«الفقر مش عيب».. شروط النفقة على الأقارب والأولى بالنفقة الواجبة والمستبعدين منها
الخميس، 09 مايو 2019 09:00 م
اتفق الفقهاء المسلمون فى السابق على أن القرابة هي مبدأ وجوب النفقة على القريب الموسر، ولكنهم اختلفوا في تحديد القرابة الموجبة للإنفاق فيرى الشافعية أنها قرابة الولادة مطلقاً «أي تجب للأصول وإن علوا وللفروع وإن نزلوا» أما المالكية فيرون أنها تجب بالولادة المباشرة ولو مع اختلاف الدين «وتشمل الأبوين والأولاد الصلبين دون الأحفاد».
بينما الحنفية قالوا بوجوب النفقة على كل ذي رحم محرم فقير تحل له الصدقة من أقاربه، أما الحنابلة والجعفرية فيقولون بالقرابة الموجبة لاستحقاق الإرث مطلقاً، أي تجب النفقة على جميع الأقارب الذي يرثون قريبهم المحتاج شريطة اتحاد الدين، وهو الرأي الذي أخذ به قانون الأحوال الشخصية في المادة «62» بقوله : «تجب نفقة كل فقير عاجز عن الكسب على من يرثه من أقاربه الموسرين بقدر إرثه منه».
وفى هذا الشأن، ورد إلى «صوت الأمة» سؤالاَ حول نفقة الأقارب لأرملة الأب لا تجوز، فلماذا الإسلام اعطاها نصيب في الميراث، وحتي تحصل علي نصيبها في الميراث «بعد القيامة بيوم في القضاء»..رفض دعوي نفقة الأقارب لماذا؟
فى التقرير التالى «صوت الأمة» تُجيب على السؤال السابق والتعريف بنفقة الأقارب وأقارب النسب وأقارب الحواشى، ومن يجب أن يُنفق عليه وترتيب المنفقين، وما هى الشروط الواجبة للإنفاق على القريب؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى سامى البوادى.
تعريف ذوى الأرحام
يعرف الفقهاء ذوي الأرحام في باب النفقات بأنهم كل من عدا الفروع والأصول من الأقارب، ولترتيب نفقة ذي الرحم المحرم على قريبه فقالوا تجب النفقة لكل ذي رحم محرم فقير تحل له الصدقة من يرثه من أقاربه ولو كان صغيراً بقدر إرثه منه ويجبر القريب عليها أبى وهو موسر، فإذا لم يكن للفقير أب أو أم ولا ولد يمكن أن تقام عليه الدعوى فإن نفقة الفقير تجب على من يرثه من أقاربه الموسرين بقدر إرثه منه – وفقا لـ«البوادى».
من تجب عليه نفقة القريب ومن لا تجب
من المعلوم أن نفقة القريب الفقير لا تجب على قريبه إلا إذا كان رحمًا محرمًا منه، وكان من تجب عليه النفقة موسرًا، فإذا وجد لشخص فقير مستحق للنفقة عدة أشخاص من أقاربه، وكان بعضهم رحمًا محرمًا، والبعض رحمًا غير محرم، فلا تجب نفقة ذلك الفقير على قريبه غير المحرم ولو لم يوجد غيره، كما لو كان للشخص المستحق للنفقة خال شقيق أو لأب أو لأم، وابن عم شقيق أو لأب وجبت نفقة ذلك الشخص على خاله لا على ابن عمه، وإن كان للشخص المستحق للنفقة أقارب محارم جميعًا وبعضهم هو المستحق للتركة ويحجب البعض الآخر وجبت النفقة على المستحق للتركة وحده.
كما إذا كان للشخص المستحق للنفقة خال شقيق أو لأب أو لأم، وعم شقيق أو لأب وجبت النفقة على العم لا الخال لاستوائهما في المحرمية، وكون العم يحجب الخال عن الإرث، فتجب النفقة على العم وحده لذلك، وإن كانوا جميعًا يستحقون التركة على فرض وجودها وجبت النفقة على الجميع بقدر استحقاقهم في الإرث، كما لو كان للشخص المستحق للنفقة خال شقيق وخالة شقيقة مثلا وجبت النفقة عليهما أثلاثا؛ فالخال يلزمه الثلثان، والخالة الثلث؛ لأن إرثهما على هذه النسبة – هكذا يقول «البوادى».
نفقة أرملة الأب
ومن ذلك كله يعلم أن نفقة أرملة الأب المذكورة حيث كانت فقيرة تجب على أقاربها المحارم الوارثين لها والوارثة لهم وليس ابن زوجها من زوجة أخري ممن يجب عليه نفقتها فليس هو برحم محرم لها ولا يستحق في تركتها ولا تستحق في تركته بل تجب نفقتها علي من كان رحمًا محرمًا لها، ويستحقون في التركة على فرض وجودها، وتكون النفقة على قدر ميراثهم.
وأما أولاد الزوج ذكورًا كانوا أو إناثًا، فلا تجب النفقة على واحد منهم ولو كان موسرًا ولم يوجد غيره؛ لأن الكل وإن كانوا أقارب لكنهم ليسوا بمحارم رحم للأرملة المذكورة، لأنه لا تجب نفقة القريب على قريبه إلا إذا كان رحمًا محرمًا منه وكان من تجب عليه نفقته موسرًا.
-وإذا كان لمستحق النفقة أقارب محارم وغير محارم وجبت النفقة على المحارم فقط.
-وإذا كان للفقير أقارب كلهم محارم تجب النفقة على من يستحق في تركته إن كانت حسب الميراث.
وتخضع نفقة الأقارب لأحكام المادة 3 من قانون 1 لسنة 2000 طبقا لقوانين الأحوال الشخصية بالقدر الذى يكفى الحاجة الضرورية لمعيشة طالب النفقة، ومن شروطها أن يكون طالب النفقة معسرا حتى ولو كان قادرا على الكسب وأن يكون المطالب بالنفقة موسرا وتشمل المأكل والملبس والمسكن وكذلك بدل الفرش والغطاء – طبقا لـ«البوادى».
• فيمَن يجب أن يُنفق عليه
هو على التفصيل الآتي
الإنفاق على الأبوين وآبائهما وأمّهاتهما وإن علوا، كما يجب على الأولاد وأولادهم وإن نزلوا، بلا فرق في الوجوب بين الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والعادل والفاسق، بل يجب هذا الإنفاق حتّى على هذا القريب ولو كان كافراً، ولا يجب الإنفاق على غير هؤلاء إلّا أنّه مستحبّ.
أما ترتيب المنفقين
1- يجب على الأب القادر «بالشروط الآتية» أن ينفق على ولده الفقير، سواء أكان الولد ذكراً أم أنثى، ومع فقد الأب أو فقره فيجب على جدّ الولد لأبيه «أب الأب»، ومع فقده أو إعساره فعلى جدّ الأب، وهكذا صعوداً، مع مراعاة الأقرب فالأقرب، فمع وجود القريب لا يجب الإنفاق على البعيد.
2- مع فَقد الأب وإن علا أو مع إعسار الموجود فيجب على الأم القادرة أن تنفق على ولدها المعسر، ومع فقدها أو مع إعسارها فيكون الوجوب على أبيها وأمّها وإن علوا ويشترك مع آباء وأمهات الأم في الوجوب كلّ من يتقرّب إلى الأب من جهة الأم، الأقرب فالأقرب، فمع وجود الأقرب يجب الإنفاق عليهم مع يُسر حالهم، ولا يجب على الأبعد، ولو وجد أكثر من واحد من الدرجة نفسها «كأب الأم وأم الأم» فيجب الإنفاق عليهم، ويشتركون فيه بالتساوي حتّى مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، فلا يُقدَّم أب الأمّ على أمّ الأمّ - مثلاً - بل يشتركان بالتساوي.
3- إذا كان الأب والأم معسرَين «قليلي الرزق» ومحتاجَين فيجب على الولد مع اليسار «الاستطاعة» أن ينفق عليهما، بلا فرق بين كون الولد ذكراً أو أنثى، فلو كانت البنت موسرة «مقتدرة ماديّاً» يجب عليها الإنفاق على أبويها إذا كان المال مالها، وأما إذا كان المال لزوجها فلا يجب عليها ذلك، ولو كان الأولاد الموسرون متعدّدين ذكوراً وإناثاً فيجب عليهم الإنفاق بالتساوي بحسب عددهم.
4- إذا فُقد الولد أو كان معسراً فيجب إنفاق ولد الولد على الجد المحتاج، أعني: ابن الابن أو ابن البنت، وبنت الابن وبنت البنت، وهكذا، مع مراعاة الأقرب فالأقرب، ومع التعدّد والتساوي في الدرجة يشتركون بالتساوي.
وشروط وجوب الإنفاق
إنّ وجوب الإنفاق على القريب مشروط بثلاثة شروط:
1- الشرط الأول: الفقر، فيشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره واحتياجه، بمعنى عدم وجدانه لما يقوت به فعلاً، فلا يجب الإنفاق على من يجد نفقته فعلاً.
2- الشرط الثاني: العجز عن التكسّب، فمن لم يجد النفقة فعلاً، ولكنّه قادر على تحصيلها فصورتان:
- الأولى: إن كان قادراً على تحصيل النفقة بغير الاكتساب «كالاقتراض والاستعطاء والسؤال» لم يمنع ذلك من وجوب الإنفاق عليه.
- الثانية: إن كان ذلك بالاكتساب فأربع صور:
أ- لو كان قادراً على التكسّب بما يشقّ عليه تحمّله «كحمل الأثقال»، أو لا يناسب شأنه، فَترَكَ التكسّب لأجل ذلك، فيجب الإنفاق عليه.
ب- إذا كان قادراً على التكسّب بما يناسب حاله وشأنه، ولكنّه تركه طلباً للراحة فلا يجب الإنفاق عليه، نعم، لو فات زمان الاكتساب بحيث صار فعلاً محتاجاً إلى يوم أو أيام، فيجب الإنفاق عليه لهذه المدّة فقط.
ج- لو ترك التكسّب بما يناسب حاله لا لطلب الراحة، بل لاشتغاله بأمر دنيويّ أو دينيّ مهمّ «كطلب العلم الواجب» لم يسقط وجوب الإنفاق عليه.
د- إذا كان قادراً على الاكتساب من خلال اقتداره على تعلّم صنعة بها إمرار معاشه، وقد ترك التعلّم وبقي بلا نفقة، فيجب الإنفاق عليه.
3- الشرط الثالث: غنى المنفِق. يشترط في وجوب النفقة على القريب قدرة المنفق على الإنفاق بعد نفقة نفسه ونفقة زوجته لو كانت له زوجة دائمة، فلو حصل عنده قدر كفاية نفسه خاصة اقتصر على نفسه، ولو فضل منه شيء وكانت له زوجة دائمة فالزيادة لزوجته، ولو فضل شيء فللأبوين والأولاد.
المراد بنفقة نفسه المقدّمة على نفقة زوجته مقدار قوت نهاره وليلته وكسوته اللائقة بحاله، وكلّ ما اضطرّ إليه من الآلات للطعام والشراب والفراش والغطاء وغيرها، فإن زاد على ذلك شيء صرفه على زوجته، وإن زاد شيء فعلى قرابته.
-فقدان النفقة
لو لم يكن عند المكلّف ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسّل إلى تحصيله بالاكتساب اللائق بحاله، فلو لم يكن يجب تحصيله بأيّ وسيلة مشروعة حتّى الاستعطاء والسؤال. ولو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فيجب عليه تحصيله بالاكتساب اللائق بحاله وشأنه، ولا يجب عليه التوسّل إلى تحصيله بمثل الاستيهاب والسؤال.
نعم، يجب الاقتراض إذا توفّر شرطان:
- الأول: أن يمكن ذلك بدون مشقّة.
- الثاني: أن يكون له محلّ للإيفاء في ما بعد.
-كيفيّة الإنفاق
1- النفقة الواجبة على الأقارب هي قدر الكفاية من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وسائر الحاجات العرفيّة، بالمقدار اللائق بحالهم وشأنهم عرفاً مع ملاحظة الزمان والمكان، والدراسة ليست منها.
2- إذا اختار الأولاد العيش والسكن في مكان آخر غير البلد الذي يسكنه الأب فلا يجب على الأب أزيد من تهيئة النفقة عليهم في بلده الذي يسكن فيه، وأمّا المقدار الأزيد من ذلك فلا يجب عليه تهيئته، ولا يحقّ للأولاد المطالبة به أيضاً.
• ترتيب من ينفق عليه
1- إذا كان يملك المنفِق مالاً زائداً على نفقته ونفقة زوجته بما يكفي لجميع أقاربه المحتاجين وجب عليه نفقة الجميع، وإذا لم يكفِ المال الزائد إلّا للإنفاق على بعضهم فينفق على الأقرب فالأقرب منهم، وإذا كان قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة، ولا يكفي ما عنده الجميع فيقسم بينهم اذا امكن الاقتسام والانتفاع او يكتفي بالاسبق في طلب النفقة ولو بساعة طالما لا يمكن التقسيم.
2- إذا وجد ولدان معسران، ولم يقدر الأب إلّا على نفقة أحدهما، وكان للأب أب موسر فتجب نفقة الولدين على الأب وأبيه.
-تزويج الأولاد
لا يجب على الأبوين تزويج الأولاد، كما لا يجب عليهما دفع المهر لو زوّجاهم.
-نفقة مدّة الحضانة
نفقة الولد في مدّة الحضانة على الوالد حتى ولو كانت الحضانة للأم.
-عيش الأولاد مع الأم
1- إذا عاش الأولاد مع أمّهم الناشزة فهذا لا يوجب سقوط النفقة عنهم، حتى وإن كانت نفقة أمهم ساقطة لنشوزها.
2- إذا اختار الأولاد السكن مع أمهم بعد انفصالها عن الأب، وكانوا معسرين، وطلبوا النفقة من أبيهم، فإذا طلب منهم أن يعيشوا في بيته ويحصلوا على المأكل والملبس، وكان بيته يسع لسكناهم، وترتفع حاجتهم إلى الأكل بالأكل في بيت الأب، وكان الأب متهيّئاً لذلك، فلا يجب عليه دفع ثمن نفقاتهم ولا أجرة مسكنهم، بل يختارون إمّا الرجوع إلى بيت أبيهم مع تأمينه للنفقة لهم، وإمّا أن يبقوا خارج مسكن أبيهم فيتحمّلون نفقة أنفسهم، ولا مسؤولية على الأب في ذلك.
-عدم إنفاق الأب
1- إذا امتنع من وجبت النفقة عليه عن الإنفاق على الأقارب مع يساره فيأثم، ويجب عليه أن يتوب، ولكن لا تستقرّ النفقة في ذمّته، ولا يجب عليه القضاء، بخلاف الزوجة فإنّه يجب على زوجها القضاء وتستقرّ النفقة في ذمّته.
2- إذا امتنع من وجبت النفقة عليه لفقره وإعساره، فلا إثم عليه، ولا تستقرّ النفقة في ذمّته، فالنفقة في الأقارب لا تجب مع الإعسار، بخلاف النفقة على الزوجة.
3- إذا امتنع من وجبت النفقة عليه عن الإنفاق مع يساره فلا يجوز لمن يستحق النفقة أخذ المال منه مقاصّة «بمعنى أخذه بدون إذنه بمقدار النفقة الواجبة»، بل يمكن رفع الأمر للحاكم الشرعي، فإذا أمره الحاكم بالإنفاق ولم يمتثل، فيجبره الحاكم عل الإنفاق وإن لم يتمكّن من إجباره على الإنفاق ففي المسألة صورتان:
- الأولى: أن يجيز الحاكم لمن يستحق النفقة أخذ المال ممّن وجبت النفقة عليه بدون إذنه، فيجوز -مع الإمكان- أن يأخذ المال منه حينئذٍ، المهمّ أن يكون بإذن الحاكم الشرعي. «وللزوجة في هذه الصورة تفصيل آخر».
- الثانية: إذا لم يمكن الأخذ من ماله يأمر القاضي المعسرَ بالاستدانة باسم من تجب النفقة عليه، فتشتغل ذمّته بالمال، ويجب عليه أن يسدّد القرض ولو لم تكن الاستدانة باختياره، مع وجوب التوبة عليه.