقت. كما ذكر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت على حسابه في "تويتر" اليوم السبت، أن ما حدث أمس في الخليج يوجه "مؤشرات مقلقة إلى أن إيران قد تختار مسارا خطيرا للسلوك غير القانوني والمزعزع للاستقرار".
ودخات فرنسا وألمانيا على الخط، حيث أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أنّ "فرنسا قلقة بشدة لاحتجاز ناقلة بريطانية في إيران"، معتبرةً أنّ "هذه الخطوة تضر بجهود وقف التصعيد في المنطقة".كما عبّرت فرنسا "عن تضامنها الكامل مع بريطانيا وتدعو إيران إلى الإفراج عن الناقلة". من جهتها طالبت الخارجية الألمانية في بيان إيران "بالإفراج دون تأخير" عن الناقلة وطاقمها، محذرةً من "تصعيد جديد" في المنطقة.
وفى غضون ذلك، تسعى الولايات المتحدة لحماية مصالحها فى المنطقة والتوتر المتصاعد مع إيران بشأن سلامة خطوط الملاحة البحرية في الحليج، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أنه يجري الآن نشر قوات أمريكية في السعودية للدفاع عن المصالح الأمريكية في مواجهة "تهديدات ناشئة جدية".
كما عبرت السعودية عن موافقتها على استقبال قوات أمريكية على أراضيها، بهدف تعزيز العمل المشترك في "الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها"، وقال مصدر مسئول في وزارة الدفاع السعودية منتصف ليل الجمعة السبت لوكالة الأنباء "واس": "صدرت موافقة الملك سلمان بن عبدالعزيز على استقبال المملكة لقوات أمريكية لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها"، دون يحد عدد هذه القوات.وأشار إلى أن القرار جاء "انطلاقاً من التعاون المشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ورغبتهما في تعزيز كل ما من شأنه المحافظة على أمن المنطقة واستقرارها".
كما كشفت القيادة المركزية الأمريكية، أن الولايات المتحدة تحضر لعملية عسكرية تحت مسمى "غارديان"، لتأمين الطرق البحرية في منطقة الخليج والشرق الأوسط عامة، وقالت: "القيادة المركزية الأمريكية تعمل على تطوير العملية البحرية الدولية "غارديان" لتعزيز المراقبة والأمن في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط وضمان حرية الملاحة على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج". وتؤكد واشنطن أن الغرض من العملية "هو تعزيز الاستقرار في البحار، وضمان المرور الآمن وتقليل التوتر في المياه الدولية في جميع أنحاء الخليج ومضيق هرمز ومضيق باب المندب وخليج عمان". ووفقا للقيادة المركزية، ستنسق الولايات المتحدة تحركاتها في إطار هذه العملية مع حلفائها من أجل "ضمان حرية الملاحة في المنطقة وحماية الطرق البحرية الحيوية".