عزيزتي الورقة أحبك
الخميس، 18 يوليو 2019 07:12 م
أختنق عندما لا أمسك بكِ فأكتب.. عزيزتي الورقة أحبك.. أنتِ منفذ روحي عليها ورؤية قلبي في مرآة حقيقته..أنتِ حياة من لا يتنفس.. أنتِ الفيوضات الربانية علي إنسانة وجدت نفسها عندما ألقت بكل ما في وجدانها فوقك فاحتملتِ ما لم يطيقه البشر من حولي يوما، لذلك سأهديك تلك المقالة القصيرة لأنصفك حقكِ في زمان يبدو أنه سيعز فيه وجودك،كما كنتِ وستتحولين إلي ورقة إلكترونية.. وكم أعشق رائحتك كورقة جريدة، كتاب، قصة أو رواية أو غيرهم ممن سأذكرهم لاحقا لك يا حبيبتي.
أعشق رائحتك داخل المكتبات، وأكره أن أري فوقك كلمات باردة.. أنتِ حياة من ليس له حياة.. أنتِ عمر نكمله بخبرات الآخرين التي نقرأها فوقك.. أنتِ بوابة الزمن لإينشتين التي حلم بها ولم ينفذها.. أنتِ الخيال والرغبة والمتعة والضحكة والبكاء والحزن والشفقة والعويل والصراخ والألم.. أنتِ الحلم الذي حلمناه يوما بمصرنا وفي أعماق الأدراج كتمناه وهانحن ننتظر.
أنتِ الخطة و تلك "الشخابيط" التي بها نشعر بمتعة كلما أنهينا مهمة من مهامنا المزدحمة.. أنتِ البطاقة الشخصية والرخصة، بدونك نحن بلا هوية.. أنتِ بالتأكيد لستِ أبدا مجرد ورقة.. أنتِ حب رجل وإمرأة ذابا عشقا فوق رسائلهما ولولاكى لما أستطاعا أن يستمرا (بقسيمة زواجهما ).. وبأخري منك ينهيان جدر المودة والرحمة بينهما.
أنتِ التي يمتلئ منزلي عن آخره بكِ ولا أقوي -إلا بصعوبة- أن أصنع منك كرة محطمة يائسة ملقية بكِ داخل صندوق النفايات بلا رحمة، لأنكِ قد صرتِ (درافت قديم ) ليس له لازمة كما يدعون.. أنتِ التدفئة في قلب عجوز حزين وحيد يسطر داخلك أحلامه عن دفء الأسرة.. هنا كُتب عن ليلي وسما وهذا سماه وحيد ليكون ممثلا عنه داخل أروقة روايته الورقية.. وهنا في تلك الصفحة يشتعل الصراع لآخره.. وهناك ظل بعد أن أنهي الرواية بمفرده.. ومن جديد أضطر لمواجهة قسوة وحدته فأمسك بكِ من جديد متشبثاَ بأمله في سطور روايته الجديدة التي حتي الآن فارغة، لكن وجودك في داخل حضنه ينسيه آلامه ووجعه.
أنتِ هناك في أروقة الزمان منذ آلاف الأعوام فوقكِ كُتِب التاريخ، مهما إختلفت صناعتك منذ كنت حجرية وإلي أن أصبحت إلكترونية.. قانونك واضح وصريح وهنا يكمن منتهي عشقي لكِ.
سيبقي فقط من يسطرون فوقك صدقهم، لأنك حبيبتي لا تعلمين سوي الصدق، وترفضين الكذب وإن كان في المكتبات صاحب "البست سيللر" فأنتِ تعلمين أن هذه الكلمات سترحل كالزبد ويمكث فقط في الارض ما ينفع الناس بكِ.
أنتِ حكاية عمر أحدهم منذ أن حملتي شهادة ميلاده إلي حيث شهادة إنتهاء حياته الأرضية، حيث الإنتقال إلي المتعة الأبدية ومعاني الإتكاء والراحة اللامنتهية إلي الحبيب الذي هو أضحك وأبكي وأمات وأحيا، ورب كلمة أحيت أمه . عزيزتي قولي لي؟.. أليس بك تنتشر الأفكار (فلاير وبروشورغيرهما ) أليس بك تتكون صورة ( البازل) الذي ينمي ذكائنا.
أتعلمين قد تعبئين بداخلك الفرحة.. تلك التي لملمها عم أحمد معتقدا أنكِ كورقة جرائد قديمة قد تصبحين بديلا يساعده في أثناء رحلة ركوبه الاتوبيس راجعا لبيته، مُحضرا بضع حبات من المانجو قد سبق أن أفترشت أم نبيلة الأرض بهم لتبيعهم، تصادف مروره، والمانجو من فرط الحر تنكمش وكأنها تعاكس قانون التمدد.. مد عم أحمد يده ولفلفهم داخلك قائلا لأم نبيلة " شروة واحدة بقي يا أم نبيلة بنص التمن خلي العيال يدوقوا المانجة الصيفية ديه وخليكي تروحي"، قبلت أم نبيلة وقبلتِ أنتِ أن تكوني الوسيلة.
لن تكفيكِ تلك المقالة القصيرة وسأنهيها ولن أذكر هذا النوع منك الذي صار يطير مثل "السبرتو" كما يقولون، فعند ذكره تتوقف الأحاسيس وتفني المشاعر ويبقي هذا الجمود الذي أصاب مجتمعنا من (ورق البنكنوت ) وماديته.
فيا بركة الأحاسيس الدافئة طلي علي هذا النوع من الورق الجامد البنكنوتي، لعله يشعر بما يئن به مجتمعنا من فرط جريه في مكانه ليجد قوت يومه.. في سكوت .