خسائره 11 مليار جنيه سنوياً.. الفاقد في الانتاج الزراعي يلتهم غذاء المصريين
الإثنين، 08 أبريل 2019 10:00 ص
يمثّل الفاقد في الإنتاج الزراعى، أزمة يتوجب على الجميع، بداية من المُزارع البسيط إلى الأجهزة المسئولة، وضع الحلول الجذرية لسدّها والتخلص منها كُليّاً، خاصة وأن هذا الفاقد أو الهدر، لايخصّ محصولاً أو زراعات بعينها، بل يصيب كافة الزراعات و المحاصيل، لا يُفرّق بين خضر ولا فاكهة ولا حبوب ولا ثمار، ويتسبب فى خسائر تُقدّر بمليارات الجنيهات سنوياً لملايين الأطنان، وفى نفس الوقت، الذى نفقد فيه هذا الإنتاج الكبير، تضيع فرص غذائية على الملايين من المواطنين، المستهلكين لهذه الحاصلات والسلع الزراعية.
زراعة القمح
دراسات وتقارير تقدير الفاقد
تقارير وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إضافة إلى الدراسات والبحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه، الخاصة بمعاهد وكُليّات وأقسام الاقتصاد الزراعى بالجامعات المصرية، أفاضت فى دراسة وتقدير الفاقد وأسبابه وكيفية الحد منه، فى كافة المحاصيل، من حبوب وفاكهة وخُضر، فى جميع مراحل الزراعة من البداية للنهاية، وقد رصدت إحدى دراسات معهد بحوث الاقتصاد الزراعى، التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى كميات الفاقد، تحت عنوان(الفاقد فى الخضر والقمح مابين الأمس واليوم)، وأشارت الدراسة، إلى أنه فى مجال الخضروات ،تعتبر الطماطم من محاصيل الخضر الهامة ،والتى بلغت مساحة زراعتها حوالى 537 ألف فدان لعام 2007، بنسبة تقدر بحوالى 45.58% من إجمالى المساحة المنزرعة بالخضار وقتها، والتى كانت تقدر بحوالى مليون و 178 ألف فدان ، يليها فى المركز الثانى محصول البطاطس بنسبة بلغت حوالى 21.8% ثم الفلفل ثالثاً بنسبة بلغت 8.06% ، وفيما يتعلق بحجم الفاقد تم تقديره فى محصول الطماطم بنسبة بلغت 67.37% من جملة الفاقد فى أنواع الخضر المختلفة ، والمقدرة بحوالى 2 مليون و 194 ألف طن لعام 2007، وبلغ الفاقد من محصول البطاطس فقط حوالى 290 ألف طن، بنسبة بلغت حوالى 13.22 %، وتقدر قيمة الفاقد فى محصولى الطماطم والبطاطس بالأسعار الزراعية، لنفس العام بحوالى 897 مليون جنيه، و 262 مليون جنيه على الترتيب، أى بنسبة 61.68% و 18.87% من القيمة الإجمالية للفاقد، فى أنواع الخضر، التى تقدر بحوالى 1466 مليون جنيه.
القمح على الأرض
الفاقد بين الأمس واليوم
وعلى الرغم من أن أرقام وإحصائيات عام 2007 لم تكن مبشرة، فإن أرقام سنة 2014 مازالت بعيدة عن المأمول فى وقف الفاقد، حيث حدد تقرير صادر عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى أيضا، حجم الفاقد من محاصيل الخضروات والفاكهة ،فيما يخص عمليات الحصاد والنقل والتسويق، خلال عام واحد فى بعض الخضروات، مثل الفاصوليا الخضراء، قد بلغ 17% والخيار 18% والطماطم 25% والفلفل 15% والبصل11% والبطاطس 8%، وفي الفاكهة وخاصة البرتقال 9% والتفاح 20% والعنب 9% والموز17% والمانجو 15%، وفى تعليقهم على هذه النسب ،أكد الخبراء، أن هناك نسبة كبيرة من الفاقد، تتراوح ما بين 30 إلى 40% تحدث نتيجة العديد من الممارسات الزراعية الخاطئة، علاوة على ضعف الإمكانيات المتوافرة لدى المزارع أو المنتج.
بهذه الطريقة يتزايد فاقد القمح
أرقام مُخيفة عن الفاقد
وإذا كانت هذه الدراسات والتقارير، تعود لسنوات مضت، فإن الحديث عن الهدر أو الفاقد الآن، ليس أسعد حظّاً، ففى أكتوبر عام 2018، أكد الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق، أن الفاقد الغذائى فى مصر، يعادل ما بين 20 إلى 50 % من إجمالى الإنتاج الزراعى، وحوالى 35 % من الإنتاج الزراعى يُفقد أثناء الحصاد والتداول، وأضاف وزير الزراعة الأسبق، خلال محاضرة بعنوان (مستقبل الزراعة المصرية، فى ضوء التغيرات المناخية والظروف الإقليمية)، بالمؤتمر الدولى الخامس عشر، لعلوم المحاصيل الزراعية بكُليّة الزراعة جامعة عين شمس، أننا نستورد حوالى 50 ٪ من غذائنا، وأكد أبو حديد، أن هناك زيادة كبيرة فى التعداد السكانى، حيث أن تعداد مصر اليوم، وصل لـ 97 مليون وفق الإحصائيات الأخيرة، وهو ما يشكل تحدى كبير على التنمية الزراعية، ولفت أبو حديد إلى أن التغييرات المناخية، لها تأثير كبير على الإنتاج الزراعى، فى ظل الظروف الجوية الجامحة، من حرارة فوق معدلاتها وبرودة تحت معدلاتها.
الجرار الزراعى يدهس القمح تحت عجلاته
فاقد القمح بالطن والدولار
وفى دراسة لمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى، عن الفاقد فى محصول القمح لعام 2010، حددت الدراسة الفاقد، وقتها بحوالى 9 آلاف و651 طن، تمثل حوالى 1,9% من إنتاج مصر لنفس العام، بقيمة إجمالية تقدر بحوالي 9 مليون و 156 ألف جنيه، كان يمكن إضافتها إلى إجمالي قيمة الدخل الزراعي، بالإضافة إلى أن توفير هذه الكمية من الفاقد، كانت سيحدث وفراً يقدر بحوالى 4 آلاف و 274 فدان، كما أدى الفقد إلى حدوث إهدار فى رأس المال، تمثّل في إجمالي المبالغ المنفقة على هذه المساحة المهدرة، ،والتي قدرت بحوالى 8.762 مليون جنيه، هذا إلى جانب حدوث خسارة في صافي العائد لهذه المساحة، يقدر بحوالى 2 مليون و127 ألف جنيه، كان يمكن إضافتها إلى دخول المزارعين، بالإضافة إلى أن كمية الفاقد من القمح، كان يمكن أن تغطي نسبة تقدر بحوالى 9 %من كمية الواردات القمحية، والبالغة حوالي 2.7 مليون طن عام 2010، بقيمة تمثل حوالى 7.16 %من قيمة واردات القمح والبالغة، حوالي 6.1 مليار دولار لعام 2010، بسعر الطن 217 دولارا، أي أنه كان يمكن توفير حوالى 261 مليون دولار، تقلل العجز في الميزان التجاري الزراعي وقتها.
الحوادث أحد أنواع الفاقد فى المحاصيل
11 مليار جنيه قيمة الفاقد سنوياً
من ناحيته،أدلى حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، برأيه فى قضية الفاقد، فجاء رأيه يحمل شجن الفرص الضائعة، عندما قال إن أكثر من 11 مليار جنيه، نفقدها سنوياً من المنتج الزراعي المصري، بسبب الطرق البدائية في الزراعة، سواء في بداية المحصول وطرق الزراعة، أو فى وقت الحصاد وما بعده من نقل المُنتج وطرق التخزين، وأضاف أبوصدام أن هذا يعتبر جريمة ضد الاقتصاد القومي الزراعي، لأن فاقد المحاصيل البستانية يصل أيضا إلى 20%، وتصل نسبة الفاقد في الطماطم 25% وفي الخيار 18% وفي البصل 10%، حتى وصلت النسبة العامة إلى حوالي 30% فاقد، وتابع نقيب عام الفلاحين، إنه يجب على وزارة الزراعة، استغلال الموارد المتاحة بكفاءه عالية، بحيث تقلل هذا الفاقد، سواء بمحاربة القوارض والحشرات، أو بالإرشاد بطرق الحفظ والتعبئة والالتزام بالتوصيات الفنية، في مواعيد الزراعة وكمية وأوقات التسميد والرش، وتوفير الآلات الزراعية الحديثة، بـالبنك الزراعي المصري، بأسعار مناسبة وعلى أقساط.
كميات من فاقد الطماطم سنوياً
السحابة السوداء
وأكد أبوصدام، أن تقليل نسبة الفاقد والتالف في الزراعات المصرية، سيزيد من دخل الفلاحين، ويوفر مليارات الجنيهات للاقتصاد القومي، وينعش التنمية الزراعية، لأنه سيؤدي لتحسين دخل المزارع بنسبة 30% والاستفادة من المخلفات الزراعية، سيمنع السحابة السوداء وتلوث البيئة، ويوفر فرص عمل للفلاحين ويزيد دخلهم، وأشار نقيب عام الفلاحين، إلى ضرورة توجه الفلاحين والمزارعين، للاستفادة من القيمة المضافة لمنتجاتهم، بتحسين صورتها، سواء بالتغليف أو التجفيف أو التعبئة، لتحسين شكل المُنتج وتشغيل شباب القرية.
أخيراً تظهر صوامع القمح الحديثة