شارع مصطفى النحاس
الثلاثاء، 12 فبراير 2019 11:04 ص
مرة واحدة بدأت المعدات الثقيلة لحي شرق مدينة نصر، في تجريف الطريق الأوسط الممتد بطول شارع مصطفى النحاس، والذي كان مخصصاً في اتجاهين لأتوبيسات النقل العام والنقل الجماعي بامتداد الشارع، ويبدو أن الغرض هذه المرة هو توسعة اتجاهي الشارع الأساسيين، وأقول يبدو لأن الأمر كالمعتاد متروك للتوقعات المرئية وتخمينات المارة.
باعتباري من سكان مربع سكني موازٍ لشارع مصطفى النحاس منذ سنوات طويلة، وأسلكه من آن لآخر لا يتعدى الأسبوع، أشهد على إهدار المال العام المتوالي كل سنة وأخرى فيه، إعادة هيكلة الشارع الحالية هي الثانية في حوالي خمس سنوات، المرة السابقة كانت بمناسبة إزالة قضبان مترو مدينة نصر بعد إلغائه من الطريق الأوسط بطول الشارع، تمهيداً لتخصيصه لأتوبيسات النقل العام والنقل الجماعي، وما أن انتهى حي شرق مدينة نصر، من تمهيد الطريق وسفلته وإحكامه بأسوار حديدية، تمنع العبور إلا من نقاط محددة آمنة، حتى لاحظنا هدم هذه الأسوار في مناطق متفرقة منه، ولم نجد تفسيرات مقنعة إلا السرقة أو التخريب.
زد على هذا توالي حوادث التصادم المفجعة بطول الشارع عند تقاطعات وتحويلات طريقه الأوسط، والتي لم تكن في مجملها إلا نتيجة تهور سائقي أتوبيسات النقل العام والنقل الجماعي، ومعه انعدام الرؤية عند هذه التقاطعات نتيجة أسوار الطريق الصماء، والضحايا كانوا في معظم الأحوال الأطفال طلاب المدارس الواقعة على امتداد الشارع.
الشوارع الموازية أو العمودية على شارع مصطفى النحاس، لا تختلف أحوالها المتقلبة هي الأخرى عنه، إزالة الجزيرة الوسطى بطول شارع أحمد الزمر الموازي لشارع مصطفى النحاس، بدأت منذ عدة أسابيع بالتزامن مع إزالة طريق النحاس الأوسط، ناهيك عن تحويلات مرورية غريبة في عدة شوارع عمودية عليه، شارع حسن المأمون مثلاً، لم تفلح إلا في زيادة الكثافة المرورية وخلق أزمات خانقة على مدار اليوم، أما أعمال التنفيذ فجميعها يتم بشكل عشوائي، لا تلمس فيه أي ملمح من ملامح التخطيط والتقدير المسبق للأمور، وإزالة المخلفات نتيجة هذه الأعمال يأخذ وقته على الآخر، المط والتطويل والرحرحة سمات تلحظها دائماً في سلوك مجموعات العمل.
إذا عشت ما أحكيه لن تقبل بسهولة أي مبررات لما يحدث بحجة التطوير، فالتطوير يكون لأوضاع استقرت طويلاً، أتحدث عن شوارع كل يوم في حال، في منطقة المفترض أنها تعاني أقل من غيرها في مشكلات الطرق، ولا تسألني عن الكفاءة أو الجودة، مثل هذه المفاهيم لا تزال غائبة عن المحليات.
مأساة شارع مصطفى النحاس، متكررة ومنتشرة في كافة شوارع وأحياء ومدن ومحافظات المحروسة، وبقدر ما نشهد من تطوير في شبكة الطرق السريعة، بقدر ما نشهد من إهمال وإهدار في شبكة الطرق الداخلية، ومعها الطريق الدائري الرئيسي الواصل بين شرق القاهرة وغربها، والذي لم يسلم يوماً منذ نشأته من أعمال الصيانة، والمواطن آخر من يدخل في حسبان الأجهزة التنفيذية إن دخل، حين تقرر في يوم وليلة العكننة عليه دون سابق إنذار بمشروع هنا أو آخر هناك، بل وتعريض حياة الجميع للخطر حين تقوم بأعمالها، دون أي مراعاة لإجراءات وقائية تخص سلامة المارة أو حتى العاملين في المشروع، العشوائية في أبهى صورها.
ملفات هامة كثيرة منحتها الدولة الأولوية في السنوات الخمس الماضية، ولكن ملف المحليات على أهميته لم يأخذ حقه بعد، صحيح أن الرقابة الإدارية تؤدي دورها في مكافحة فساد المحليات، كما أن حملات إزالة التعديات تنشط بين الحين والآخر، لكن الموضوع يحتاج إلى العلاج من جذوره، ونعتقد أنه قد آن أوانه.