بعد 3 سنوات على الانقلاب التركي المزعوم.. الجريمة لم تكن مكتملة الأركان
الثلاثاء، 16 يوليو 2019 02:00 ص
3 سنوات مضت على الانقلاب المزعوم في تركيا 2016، أو كما يسميها متخصصون الجريمة الأردوغانية، التي اتخذها مفتاحا لتعقب معارضيه، والقضاء على كل من يخالفه حتى في الرأى، وخلال تلك المدة انكشف كل شيء، وبات الأمر معلوما للجميع.
لم يعد يخفى بتركيا شيء، أو سر سياسي أو عسكري، وأمام ذلك بات أردوغان وانقلابه ورقتين مفضوحتين أمام العالم، تتساقط الوثائق واحدة تلو الأخرى لتكشف 3 سنوات من الكذب والتضليل. صحفية بلجيكية نشرت في الأيام الأخيرة تفاصيل تظهر وقوف الرئيس التركي رجب أردوغان وراء الانقلاب الفاشل، حصلت عليها من خلال صحفي اسمه أحمد دونميز، يعيش في المنفى بالسويد، عبارة عن سجل مفصل للأحداث، التي وقعت عشية 15 يوليو وحتى الخامسة والسابعة من صباح اليوم التالي.
وأكدت الوثيقة أن الانقلابيين في سلاح الجو التركي قصفوا البرلمان وحديقة القصر الرئاسي، على سبيل المثال. حينها، قالت الصحيفة إن الانقلابيين قصفوا الموقعين بالفعل، لكن من الغريب أن المدعي العام الذي دون محاضر الأحداث، سردار كوسكون، أرخ سجله على أنه كتب في الساعة الواحدة صباحًا قبل 4 ساعات من حدوث الواقعة.
وبعد نحو ثلاث سنوات من الانقلاب المزعوم، عادت وثائق سرية للتأكيد على أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار هو قائد المجموعة الانقلابية التي أصدرت أوامر التعبئة، وأعلنت الحكم العسكري أثناء توليه رئاسة أركان الجيش، إبان تلك الأحداث. وأظهرت وثائق من 8 صفحات، حصل عليها موقع نورديك مونيتور السويدي من جهاز حاسوب في مقر هيئة الأركان العامة، الذي استخدم لكتابة بيان الانقلاب، مسودات يظهر عليها توقيع أكار نفسه نيابة عن "مجلس السلام في الوطن"، الاسم الذي أطلقه الانقلابيون على أنفسهم.
وتشير إحدى الوثائق إلى أكار بصفته رئيس المجلس، بينما حذف اسمه من مسودة أخرى، ولكن تم إدراج كلمة تم التوقيع، ما يعزز الرأي القائل بأن رئيس الأركان وقع بالفعل على الأمر.
ولم يتم تحديد هوية أعضاء مجلس السلام في الوطن، رغم حقيقة أن آلاف الضباط الذين لم يشاركوا على ما يبدو في الحشد الانقلابي قد تم التحقيق معهم، واتهامهم وإدانتهم بتهم انقلاب وإرهاب مشكوك فيها منذ عام 2016، عندما بدأت المحاولة على نحو غامض في ساعة الذروة مع تحركات غريبة، مثل سد الجسر بين الجانبين الأوروبي والآسيوي في إسطنبول.
ووفقا للموقع السويدي فلم يتم الكشف عن هوية المتواطئين السياسيين المطلوبين من كل جماعة انقلابية، للحفاظ على نظام ما بعد الانقلاب، ما يشير أيضا إلى صمت متعمد ومؤامرة تتضمن خطة مدبرة، صممت لخلق ذريعة للحكومة لممارسة اضطهاد جماعي ضد المعارضين.
وكما كان متوقعاً، أحدث ذلك ارتباكاً بين الجنرالات الذين تلقوا الأوامر الأولية من المقر الرئيسي، والتي أُرسلت عبر قناة اتصال آمنة تابعة للجيش التركي.
وتضمنت الرسالة المرسلة، حسب الموقع السويدي، موافقة ضابط برتبة عميد، وهو ما يعتبر أمراً غير عادي بالنظر إلى حقيقة أن الأوامر تضمنت عملية تغيير مناصب لقيادات عليا.
وقال نورديك مونيتور إن العديد من القادة الأتراك وجدوا أن الرسالة مثيرة للشك، وتساءلوا عن تسلسل القيادة في الجيش. وأكد الموقع أن قادة الجيش لم يشاركوا في الانقلاب أو التعبئة العسكرية.
ورغم وجود اسمه في الوثائق كمسؤول عن قيادة محاولة الانقلاب، لم توجه لأكار أي اتهامات ولم يتم استجوابه، واستُدعي أمام البرلمان التركي من قبل نواب حزب المعارضة، الذين كانوا يحققون في الانقلاب، ولكنه رفض المثول أمامهم.
وبعد تصاعد الانتقادات له بسبب عدم تعاونه مع لجنة التحقيق، أرسل أكار تفسيراً كتابياً ولم يحضر جلسة الاستجواب التي عقدها البرلمان.
وأمام صيحات أردوغان ورفاقه في المؤامرة، فوجئ الأتراك بأعداد ضخمة في المعتقلات، مارس الماضي؛ إذ تم توقيف 511 ألف شخص، اعتقل منهم 30 ألفا و821، في إطار العمليات التي استهدفت جماعة رجل الدين فتح الله غولن، وحزب العمال الكردستاني.
حينها، تحدث وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، عن أن عدد المفصولين من وزارته، منذ المحاولة الانقلابية المزعومة لاتهامهم بالانتماء لجماعة غولن بلغ 38 ألفا و578 شخصا، منهم 31 ألفا من مديريات الأمن، و4 آلاف و159 من قوات الدرك و348 من خفر السواحل. بل إن تقارير ألمانية كشفت أن 6 آلاف عالم وأكاديمي تركي دفعوا فقدان وظائفهم ثمناً لمعارضتهم نظام رجب طيب أردوغان، فيما هرب مئات آخرون إلى أوروبا.
وحتى ٣ يوليو الماضي، تعرض 550 عالما للفصل من عملهم، وحوكم 706 آخرون بينهم 191 صدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة.