«حقوق الإنسان» ورقة الغرب «الفاسدة» للضغط على الدول العربية
الأحد، 24 مارس 2019 09:00 صشيريهان المنيرى
الخارجية الأمريكية تستخدم تقاريرها لتوزيع الاتهامات وترديد مزاعم المنظمات المشبوهة والممولة من قطر
الكاتب الإماراتى على الحمادى: التقرير الأمريكى مسيس وملىء بالتضخيم والاتهامات الباطلة
تقارير لا تستند لأى بيانات أو معلومات ملموسة يتم إصدارها هنا وهناك من قبل جهات أجنبية لتبدأ وسائل إعلامية مأجورة فى الترويج لها على نطاق واسع، والإساءة إلى عدد من الأنظمة العربية فى مقدمتها دول الرباعى العربى (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)؛ ما يثير حول تلك التقارير التساؤلات والشبهات، خاصة فى ظل التناقض الذى تنتهجه تجاه بعض الأحداث والقضايا حول العالم.
نيوزيلندا شهدت الأسبوع الماضى حادثا إرهابيا مأساويا أغضب العالم أجمع بمختلف طوائفه ودياناته، لما أسفر عنه من سقوط عدد من الضحايا والمصابين دون أن نرى حتى الآن انتفاضة من قبل المنظمات والجهات المعنية بحقوق الإنسان تجاه ذلك الأمر، مثلما تنتفض فى كل مرة تقوم فيها أنظمة دول عربية بإنفاذ القانون تجاه مجرمين ومتهمين فى جرائم وقضايا إرهابية وعناصر طالما خانت أوطانها متسببة فى ضرب أمنها واستقرارها.
وأوضح الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى تصريحات صحفية على هامش القمة العربية الأوروبية التى عقدت فى شرم الشيخ فبراير الماضى، فى رده على أحد الأسئلة المتعلقة بحقوق الإنسان فى مصر، أنه قبل أن يتحدث الغرب فى هذا الشأن يجب عليهم أولا رؤيتنا بظروفنا وليس وفقًا لظروفهم، وقال: «لو طالبت الدول الأوروبية أن تراجع نفسها وتراجع عقوبة الإعدام لديها، يبقى إحنا مش فاهمين الوضع فى أوروبا، أنتم مش هتعلمونا إنسانيتنا، لدينا إنسانيتنا وأخلاقياتنا كما لديكم، وعليكم أن تحترموها كما نحترمها لديكم».
وزارة الخارجية المصرية ردت مؤخرا على ما ورد بالتقرير السنوى الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان فى العالم لعام 2018، مؤكدة على عدم اعتراف مصر بحجية مثل هذه التقارير، وأشار المتحدث الرسمى باسم الخارجية إلى أن هذا التقرير وغيره من التقارير المشابهة تعتمد على بيانات ومعلومات غير موثقة صادرة من منظمات وجهات غير حكومية تحركها مواقف سياسية مضادة تحاول الترويج لها من خلال بيانات وتقارير مُرسلة لا تعتمد على أى دلائل أو براهين، ولا تتسم بالموضوعية أو المصداقية.
وطالب المتحدث باسم الخارجية بتحرى الدقة قبل إصدار مثل هذه التقارير وأن يكون بها مساحة لتناول بياناتها من منظور شامل يتضمن أيضا ما يتم تحقيقه من خطوات جادة وملموسة فى مجال تعزيز الحريات وحقوق الإنسان فى مصر، لافتا إلى الخطوات التى قامت بها مصر لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل وتفعيل الضمانات الدستورية ذات الصلة، إلى جانب خطوات أخرى فى مجال الحريات الدينية وتعزيز مبدأ المواطنة وضمان توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين.
مزاعم وعدم حيادية هذا النوع من التقارير ومحاولات تسييس ملف حقوق الإنسان تعانى منها مصر وحلفاؤها بالمنطقة خاصة خلال الآونة الأخيرة؛ فنرى ما تتعرض له المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من اتهامات متواصلة فى هذا الشأن، إلى جانب مملكة البحرين التى طالما عانت من الأمر ذاته على مدار سنوات طويلة دون النظر إلى أى خطوات تتخذها دول المنطقة فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان والحفاظ على أمن شعوبها من الإرهاب الغادر وأساليبه المتطورة عبر تنفيذ القانون وأحكام القضاء العادل.
فى هذا الخصوص، قال الكاتب الإماراتى على الحمادى: «تقرير الخارجية الأمريكية الذى تحدث عن أكثر من 200 دولة، سلط الضوء على 4 دول عربية، وهى مصر والسعودية والإمارات والبحرين، منتقدا الإجراءات الأمنية والقانونية التى تتخذها هذه الدول للحفاظ على أمنها واستقرارها، كما رددت فى التقرير كلام وتقارير المنظمات المادية المشبوهة والتى تمول أغلبها من قبل النظام القطرى؛ فوصفت هذه الإجراءات بالانتهاكات الحقوقية، وأسمت الخونة والإرهابيين المقبوض عليهم فى الدول الأربع بأنهم مُعتقلو الرأى رغم الأدلة التى أدت إلى القبض عليهم ورغم الاعترافات أثناء محاكماتهم، ولم يترك التقرير شيئا إلا وانتقده حتى المواقع الإرهابية والمتطرفة المحظورة فى هذه الدول».
وأضاف الحمادى، فى تصريحاته لـ«صوت الأمة»: «التقرير الأمريكى مُسيس بشكل واضح، وفيه كمية هائلة من التحوير والتضخيم والاتهامات الباطلة تُحرّم على الدول الأربع الحفاظ على أمنها واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وتناست الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وما فعلته كما قالت لأجل الحفاظ على أمن أمريكا»، مستنكرا: «ألم تقصف أمريكا أفغانستان والعراق وتقتل مئات الآلاف من البشر، وألم تنشئ سجن جوانتانامو وسجن أبوغريب وغيرهما من السجون التى لا تخضع لقوانين الإنسانية ولا تعترف بحقوق أى مخلوق؟!.. أم أن أمريكا وحدها لها الحق فى حماية نفسها وغيرها لا ؟!».
بدوره يؤكد الكاتب والمحلل السياسى السعودى، حسن مشهور، أن هناك توجها يتقنع أحيانا بصبغة دولية، ويهدف للإساءة لمصر وصورتها الخارجية وتحديدا فى ملف حقوق الإنسان، وقال فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»: «لعل التقرير السنوى الأخير للخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان فى عام ٢٠١٨ يأتى خير دليل على ذلك، فنحن نلحظ بأن التقرير قد حمل فى طياته شبه إدانة معلنة لمصر كحكومة فى تعاطيها مع ملف حقوق الإنسان وتحديدا مع الأصوات المعارضة لأداء حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبتأمل هذا التقرير ومراجعة جملة من محتواه التعبيرى؛ فسنجده قد ذكر بأن انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر تضمنت القتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسرى، والتعذيب، والتى هى اتهامات لو جربنا تأملها فنجد أنها تمثل اتهاما صارخا لمصر بأنها تمارس خرقا لحقوق الإنسان وتنهج أجندة أمنية غير معلنة للتخلص من خصومها السياسيين ومن الأصوات المعارضة على وجه التحديد، ما دفع الخارجية المصرية لأن تعلن فى بيان لها بأن مصر لا تعترف بحجية مثل هذه التقارير، موضحة حقيقة الأمور وأكاذيب مثل هذه التقارير».
وأضاف: «نلاحظ كذلك التناسق بين التهم التى تأتى بها هذه التقارير وما يبثه الإعلام الإخوانى، فقد أشار التقرير لتهم بعينها يمكن اختزالها فى القول بأن مصر تمارس قيودا غير مبررة على حرية التعبير، والصحافة، والإنترنت، وكذلك تعمل على انتهاك حرية الأفراد فى التجمع السلمى، هذا إلى جانب تلك القيود المفروضة على تأسيس الجمعيات الأهلية، وتسجيل المنظمات غير الحكومية، وهى التهم ذاتها التى يتشدق بها الإعلام الإخوانى البائس بالذات وباقى قنوات التعبير سواء المأجور منها أو تلك التابعة لبعض الأنظمة المتعاطفة مع أجندة الإخوان العدائية للخير والسلام فى المنطقة العربية على وجه التحديد».
وأشار «مشهور» إلى رؤيته بأن هناك محاولات ربما تكون هادفة إلى الضغط على مصر حتى تُغير موقفها، ويكون متناغما مع نبرة الأداء الأمريكى غير المُعلن والهادف لتقييد الدور السعودى المتصاعد فى المنطقة، وتحديدا بعد زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان للصين وإعلانه عن جملة من القرارات التى قد تُفَعَّل مستقبلًا؛ بحيث تجعل الأداء الاقتصادى السعودى وحتى الثقافى منه يدفع باتجاه السير نحو التقارب بقوة مع الموقف الصينى وعلى كل الأُطر، والذى أصبح يقف موقف الندية إزاء الموقف الأمريكى فى عمومه، على حد قوله.
فيما لفت رئيس تحرير صحيفة البلاد البحرينية، مؤنس المردى، إلى أن ما تأتى به مثل هذه التقارير ربما يكون من منظور الدول التى تُصدرها، ولكن لكل دولة قوانينها وقضائها المستقل، وقال فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»: «البحرين عانت من مثل هذه الأمور منذ عام 2011، فبعض من هذه التقارير تتحدث بما يصلها من معلومات وبيانات من ناس يريدون الشر بالبحرين؛ قدموا أنفسهم بأنهم ناشطون أو حقوقيون، ونرى اللعبة ذاتها فى الآونة الأخيرة مع مصر والسعودية».
وأضاف: «أعتقد أن مثل هذه التقارير لها أهداف سياسية يُراد من خلالها إضعاف بعض الدول وفى مقدمتها دول التحالف الأربع، ولَىّ ذراعها ومحاولة إيجاد منفذ للتدخل فى سيادة هذه الدول».