تجنيد الأطفال «بلان بي لداعش».. كيف يخطط الإرهاب لتعزيز صفوفه؟

الجمعة، 22 فبراير 2019 01:00 م
تجنيد الأطفال «بلان بي لداعش».. كيف يخطط الإرهاب لتعزيز صفوفه؟
تجنيد داعش للأطفال- أرشيفية
منة خالد

لا شك أن تنظيم الدولة الإرهابية خسر بشكلِ واضح كثير من قدراته التي طوّرها داخل العراق في الفترة ما بين (2011- 2014)، حتى أنه فقد أيضًا السيطرة على حقول النفط في المدن العراقية وحوالي (80%) من ولاياته، إلا أن التنظيم يحاول في تحدي الانبعاث والتركز في مناطق شمال العراق وسوريا ليحقق انتعاش ناجح لنفسه.
 
يعتبر النقص العددي أهم مأزق يواجه التنظيم، وأزمة كبيرة من أصل (6) مشكلات تكاد تعصف بالتنظيم الإرهابي.. هذا ما أكده كتاب بعنوان: «إدارة التوحش» رصد أبرز المشكلات والمعوقات التي يواجهها التنظيم الدموي وتهدد باختفائه، وكان أولها نقص العناصر البشرية أو «العناصر المؤمنة»، أو نقص الكوادر الإدارية المنضمة لصفوف التنظيم.
 
وبجانب النقص العددي، نجد مأزق آخر يتعرض له التنظيم إثر هزائمه المتلاحقة التي يلقاها في سوريا والعراق.. سنجد أن داعش اضطر لنقل أنشطته إلى خارج الأراضي السورية مع اشتداد المعارك، إلى أماكن تقع في القارتين الأفريقية والأوروبية، مما أدى إلى إضعاف قوة التنظيم، خاصة بعد عملية «فك الارتباط» مع تنظيم القاعدة التي قادها زعيم جبهة النصرة «أبو محمد الجولاني» في يوليو (2017).
 
0

النقص العددي يعصف بداعش.. التنظيم الإرهابي يفتي بضرورة جهاد النساء والأطفال معًا
اضطر تنظيم داعش تجنيد عناصر غير تقليدية من أجل تعزيز صفوفه القتالية والتغلب على المأزق الاستراتيجي الذي يعصف بالتنظيم.. هكذا يوضح المحلل السياسي طه علي أحمد، إذ فسّر طرق التنظيم وأغراضه لتعزيز أعداد مقاتليه وسد النقص العددي بين فصائله، بحيث لم يقتصر الأمر حد الاستعانة بالنساء كجزء أساسي بين صفوف مقاتليه. 
 
واستخدامهن في عمليات التنظيم التكتيكية، وهو أجازته فتاوى التنظيم الصادر من قِبل أمير التنظيم السابق «أبو بكر البغدادي»، في يوليو (2017)، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل لجأ التنظيم إلى تجنيد الأطفال لأسباب لا تختلف كثيرًا عن حالة النساء.
 
يقول «علي»، إن عملية تجنيد الأطفال ارتبطت لدىَ تنظيم داعش ببعدين استراتيجيين جعلا منها «فكرة جذابة» أمام صانع القرار في التنظيم، ويرتبط البُعد الأول بواقع أزمة النقص العددي التي يعانى منها التنظيم، بينما يرتبط البعد الثاني بما تتميز به عملية تجنيد الأطفال، حيث تتسم بعدد من المزايا التي تدفع قادته إلى الاعتماد عليها.
 
وهناك جوانب متنوعة جعلت داعش يلجأ إلى تجنيد الأطفال، تعويض نقص المقاتلين في ظل امتداد خطوط المواجهة بين التنظيم ومناوئيه أو الراغبين في استئصاله لمساحات شاسعة، وعلى جبهات مختلفة، وربط أجيال جديدة بالتنظيم، فأطفال اليوم هم شباب الغد، حيث يراهن التنظيم على رفع المستوى التدريبي للمقاتلين الصغار.
 
ولاسيما مع حداثة أعمارهم، واعتبار ذلك فرصة لتنشئتهم على أفكاره ومعتقداته الدينيَّة والقتاليَّة، ويتيح الأطفال للقادة الميدانيين في التنظيم فرصة لتمويه أعدائهم وخداعهم، إذ يسهل استخدام الصغار في العمليات الانتحاريَّة النوعيَّة دون أن يلفتوا الانتباه، وربط أسر الأطفال بالتنظيم.
 
فقد انتقل بعض المنتمين له إلى الأرض التي يسيطر عليها التنظيم مع زوجاتهم وأطفالهم، وهناك من تزوجوا وأنجبوا أطفالًا فيما بعد، كما يعطى توظيف صغار السن في العمليات الميدانية فرصةً للتنظيم، كي يسوق بعض صور ضحايا حروبه من الأطفال في دعايته الرامية إلى تشويه خصومه.

الخيم الدعوية.. مقرات لممارسة عمليات غسل أدمغة الأطفال
يشير الباحث السياسي إلى تفاصيل تجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم، إذ تقوم ظاهرة تجنيد الأطفال داخل التنظيم الإرهابي، على غرس فكرة رئيسية داخل عقول الأطفال، وهي أن قائد التنظيم «أبو بكر البغدادي» هو مولاهم، وأنهم من دونه كفار مرتدون، وهو ما يتم فيما يطلقون عليه «الخيم الدعوية»
 
هذه الخيم الدعوية عبارة عن مقرات لممارسة عمليات غسل أدمغة الأطفال بشكل كامل، ليقوموا بنقلهم بعد ذلك إلى المكاتب الدعوية، ومن ثم تقديم طلب الانضمام رسميا للتنظيم، فيما يُعرف بالمبايعة.. ثم تأتى الموافقة أو الرفض عن طريق رسالة تُسمى «بريد الدعوة»، والتي تصدر بشكلِ يومي متضمنةً أسماء من تمت الموافقة عليهم.
 
تتم تلك العملية تحت قيادة كل من: «أبو الحوراء العراقي»، ومعاونه «أبو ذر التونسي»، وبعد الموافقة على الانضمام، ينتقل الأطفال إلى معسكرات تنقسم إلى نوعين.. الأول: يبقون فيه (15) يومًا، يتعلم خلالها الطفل معارف شرعية.. كالصلاة، وكيفية الوضوء ودراسة بعض آيات القرآن المتصلة بالجهاد لكن وفقًا للمنظور الداعشي، بالإضافة إلى دورات لتعلم القراءة والكتابة، وتتم بالمعسكرات التي تقع في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
 
النوع الثاني من معسكرات الدواعش للأطفال: يبقى فيها الطفل نحو (40) يومًا، يتعلم خلالها فنون القتال والتدريب على حمل السلاح، وبعد إتمام تلك المرحلة يتم توزيعهم إلى الميدان.
 
ويتبع التنظيم في إطار عملية تجنيد الأطفال العديد من الأساليب التي تعتمد على سياسة التجويع، وإغراء الأهالي بإرسال أطفالهم مقابل المال، وتوزيع الهدايا على الأطفال والسماح لهم باللعب بالأسلحة ومغازلة ميولهم الطفولية، كما يعتمد التنظيم بدرجة كبيرة على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
 
يقول الباحث السياسي إنه يتم تجنيد الأطفال في التنظيم من خلال معسكرات تُسمى «أشبال العز» للتدريب على القتال بين الأطفال المجندين، تراوحت أعمار هؤلاء الأطفال ما بين (7) و(14)، كما تم تشكيل تنظيم كتيبة «فتيان الإسلام»  لتجنيد الصبية والمراهقين في صفوفه، وهنا نشير إلى أن هذا التنظيم يُعد حالة استنساخ لتجربة تنظيم «طيور الجنة»، الذي شكله تنظيم القاعدة نهاية (2007)، لإعداد صبية متمرسين على عمليات القتل، أو للاستفادة منهم في تنفيذ عمليات انتحارية.
 
في (2015)، أكثر الأعوام التي شهدت تجنيد الأطفال في صفوف التنظيم، حيثُ بلغت أعدادهم حوالي 1800 طفل على الأقل غالبيتهم من السوريين، قُتل منهم نحو (350) طفلا، وقام (48) آخرون بتفجير أنفسهم.
 
والعام الماضي شهد تخريج دفعة جديدة سُميت «أشبال الخلافة» من معسكرات داعش بلغ عددهم (175) طفلا على الأقل، إذ تم إرسالهم إلى جبهات القتال في كل من ريف الرقة الذي يشهد اشتباكات بين تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية، وريف حلب الذي يشهد (3) جبهات قتال للتنظيم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة