علشان «ما تلبسكش في الحيط».. هل رضا الزوجة بتفتيش منزل زوجها يعتد به؟
الجمعة، 26 أبريل 2019 09:00 م
يستقر الفقه والقضاء على أن الرضا بدخول المنزل وتفتيشه يجب صدوره من حائزه غير أن محكمة النقض تكتفي برضا الزوجة بالتفتيش حال غياب الزوج، أما أن كان متواجد في المنزل فلا يعتد برضا الزوجة.
وفي ذلك تقول محكمة النقض أنه لا صفه للزوجة بالإذن لرجل الضبط القضائي بدخول المنزل حال تواجد الزوج فيه ولهذا ألغت حكم لمحكمة الجنايات سوغ فيه دخول المنزل وصحه ضبط المخدر فيه بناء علي استغاثة الزوجة ورضاها، ورأت النقص أن هذآ الحكم اخطأ في القانون لأن رضا الزوجة بتفتيش المنزل لا يعتد به ولو كانت تقيم مع زوجها مادام قد حصل في وجود الزوج - فى الطعن رقم 19039 لسنة 73 جلسه 2 /7/2010.
وقالت في ذلك –بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير - أنه لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : «إنه على إثر استغاثة حدثت من إحدى الشقق السكنية بمدينة «.....» أجاب الاستغاثة الشرطي السرى «....» فاتجه لمصدرها فألفى الشقة مصدر الاستغاثة مفتوحة الباب فاتجه صوبها، فتقابل مع إحدى السيدات والتي تدعى «.....» زوجة المتهم بالعقد العرفي والمقيمة معه بذات المسكن، فاستحضرته على زوجها وسمحت له بدخول الشقة بقصد رفع التعدي عليها، وأخبرته أن خلافاً زوجياً بينها وبين زوجها لرغبتها في مغادرة المدينة إلا أنه رفض فقام بالتعدي عليها، وأضافت أن المتهم يتعاطى المواد المخدرة وأشارت إلى برطمان زجاج بداخله سيجارة ملفوفة فقام بفتح البرطمان فتبين بداخله بذور نبات الحشيش المخدر ولفافة ورقية بداخلها قطعتان لجوهر الحشيش المخدر.
وأقر له المتهم – وفقا لـ«الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - بحيازة المخدر بقصد التعاطي، وإذ خاطب الشرطي السرى رئيس وحدة المباحث فقام بسؤال زوجته «....» التي رغبت في الإرشاد عن مواد مخدرة أخرى داخل سكن المتهم، فانتقل بصحبتها بعد أخذ إقرار برضاء التفتيش إلى حيث أرشدت على كيس من البلاستيك خلف ثلاجة المطبخ بفضه تبين احتوائه على لفافة بداخلها نبات الحشيش المخدر، وبمواجهة المتهم أقر له بحيازته للمخدر بقصد التعاطي أيضاً، وقد أثبت تقرير المعمل الكيماوي أن الجوهر المضبوط هو جوهر الحشيش المخدر وبداخل السيجارة أجزاء من نبات الحشيش المخدر وكمية من بذور نبات الحشيش وبداخل اللفافتين نبات الحشيش المخدر " ثم ساق الحكم دليل الإدانة المستمد من أقوال شهود الإثبات على ذات المعنى الذي اعتنقه لصورة الواقعة على السياق المتقدم ، ثم عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ورده بقوله : «وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن نيابة، فدفع مردود عليه بأن القانون قد خول رجال الشرطة حق دخول المنازل والمحال العامة ليس بقصد التفتيش وإنما لاعتبارات تتعلق بالأمن العام وضمان تطبيق اللوائح والقوانين المنظمة للمحال العامة ولقد حرص المشرع على النص على ذلك بالنسبة للمنازل بالمادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، والمقصود بالأحوال المبينة بالقانون حالات الدخول بقصد التفتيش لإجراء من إجراءات التحقيق إنما الحالات الأخرى وهي طلب المساعدة أو النجدة، أو حالة الحريق وحالات الضرورة عموماً، فدخول المنزل لا يعتبر إجراء من إجراءات التحقيق ولا يعد تفتيشاً بالمعنى القانوني – الكلام لـ«الأمير» .
يترتب على ذلك أنه لا يجوز لمأمور الضبط إذا ما دخل إلى المنزل في إحدى تلك الحالات أن يقوم بإجراء التفتيش، ومع ذلك إذا صادفه في الدخول جريمة متلبس بها، وكان ذلك عرضاً فله أن يضبطها يترتب عليها كل ما يترتب على حالة التلبس من آثار، كذلك إذا توافرت أثناء وجوده بالمنزل حالة من الحالات التي تبيح القبض والتفتيش الشخصي كان له أن يقوم بذلك استناداً إلى القانون وليس استناداً إلى حق التفتيش لدخول المنزل، إذ إن الدخول لا يخوله هذا الحق وحيث إنه لما كان ما سلف ، وكان دخول رجال السلطة العامة في هذه الواقعة إلى مسكن المتهم لطلب النجدة والاستغاثة من المجني عليها التي تشاركه في هذا المسكن في مرحلة الضبط الأولى رضاءً صحيحاً خالياً من الإكراه أو عيب من عيوب الرضا، وقد حصل قبل دخول المنزل للتفتيش في المرحلة الثانية للضبط – هكذا يقول «الأمير».
ومن ثم تكون الحماية التي أحاط بها الشارع تفتيش المنازل تسقط منها حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها رضاءً صريحاً حراً لا لبس فيه حاصلاً منهم قبل الدخول ، ومن نافلة القول بأن المقرر أن زوجة صاحب المسكن أو خليلته إذا صدر منها رضاء بالتفتيش زال البطلان ، لأنها تعتبر وكيلة عن صاحب السكن".
لما كان ذلك، وكان الدستور قد نص في المادة 44 منه على أن «للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون»، وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب، وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضوع سره وسكينته.
ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثني من ذلك حالة التلبس التي لا تجيز وفقاً لنص المادة 41 من الدستور سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد يؤكد ذلك أن مشروع لجنة الحريات التي شكلت بمجلس الشعب عند إعداد الدستور كان يضمن نص المادة 44 استثناء حالة التلبس في حكمها غير أن هذا الاستثناء قد أسقط في المشروع النهائي لهذه المادة وصدر الدستور متضمناً نص المادة 44 الحالي حرصاً منه على صيانة حرمة المساكن على ما سلف بيانه .
لما كان ذلك، وكان نص المادة 44 من الدستور واضح الدلالة على عدم استثناء حالة التلبس في الضمانين اللذين أوردهما أي صدور أمر قضائي وأن يكون مسبباً، فلا يسوغ القول باستثناء حالة التلبس في حكم هذين الضمانين قياساً على إخراجها من حكمهما في حال تفتيش الشخص أو القبض عليه، لأن الاستثناء لا يقاس عليه، كما أن القياس محظور لصراحة نص المادة 44 سالفة البيان ووضوح دلالته، ولا يغير من ذلك عبارة «وفقاً لأحكام القانون» التي وردت في نهاية تلك المادة بعد إيرادها الضمانين المشار إليهما، لأن هذه العبارة لا تعنى تفويض الشارع العادي في إطلاق حالة التلبس من قيدهما والقول بغير ذلك يفضي إلى إهدار ضمانين وضعهما الشارع الدستوري وتعليق أعمالها على إرادة الشارع القانوني.
وهو ما لا يفيده نص المادة 44 من الدستور وإنما تشير عبارة «وفقاً لأحكام القانون» إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الجرائم التي يجوز فيها صدور الأمر بتفتيش المساكن وبيان كيفية صدوره وتسبيبه إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتم بها هذا التفتيش - لما كان ذلك، فإن ما قضى به الدستور في المادة 44 منه من صون حرمة المسكن وإطلاق حظر دخوله أو تفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون يكون حكماً قابلاً للإعمال بذاته .
لما كان ذلك، وكان دخول شاهد الإثبات الأول لمسكن الطاعن جاء بناءً على طلب شاهدة الإثبات الثانية مساعدتها وفقاً لما تقضي به المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن ما أورده الحكم فيما تقدم لا يوفر حالة التلبس التي تبيح له تفتيش المسكن، ذلك لأن تلك الحالة تتطلب مشاهدة الجريمة وهي على هذا الوضع أو بالقليل وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوعها، فإنها تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أو متهماً يقر على نفسه ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها .
لما كان ذلك، فإن تفتيش الشرطي السرى «....» لمسكن الطاعن يكون باطلاً ويبطل كذلك كل ما ترتب عليه تطبيقاً لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل، ويكون ما أسفر عنه ذلك التفتيش وشهادة من أجراه قد وقعت باطلة لكونها مترتبة عليه ولا يصح التعويل على الدليل المستمد منها في الإدانة وكان الحكم قد عوَّل في قضائه بإدانة الطاعن من بين ما عول عليه على الدليل المستمد من ذلك التفتيش، مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون الذي يبطله ويوجب نقضه، ولا يمنع من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى .
إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، وفضلاً عما تقدم فإنه لا يجدي الحكم ما تساند إليه من ضبط «نبات الحشيش المخدر» بمعرفة الرائد «...» عند تفتيشه لمنزل الطاعن بإذن السيدة «...» على اعتبار أنها زوجة الطاعن كما أثبت الحكم المطعون فيه، ذلك أنه من المقرر أنه إذا تعلق الأمر بتفتيش منزل أو مكان وجب أن يصدر الرضاء به من حائز المنزل أو المكان أو ممن يعد حائزاً له وقت غيابه، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يكن غائباً عن المنزل فإن الإذن من زوجته يكون قد صدر ممن لا يملكه .
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة إذ عولت أيضاً في قضائها ضمن ما عولت عليه بإدانة الطاعن على ما أسفر عنه تفتيش منزله بمعرفة الرائد «....» استناداً إلى صحة التفتيش لحصوله برضاء زوجته المقيمة معه بذات المنزل تكون أخطأت في تطبيق القانون - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب أيضاً.