بديل «أردوغان» ولد من رحم الانتخابات البلدية

«الأحد الأسود» على أردوغان.. صفعات الانتخابات التركية على وجه السلطان العثماني

الجمعة، 05 أبريل 2019 06:00 ص
«الأحد الأسود» على أردوغان.. صفعات الانتخابات التركية على وجه السلطان العثماني
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
محمود علي

«الأحد الأسود».. هكذا عاش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يومًا يعتبر الأسوء في حياته، بعدما صدمته أرقام نتائج الانتخابات البلدية في تركيا، بخسارة حزبه العدالة والتنمية المدن الكبرى في البلاد، وباتت أنقرة وإسطنبول وإزمير في يد المعارضة بعد عقدين من الزمان كانت السيطرة دائمًا فيهما للحزب الحاكم. 
  
وتمثل هزيمة حزب العدالة والتنمية في أكبر مدينتين بالبلاد، حيث اسطنبول العاصمة الاقتصادية التي يسكنها أكثر من 20 مليون نسمة، والعاصمة أنقرة، بالإضافة إلى الخسارة في إزمير ضربة موجعة للحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، لافته إلى حجم الإخفاقات التي وقع فيها الرئيس التركي وحزبه اقتصادية كانت أو سياسية، في حين عكست صعود المعارضة المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري كبديل سياسي يدعم فكرة الإطاحة بأردوغان من على رأس السلطة.
 
ولم تقف الحملة القمعية الشديدة التي تعرضت لها المعارضة التركية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، والتي بدأت بتسريح العاملين في المؤسسات الحكومية ووصلت إلى حد الاعتقالات والاغتيالات اليومية، حائلًا أمام قدرة المعارضة على تحقيق فوز بالانتخابات الأخيرة، بل بالعكس دفعت المواطنين أكثر إلى التعبير عن استيائها من سياسات الرئيس التركي، ورفضها للواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيش فيه الأتراك بعد خسارة عملتهم المحلية نحو 40% من قيمتها العام الماضي.
  
وقال المحلل السياسي التركي تورجوت أوغلو، إن أهم شئ حدث في الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا مؤخرًا، أنه أول مرة بعد 26 عام خرجت مدينتا إسطنبول وأنقرة من أيدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليفوز بها المعارضة، حيث عبر الشعب التركي الحدود النفسي ضد حزب العدالة والتنمية وزعيمه.
 
وأكد أن الأمر الثاني المهم هو أن الشعب التركي تقريبًا لم يدعم أي أحد من مرشحي المعارضة في إسطنبول من قبل، إلا في عهد تورغوت أوزال بتسعينات القرن الماضي، على خلاف ما حدث مؤخرًا بالانتخابات الراهنة التي جاءت بأكرم إمام أوغلو رئيسًا جديدًا للبلدية، وهو شخصية محترمة جدًا، واصفًا إياه بالزعيم الجديد، الذي قد يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أربع سنوات.
 
وأضاف أن ما ساعد المعارضة التركية في الفوز بلديتي اسطنبول وأنقرة، هو تصويت أنصار حزب الشعوب الديمقراطي (الأكراد) لحزب الشعب الجمهوري، وهذا معناه أن الأكراد مؤثرين جدًا في هذه الانتخابات ككتلة تصويتية، مشيرًا أن أهم ما خرج من حقائق في هذه الانتخابات، هو تزوير الأصوات بنسبة لا تقل عن 7%.
 
وجاءت نتائج الانتخابات التركية المحلية بفوز التحالف الحاكم الذي شكّله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، بنسبة 51.74% من أصوات الناخبين، مقابل 37.64% لـ«تحالف الأمة» الذي يضم حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، لكن يشكك أوغلو في هذه النتائج، مؤكدًا أن التزوير اللافت بنسبة 7%، يشير إلى حصول حزب العدالة والتنمية من 36% إلى 37% من الأصوات على أقصى تقدير.
 
وفيما يخص تأثير هذه النتائج على مستقبل تركيا، فأن أوغلو يؤكد أنها تمثل قلق كبير لأردوغان، خاصة وأن لها تأثير على أنصار حزب العدالة والتنمية نفسه، وأنصار حزب الشعب الجمهوري المعارض، مؤكدًا أنها تمثل خسارة كبيرة على مستوى حكم أردوغان في تركيا، فضلًا عن ذلك فأنها ستعمق الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ فترة على خلفية انخفاض قيمة العملة الليرة التركية إلى مستوى قياسي، مضيفًا أن الرئيس التركي يحاول الخروج من الأزمات المتتالية التي تشهدها البلاد والتي تعمقت بخسارة حزبه في البلديات الكبري.
 
لكن أردوغان ما زال يتحكم تمامًا في حزب العدالة والتنمية بحسب أوغلو، حيث يعتبر أقوى شخص في الحزب، وعلى الرغم من ذلك إلا أن أعضاء الحزب أغلبهم لا يؤيدونه، مؤكدًا أن  أكثر من 50% من أنصار الحزب لا يحبون أردوغان، بل يستفيدوا منه، والدليل أن 25 مليون نسمة تأخذ مساعدات من حكومة أردوغان لتأييد الحزب الحاكم.
 
وعن كيفية قياس فوز المعارضة التركية في البلديات الكبرى، بالانتخابات ككل وبالأخص في المدن التي فاز فيها حزب أردوغان، قال أوغلو إن ما نستخصله من المعركة الانتخابية هى خسارة للحزب الحاكم بمعنى الكلمة، حيث جاء فوز المعارضة في أنقرة وإسطنبول والمدن الكبرى في ظل عدم شفافية كاملة حيث أن 95% من الإعلام التركي تابع للحكومة، والتزوير واضح في الانتخابات، مع دعم الائتلاف الحاكم المكون من حزب القومية والاتحاد الكبير.
 
الخلاصة وفقًا لأوغلو أن تركيا تبدأ تاريخ جديد في شكلها السياسي، مؤكدًا أن حزب الشعب الجمهوري لا يزال ينتظر وقت لذلك، ولكن ما أظهرته الانتخابات أن الشعب التركي سيتعرف أكثر على رجلا جديدًا هو أكرم إمام أوغلو الفائز ببلدية إسطنبول، والذي ربما يكون رئيس تركيا بعد أربعة سنوات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق